تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


دوافع أوباما لزيارة إسرائيل

جيروزاليم بوست
ترجمـــــــــــة
الإثنين 1-4-2013
ترجمة: ليندا سكوتي

ما إن حلقت الطائرة التي تقلّ أوباما مغادرةً مطار بن غوريون حتى تنفس كل من الرئيسين الإسرائيلي والأميركي الصعداء على الرغم مما أسفرت تلك الزيارة من تحسن ملموس في العلاقة بين البلدين عبر ما أكده الرئيس الأميركي

من التزام للولايات المتحدة بالدفاع عن أمن إسرائيل بشكل لم يسبق له مثيل وذلك بهدف استدراك حالة فقدان الثقة به من قبل إسرائيل نتيجة لتصرفاته السابقة في مجال استرضاء العرب لاسيما بخطابه الذي ألقاه في القاهرة قبل أربع سنوات بمحاولة منه التقرب من العالم الإسلامي وأخذه بالتوجهات الفلسطينية من حيث المطالبة بتجميد بناء المستوطنات حتى في الضواحي اليهودية في القدس الشرقية والتنديد بالجانب الإسرائيلي فقط وتجاهله رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مراراً وتكراراً.‏

وقد زاد في امتعاض الإسرائيليين ما ورد في خطابه الأول من اعتباره أن قيام دولة إسرائيل كان أحد نتائج الهولوكوست متجاهلاً في ذلك بشكل متعمد 3000 سنة من التاريخ اليهودي.‏

أما خطابه في هذه الزيارة فقد جاء مختلفاً بشكل كامل عما ذهب إليه في السابق حيث تحدث عن وطن قومي لليهود في الأماكن المقدسة الخاصة بالشعب اليهودي الذي يرتبط بهذه الأرض على مدى 3000 سنة، ووصف قيام الدولة اليهودية بالحدث التاريخي الذي ليس له من نظير، وأعقب ذلك بقوله بأن قوة إسرائيل هي الضامن الأكبر لعدم حدوث محرقة مرة أخرى وأكد مجدداً بأن الولايات المتحدة تشعر بالفخر والاعتزاز لوقوفها إلى جانب إسرائيل معتبراً إياها الحليف الأكبر والصديق المخلص واستطرد القول بأن العلاقة بين إسرائيل وأميركا تمثل تحالفا أبديا «لا يمكن فصم عراه».‏

زار أوباما قبر بطريرك الصهيونية تيودر هرتزل وعبر عن شجبه لما تفوه به رجب طيب أردوغان من أقوال حول الصهيونية وبذل مساعيه الحميدة لإعادة العلاقات الطبيعية بين نتنياهو وتركيا لضرورتها ولما تتطلبه الوقائع الاستراتيجية الحالية.‏

كرر أوباما أراءه بشأن التوسع الاستيطاني ودعا إلى تطبيق حل الدولتين الأمر الذي أغضب الكثير من الإسرائيليين خاصة عندما أشار إلى معاناة الفلسطينيين دون أن يربط هذا الأمر بما يحدث من إرهاب وتحريض فضلا عن ثنائه على السلطة الوطنية الفلسطينية باعتبارها شريكا لسلام حقيقي. لكنه وللمرة الأولى يحث الفلسطينيين بشكل صريح على قبول عرض إسرائيل بالتفاوض دون شروط مسبقة، ولم يطلب من إسرائيل تقديم تنازلات أخرى أحادية الجانب لكنه ألمح إلى أن ثمة خطوط للهدنة وضعت عام 1949 الأمر الذي يجعل من تبادل الأراضي بداية لعملية إطلاق المفاوضات. كما أجرى وزير الخارجية الأميركي جون كيري محادثات هدفت إلى إعادة وضع «مبادرة السلام» التي طرحتها الجامعة العربية على الطاولة التي تنص على الالتزام بحدود عام 1967 وعودة اللاجئين إلى إسرائيل.‏

على الرغم من كل ما ذكر، فما زال القلق ينتاب الإسرائيليين إزاء نيات أوباما حيال إيران لكنهم أخذوا يأملون في التوصل إلى حل دبلوماسي عندما كرر بأنه لن يخدعهم البتة وأكد بأنه سيبذل كل ما بوسعه لمنع استمرار إيران في برنامجها النووي دون أن يحدد موعداً لتنفيذ قوله هذا لكن ثمة خشية لدى الإسرائيليين من لجوء الولايات المتحدة إلى عقد اتفاقية جزئية تسمح للإيرانيين بتطوير اليورانيوم المخصب مما يمكنهم من تصنيع القنبلة النووية في وقت قصير.‏

ينظر إلى إيران النووية على أنها تمثل تهديداً للولايات المتحدة الأميركية والغرب وقد صرح أوباما علناً بأن الولايات المتحدة تتقبل وتحترم حق إسرائيل في اتخاذ خطوات ضرورية للدفاع عن نفسها وهي رسالة واضحة إلى الإيرانيين بأنهم في حال تابعوا العمل في برنامجهم النووي فإن الولايات المتحدة لن تحاول منع إسرائيل من توجيه ضربة إلى بلادهم.‏

