تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


على أبواب العيد .. خلل في هيكل المنافسة واستراتيجيات التسويق

قاسم البريدي
اقتصاديات
الخميس 17-9-2009م
العيد وكغيره من المناسبات يفرض سيلا من الأسئلة.. هل طبيعة الأسواق في بلدنا تسهل عملية المنافسة لتصبح الأسعار والجودة للسلع والخدمات الأساسية في متناول الجميع أم أنها تستغل كل مناسبة لصالح التجار والباعة ..

و أيضا.. هل الدخل من جهة والقوة الشرائية من جهة ثانية مسؤولان عن عدم الاستجابة لمستلزمات العيد المعروفة المتمثلة في الألبسة والحلويات والهدايا والمأكولات وغيرها ..أم أن زيادة الطلب وتركيزه على فترة المناسبة والمبالغة به هي وراء كل هذا القلق الطبيعي أحيانا والمصطنع في أحيان أخرى ؟؟‏‏

قانون العرض والطلب‏‏

بديهي أن النشاط الاقتصادي والتجاري محكوم بقوى العرض والطلب، لذلك فإن تغيرات أنماط الطلب في المناسبات المختلفة بما فيها شهر رمضان والأعياد تحتم التغير في أنماط العرض وتوفير المنتجات والخدمات التي تعود بالمنفعة لقطاع الأعمال والمستهلك معا إن لم يوجد خلل أو سلوك احتكاري يؤدي إلى استغلال ارتفاع الطلب في هذه الفترات. وعلى الرغم من عدم تساوي الاستفادة من المناسبات بين مختلف الجهات إلا أن أكبر المستفيدين منها هم تجار التجزئة والخدمات النهائية للمستهلك كالمطاعم وغيرها، حيث إن حجم الطلب الكلي على سلع التجزئة من ملابس ومواد غذائية أو خدمات ترفيه ومطاعم وفنادق وغيرها يرتفع ارتفاعاً كبيراً يتناسب تناسباً طردياً مع مكانة المناسبة لدى الأفراد. وتكمن المشكلة بأن استفادة قطاع تجارة التجزئة في موسم معين ربما تكون تعويضاً للركود الحاصل في فترات ممتدة طيلة العام، بما يؤدي إلى احتساب متوسط الأرباح والخسائر بالاستناد إلى ذلك فقط.‏‏

والأخطر من ذلك هو الخلل في هيكل المنافسة واستراتيجيات التسويق لسلعة معينة أو خدمة محددة كاحتكار قطاع الحلويات من قبل منتج واحد أو قلة من المنتجين المشهورين بهذه الصناعة وعندها فإن أسعار بيع التجزئة للمستهلكين سترتفع إذا تفوق العرض على الطلب بينما في بيئة تنافسية كاملة وحتى مع ارتفاع الطلب، سيتنافس المنتجون ومقدمو الخدمات على توفير الأفضل للمستهلك بما يضمن رفع حصتهم السوقية.‏‏

التنزيلات قبل العيد أم بعده..‏‏

ولئن كانت استراتيجيات تجار التجزئة تختلف من سوق إلى أخرى تبعاً لخصائص المستهلكين ومواسمهم الاحتفالية، حيث إن أكبر تخفيضات في محال التجزئة في الولايات المتحدة تأخذ مكاناً في الأسابيع التي تسبق أعياد الميلاد نظراً للهيكل التنافسي ومرونة الطلب اللذين يحتمان الإسراع في كسب المتسوقين، فإن التخفيضات تبدأ في بلدان أخرى بعد انتهاء المناسبات نظراً لضعف مرونة الطلب من قبل المستهلكين على بضائع التجزئة ونظراً للهيكل شبه الاحتكاري الذي يتم فرضه على المواطنين من قبل المحلات الشهيرة والوكالات الحصرية وغياب دور هيئة المنافسة وكسر الاحتكار فإنه يمكن تأجيل جزء من التسوق لفترة مابعد الأعياد لتخفيف الطلب وعودة الأسعار إلى وضعها الطبيعي .‏‏

فأي النمطين يناسب أسواقنا خصوصا وان هذا العام يختلف عن غيره إذ تزامنت فترة التنزيلات وتمديدها مع العيد ورافق ذلك إعطاء منحة لموظفي الدولة والمتقاعدين يمكن أن تحرك الأسواق بشكل جيد في حال كانت التخفيضات حقيقية ومناسبة من حيث السعر والجودة والموديلات المرغوبة‏‏

اقتصاد الظل‏‏

و تبرز مشكلة أخرى في الأعياد داخل الأسواق الشعبية أو الشهيرة تتمثل بالسلع المقلدة ويقوم مقتنصو فرص الأعياد بتمريرها إلى السوق ورغم حجمهم الصغير ، وأغلبهم يعمل ضمن مايسمى اقتصاد الظل ، فإنهم يؤثرون سلبيا على الأسواق إذ يدخلونها للحصول على أرباح سريعة ويخرجون منها بسرعة بعد المناسبة على حساب المستهلك وجودة السلعة . أما المحلات الناجحة خصوصا تلك التي أصبح لها اسم تجاري محلي شهير أو بترخيص عالمي فإن أغلبها تبقى أسعارها وبضائعها جيدة ومعقولة وهي تعتمد المبدأ الشهير بيع كثير وربح قليل .‏‏

أما الجهات الأخرى خارج قطاع التجزئة فقد لا تتأثر كثيرا باقتصاديات المناسبات والأعياد ، وعلى سبيل المثال تتباطأ وتيرة إقراض البنوك للأفراد لكون منتجاتها ونشاطاتها لاتلقى الإقبال المتوقع في شهر رمضان أو في فترة الأعياد وغالبا ما ترتكز أرباح البنوك التجارية في المناسبات والأعياد على عوائد التحصيل والرسوم المختلفة التي تشمل عمولات بطاقات الائتمان وعمولات استخدام نقاط البيع وعمولات تحويل العملات‏‏

الوعي الاستهلاكي‏‏

أخيرا ..نشير إلى ثلاثة عوامل تؤثر في اقتصاديات المناسبات كرمضان والعيد العامل الأول هو العامل النفسي الذي يعتبر المحرض الأساسي على الإنفاق .‏‏

أما العامل الثاني فهو الاجتماعي المرتبط بأنماط وعادات اجتماعية حسب كل مجتمع ومنطقة مما يجعل الإنفاق أمر لا مفر منه ، ويبقى العامل الثالث الاقتصادي كمحصلة لزيادة الطلب على السلع والخدمات وتستجيب له الفعاليات الاقتصادية بعروض مغرية ومتنوعة وبهذا يزيد الطلب عن العرض وهنا تقفز الأسعار إلى مستويات قياسية ويسميه الناس جشع التجار والمصنعين لكنه نتيجة زيادة الطلب وظهور سعر التوازن الجديد ..والوعي الاستهلاكي يلعب دوره هنا لتقليل الطلب طالما السلع متوفره في جميع الأوقات فإما ان يكون التسوق مبكرا للمناسبات أو يكون لاحقا والاقتصار فقط على الحاجة المنطقية وعدم المبالغة بالشراء .‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية