تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


يكرســــــــــــون الأخطـــــــــاء والمغالطــــــــــات

ثقافـــــــة
الإثنين 1-4-2013
أديب مخزوم

لا شك أن للا نترنت ايجابياته التي لاتعد ولا تحصى،وفي مقدمتها قدرته في إيصال المادة المطلوبة بسرعة مذهلة، وفي المقابل له سلبياته وخاصة في كثرة الأخطاء والمغالطات الناتجة عن فوضى الكتابة والنشر،

في الصحافة الورقية والا لكترونية على حد سواء، و هذه الامبالاة في التعاطي مع النتاج الفني والثقافي، يجب علينا مناقشتها والحد من انتشارها، فالكتابة الصحافية تعني القدرة على امتلاك الحقيقة عبر المعلومات الصحيحة،وهذا ما أصبحنا نفتقده أحياناً، لأن أكثرية العاملين في مجالات الإعلام والثقافة، يتجهون اليوم إلى الإنترنت لأجل السهولة وسرعة التناول. رغم أن المعلومة والصورة المأخوذة عنه تشكل خطراً، وهي بحاجة إلى متخصصين للتدقيق فيها قبل نشرها، لأنها في أحيان كثيرة لاتصدر عن مواقع ومصادر موثوقة.‏

والمغالطات والأخطاء باتت تنتقل من الا نترنت الى الصحافة بشكل يومي، لأن أكثر ما يميز ثقافة النت هو طابعها الاستعراضي والاستهلاكي والترفيهي، وهذه المغالطات إذا استمرت، فإنها ستحول الثقافة المحلية والعربية والعالمية،إلى سلسلة من الانهيارات.‏

وليس صحيحاً أن زمن الأرشيف الورقي، قد انتهى وأصبح من مخلفات القرون الماضية، فالذين يعتمدون على المراجع الورقية، هم الأقل عرضة للأخطاء والأكثر امتلاكا للمصداقية والحقيقة، وهذا لايعني التقليل من أهمية المكتبات الإلكترونية أو ما يسمى بالمعلومات الرقمية التي أصبحت من ابرز واهم سمات هذا العصر.‏

إنه لأمر محزن فعلاً، أن يساهم كل واحد فاشل في تكريس هذه الأخطاء في مجالات الإبداع كافة،فمن غير المقبول والمعقول ان يكون النشر، وخاصة في الإنترنت،نتيجة مزاجات شخصية ومتسرعة ولمصالح ضيقة ومحدودة وبعيدة كل البعد عن الرأي الحر و الموضوعي والبناء.‏

ولقد وصل البعض إلى الفوضى النهائية في هذا المجال، متجاوزين بذلك قدسية وشرف العمل الفني والصحفي، ولم تعد هناك أي إمكانية في المدى القريب، لإعادة الأمور إلى نصابها الحقيقي والطبيعي، وتفادي الأخطاء التي تتكرر دون حسيب أو رادع أورقيب. كما ان أدعياء الفن والنقد يسرقون عن الإنترنت لوحات وأفكار ومقالات وكتب الآخرين، وينسبونها إلى أنفسهم، ولايكاد يمر أسبوع إلا واكتشف فيه سرقات وصور واعمال فنية منسوبة لغير اصحابها، والخطأ الواحد ينشر أحيانا في اكثر من مكان، لأنه قادم من المصدر ذاته - الموقع الإنترنيتي.‏

فإذا كان متصفح الشبكة العنكبوتية الدولية فاشلاً في مجال الكتابة في مجلة حائطية مدرسية، فإنه سرعان مايصبح كاتبا صحافيا ولايتورع عن تدوين انطباعاته،حول الموضوع المطروح عبر سيل من المغالطات والأخطاء التي، يحصل عليها من الإنترنت. وهذه الإشارات السلبية الجديدة،المتمثلة بالدرجة الأولى في بروز جهلة القراءة والكتابة القائمة على معطيات الإنترنت،والذين يكرسون الأخطاء والمغالطات وينقلونها الى مقالاتهم دون ادنى شعور بالمسؤولية.‏

كما أن كتاب الإنترنت لا يصادفون مقالة منشورة في مواقع الشبكة العنكبوتية، تدخل في إطار الموضوع الذي يتناولونه، إلا ويعيدون نشرها في كتبهم التجميعية، والتي يضعون أسمهاءهم عليها من غير حق، لمجرد أنهم يستهلونها بمقدمة متخمة بالكلام الاستعراضي، المستشف في أحيان كثيرة من هامش الدراسات التي كتبها نقاد لا يعترفون بهم، ولا بقدراتهم الإبداعية و الإبتكارية.‏

والأخطر في الموضوع أن مجمل منتجي ثقافة اللامبالاة، ليس لديهم أي شيء مفيد يقولونه للمجتمع، ولو كان لديهم أرضية ثقافية ومعرفية حقيقية، كانوا قد صوبوا لنا هذه المغالطات التي تكتنز بها مواقع ومنتديات الإنترنت وصفحات الفيس بوك،بدلاً من تكريسها وإعادة نشرها بأخطائها الفادحة والشنيعة، وكانوا على الأقل حددوا لنا بعض مواقع الخلل والصواب في حياتنا الثقافية والفنية.‏

ولقد دخلت في العقود الأخيرة الى الساحة الثقافية، أسماء كثيرة دون أن يكون لدى أصحابها،خبرات تؤهلهم لأن يقدموا مواضيع متقنة على الصعيدين المهني والإبداعي. وهؤلاء هم الأكثر عرضة لتكريس الأخطاء، كما أن قراءاتهم لا تلامس الموضوعات التي يعالجونها، حيث تبدو مقالاتهم مفبركة دون إحساس، وبالتالي لاتصل إلى المستوى القادر على الإقناع واستقطاب جمهور القراء المتخصصين، ويزداد هذا الشعور حين نعلم أن الكثير من هؤلاء لم يسبق لهم أن تعاملوا مع الكلمة والإبداع المهني , والعمل الصحفي بالنسبة لهم مجرد وظيفة أو وسيلة ارتزاق.‏

ومع ظهور الإنترنت ازدادت أعداد العاملين والعاملات في مجال الكتابة، وفي كل يوم تنضم إلى قائمة الراغبين والراغبات في دخول عالم الكتابة الصحفية زميلات وزملاء جدد، ولهذه الظاهرة أسبابها الواضحة، وفي مقدمتها أن البعض يستسهلون الكتابة في ظل وجود الإنترنت، ولا تكلفهم سوى وضع عنوان الموضوع على احد محركات البحث والإمساك بخطوط الموضوع الأساسية ومن ثم استنساخه. والإنترنت هو من دون شك الأكثر تطوراً وعصرية وحداثة، وإيجابياته لاتعد ولا تحصى، وفي مقدمتها انه يقدم المعلومة والصورة، بسرعة مذهلة، لدرجة يمكننا معها القول إن الارشيف الورقي قد فقد الكثير من قيمته، بعد ان اصبح الاشيف الرقمي الإنترنيتي بمتناول الجميع.‏

وعلى الصعيد الفني والثقافي إذا كان الإنترنت قد ساهم في التعريف بالفن التشكيلي المحلي والعربي والعالمي، فإنه من جهة أخرى معاكسة قد اتاح وخاصة عبر صفحات الفيس بوك، والمنتديات، لكل من رسم لوحة أوماشابه ذلك، تقديم نفسه للآخرين على انه فنان، تماما كما اتاح للجميع بالإدعاء بإنهم شعراء أو كتاب أو مبدعون، الشيء الذي يساهم في تأزيم الواقع الفني والثقافي، لاسيما وأن معظم زوار الفيس بوك لايهتمون بالقضايا الثقافية الإشكالية والمعمقة،ولايعيرونها انتباها، وغالبا مانجد مساهمة عادية أو لوحة ساقطة فنيا تحوزعلى إعجاب عشرات الزائرين، في حين لانجد عبارة اعجاب واحدة لمقالة تطرح حلولا مقنعة يمكن ان تساهم في إخراجنا من ازماتنا المتفاقمة الحياتية والوجودية والثقافية.‏

(facebook.com(adibmakhzoum‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية