وقدموه لكيان هجين مصطنع ـ يشبه الحركة الصهيونية في طريقة صنعه ومؤتمراته وأسلوب عمله وأعضائه ـ بعدما ادعوا زورا وبهتانا أنه ممثل شرعي ووحيد للشعب في سورية، فلإسرائيل ممثلون عتيقون في هذه الجامعة مارسوا حمايتها ورعايتها والتغطية على جرائمها منذ تأسيسها وحتى اليوم.
كما لم يكن مستغرباً أو مفاجئاً أن تقدم محمية قطر سفارةً أو وكراً أو مقراً لهذا الكيان الذي يدعي تمثيل السوريين في قاعدة أميركية، فقد سبق لقطر أو لقطرائيـــل ـ كما يحلو للبعض أن يسميها ـ أن افتتحت مكاتب تمثيلية للكيان الصهيوني وأقامت علاقات قوية مع حركة طالبان الأفغانية الإرهابية التي تشبه في نشأتها الجزء الأكبر من مكونات «المعارضة السورية» التي تحمل السلاح ضد الدولة والشعب.
فمنذ نحو ثماني وستين عاما لم تستطع الجامعة العربية أن ترتقي لطموحات الشعوب العربية أو أن تحقق جزءاً ولو بسيطاً مما يحلمون به، وكان ثمة شعور لدى أغلب الجماهير العربية بأن للقوى العظمى الاستعمارية ممثلين في داخل هذه الجامعة يكرسون التجزئة والتفرقة والتقاتل بين مكونات الوطن الواحد، بالرغم من محاولات سورية المستمرة لبث روح الوحدة والتضامن بين مكوناتها ودق ناقوس الخطر باستمرار عند كل منعطف خطير يواجه العرب، ولم يكن سراً أن سورية التي حملت على الدوام هموم العرب ودافعت عن قضاياهم ووجودهم منذ استقلالها وحتى اليوم ظلت في عين الاستهداف والتآمر والعدوان الغربي والاستعماري والصهيوني كنتيجة طبيعية لمواقفها القومية ولمقاومتها للمشاريع المشبوهة منذ حلف بغداد وصولا إلى الحلف العربي الأميركي الصهيوني التركي الحالي، وهذا ما يفسر كل هذا الاستشراس والتكالب العربي والغربي ضد الشعب والدولة في سورية.
ومما لا شك فيه أن جريمة إعطاء مقعد سورية الشاغر في «الجامعة القطرية» لموظفين أميركيين وعملاء وحلفاء للصهاينة كانت متوقعة ومخططا لها منذ علقت عضويتها في هذه الجامعة، وقد جاءت بأوامر وإيحاءات أميركية واضحة، كحلقة جديدة من حلقات الحرب الكونية التي تستهدف سورية أرضاً وشعباً ومؤسسات، ولم يكن ثمة من يشك أو يتساءل إن كانت هذه الجريمة ستقع أم لا، بل كان السؤال المطروح ما الذي سيأتي بعدها أو ما الذي سيحدث في أعقابها، وقد تعود السوريون على مدى سنتين من عمر الأزمة المفتعلة أن ثمة كارثة أو جريمة ستقع على الأرض مع كل استحقاق تآمري من هذا النوع بدءاً باجتماعات مجلس الأمن وصولا إلى بعثات المراقبة وتقصي الحقائق الأممية والعربية، فالعديد من المجازر المروعة التي ارتكبتها الجماعات المسلحة الإرهابية كانت تتزامن أو تسبق اجتماعات مجلس الأمن أو استحقاقات أممية أخرى تخص سورية كوسيلة ضغط على المجتمع الدولي من أجل استثمار الحدث بإجراءات أو عقوبات أو ما شابه ذلك ضد الدولة والشعب في سورية، فجريمة اغتصاب فلسطين ـ على سبيل المثال ـ والمجازر التي تعرض لها الشعب الفلسطيني بعد ذلك جاءت استكمالا لقرار التقسيم المشؤوم وبعيد الاعتراف الأممي بالكيان الصهيوني، ولذلك لم يكن مفاجئاً أن تصعد عصابات الإرهاب القطرية والسعودية والتركية من جرائمها واعتداءاتها ضد المدنيين الأبرياء في مدينة دمشق، حيث تم استهداف المدارس والمؤسسات الإعلامية والكليات الجامعية ودور العبادة والمطارات المدنية بقذائف الحقد والإرهاب ليسقط العشرات بين شهيد وجريح استكمالاً للقرار المشؤوم الذي اتخذه أعراب الجامعة وأعطوا بموجبه شرعيتهم المزيفة لعصابات القتل والإرهاب.
وبناء عليه يتوقع السوريون أن يتواصل مسلسل الإجرام والحقد ضدهم، عقاباً لهم على صمودهم ووحدتهم ورفضهم الانخراط في أتون الفتنة التي خطط لها ومولها أعداء سورية، ويدرك السوريون أنه كلما تمسكوا بوطنهم ووحدتهم وذادوا عن حياضه كلما اهتاج هؤلاء المجرمون واستشاطوا غضباً ويأسا وإحباطاً وتمادوا في جرائمهم الإرهابية، ذلك أنهم لا يملكون سوى الإرهاب في أجندتهم العدوانية سبيلا لتحقيق طموحاتهم العفنة، وهذا ما يفسر سعيهم المستميت لاستجلاب كل أنواع السلاح الفتاك واستحضار التدخل العسكري الأجنبي والاستنجاد بحلف الناتو ـ وفق النموذج الليبي ـ ومطالبة الأميركيين بنشر منظوماتهم الصاروخية على حدود سورية لحماية شراذمهم المنتشرة في شمال البلاد من غضب الشعب العربي السوري وجيشه البطل الذي يواصل دك معاقلهم وأوكارهم على امتداد ساحة الوطن.
يعلم السوريون اليوم أنهم يدافعون عن وطنهم ووحدتهم وعن تعايشهم الحضاري، وأنهم يدافعون عن عروبتهم الصافية التي يحاول البعض أن يعرضها للبيع في سوق النخاسة الصهيو أميركي السلجوقي الخليجي، ويعلمون أيضا أن معركتهم المقدسة ضد هؤلاء المجرمين وأسيادهم لا بد أن تكلل بغار الانتصار لأنها معركة حق وشرف وعنفوان ضد أعداء أذلاء تابعين وخصوم لاأخلاق لهم ولا شرف..!!