لا شك بأنه إذا فشل أوباما في منع إيران من تطوير سلاحها النووي بعد وعوده المتكررة بهذا الشأن فإن ذلك سيفضي إلى فقدانه لمصداقيته بين أصدقائه وأعدائه على حد سواء الأمر الذي سيؤدي إلى تشويه تاريخه وسمعته السياسية، وفي مختلف الأحوال سيكون من السابق لأوانه بالنسبة للإسرائيليين الاستنتاج بأن تصريحات أوباما الودية تعبر عن عكس توجهه السياسي.‏

خلافاً لما تصرفه كل من كلينتون وبوش في زيارتهما لإسرائيل يلاحظ بأن أوباما قد نأى بنفسه عن مخاطبة الكنيست باعتبارها الجبهة التي تجسد الديمقراطية في إسرائيل ولم يزر كوتيل وجبل الهيكل وذلك تجنباً للمساس بسياسة الولايات المتحدة التي ترى بأن هذه المناطق مناطق متنازع عليها.‏

يرى الصحفي اليهودي الأميركي جيفري غولدبيرغ، المقرب من أوباما، بأن نظرته إلى إسرائيل أقرب إلى أقصى اليسار الذي تنهجه صحيفة هآرتس من التيار السياسي القائم حالياً.‏

ثمة احتمال باستمرار أوباما في عملية الاسترضاء للأنظمة الإسلامية عبر سعيه للتوصل إلى تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين في إطار حدود الهدنة لعام 1949.‏

لكن من المعروف عنه كونه براغماتياً حيث يعلم بأن استطلاعات الرأي قد بينت بأن الأميركيين اليوم يدعمون إسرائيل بدرجة أكثر من السابق وأن حدوث مشكلات مع إسرائيل سيستدعي بالضرورة حدوث وجود إشكالات له مع الكونغرس الذي يقف حوالي ثلاثة أرباع أعضائه إلى جانب إسرائيل وربما خلص إلى قناعة بأن توجيه إدانات إليها سيفضي إلى نتائج معاكسة لما يرغبه لذلك وجدناه لا يكترث بالنداءات التي صدرت عن أقصى اليسار بما فيهم الإسرائيلين الذين يسمون انفسهم «دعاة السلام» ويطالبون بالضغط على إسرائيل. في الحين الذي بعث به برسالة قوية إلى الإسلاميين.‏

سيعتبر بعض الإسرائيليين بأن ما قاله أوباما ليس في واقعه سوى كلام فارغ المضمون ويحذرون من أن يفضي إلى حجب الرؤية السليمة عن عيون البعض ويجعلهم يتحدثون عن بزوغ فجر كاذب لكن علينا عدم الاستهانة بتصريحاته السياسية إذ لم يحصل أن تحدث رئيس أميركي بهذا المستوى من الالتزام والتعاطف مع إسرائيل والأخذ بالرؤية الصهيونية بهذا الشكل.‏

يتعين علينا الحكم على السياسيين من خلال تصرفاتهم لكن اختيار تشاك هاغل وزيرا للدفاع، والنظرة إلى القضية الإيرانية، والتعاطف مع السلطة الفلسطينية التي يرأسها محمود عباس والتعامل الأميركي مع الأنظمة الإسلامية غير الديمقراطية كل تلك الأمور بمجملها تثير المخاوف والقلق لكن بالمقابل فإن ثمة رسائل صداقة ودعم لا محدود توجه إلى إسرائيل.‏

إن نتنياهو الذي نجح في تشكيل ائتلاف حكومي ينبغي أن يكون سعيداً بما تلقاه من عرض للصداقة مع أوباما. وقد بدا ذلك واضحا بخطابه الذي ألقاه باسم الحكومة وعبر به عن امتنانه للدعم العسكري الأميركي على الرغم من التوترات التي كانت سائدة في العلاقة مع إدارة أوباما.‏

يرى معظم الإسرائيليين ضرورة عدم الاتكال على أي جهة أخرى حتى لو كانت الولايات المتحدة لضمان أمنهم بل يجب الاعتماد كليا على قدرات إسرائيل الذاتية في الدفاع عن البلاد.‏

ونافلة القول فإن التوصل إلى تسوية سلمية لايزال سرابا بعيد المنال لكن من الممكن للحكومة الإسرائيلية الجديدة التحرك لعقد اتفاقيات مؤقتة من شأنها تحسين العلاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.‏

لذلك نرى بأن الضغط على إسرائيل سواء للالتزام بحدود دائمة أو للقيام بتنازلات أحادية الجانب امر غير مجدٍ وعلى إدارة أوباما بذل مساعيها في اتجاه عقد اتفاقات جزئية أو مؤقتة مما يوفر للفلسطينيين مستوى لائقا من الحياة وهذا سيمثل تقدماً ملموساً في العلاقات مع مرور الزمن التي يمكن لها التشجيع على ظهور قيادات فلسطينية معتدلة تبدي استعدادها للتفاوض من أجل التوصل إلى تسوية سلمية شاملة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية