الكاتب والمخرج المسرحي د.محمد قارصلي قال: أشك بأن وسائل الاتصال تستطيع أن تغني الأدب والفكر الحقيقي فهي لايمكن أن تقدم للأدب سوى نشره,
ولهذا النشر جانب إيجابي وآخر سلبي, فهي تنشر الجيد والرديء وربما الرديء أكثر, وتجربة الشباب المدمنين على الانترنيت أصبحت هذه الوسيلة تفرغهم من المحتوى الاجتماعي والثقافي والفكري حتى أننا أصبحنا نسمع بالآلاف من الأسماء على أنها أدباء ومفكرون, لكن في الواقع نتاج هؤلاء لايرتقي للأدب الذي نطمح إليه.
الانترنيت من الممكن أن يكون وسيلة جيدة تسهّل الحصول على المعلومة التي قد تحتاج إلى وقت طويل للحصول عليها من الكتب, لكن بنفس الوقت بما أن هذه الوسيلة متشعبة ويشارك فيها الكثير من الناس قد تتشتت المعلومات وربما قد تكون كاذبة.
وأضاف قارصلي: الفكر والأدب أحد خواصهم هو التأني والتروي وإعادة القراءة, وهذا بعيد تماماً عن الانترنيت الذي هو وسيلة سريعة, فهل ننسى أن ماركيز ظلّ يكتب بإحدى رواياته 17 سنة؟! حتى لمجرد الضغط بيدك على أزرار الحاسب تكون قد سجلت وثيقة باسمك والعودة عنها أو التعديل شيء صعب.
أنا شخصياً لا أؤمن إلا بالقلم والورقة, فعندما كتبت نص (نرجع كالريح) أردت أن استخدم فيه أشعار الشاعر محمود درويش مقابل أشعار الشاعر نزار قباني, وللحقيقة لم استعن بالانترنيت بل عدّت إلى مكتبتي وقلبت صفحات كتبي وربما لو عدت للانترنيت فكان من الممكن أن يضللني.
يجب أن لايُفهم أنني ضد الانترنيت بل أرى أنه يجب الاستفادة منه بشكل صحيح, كما يجب أن يكون هناك آلية استخدام لهذه الوسيلة في البحث عن معلومة أو شخص أو فكرة... وليست التعبير عن الأفكار الإبداعية.
جان: معلومات لا يمكن الاستغناء عنها
الكاتب المسرحي جوان جان قال: يمكن تحديد نوعين من الفائدة التي يمكن أن يقدمها الانترنت إلى المسرح.. الفائدة الأولى مرتبطة بالجانب الإبداعي للعمل المسرحي، وبالتحديد فيما يتعلّق بالنص المسرحي، حيث بإمكان الكاتب المسرحي الاطلاع على أفكار متناثرة هنا وهناك في مواقع الانترنت لإغناء نصّه المسرحي، حسب طبيعة النص وحسب حاجة الكاتب لهذا الاطلاع الذي قد لا يكون ضرورياً في حال وجد الكاتب أن ما لديه من أفكار مكتسبة من خلال قراءات سابقة أو من خلال أحداث حقيقية جرت في محيطه يكفي لصياغة نص مسرحي دون الحاجة إلى ما يقدمه عالم الانترنت.. أما فيما يخصّ الجانب البحثي أو التنظيري أو النقدي أو التوثيقي فإن ما تقدمه مواقع الانترنت من معلومات لا يمكن الاستغناء عنه، خاصة في عالم أصبحت فيه المعلومة متاحة بطرق أكثر سرعة وفعالية وبلغات مختلفة دون انتظار المترجم ليقرأ ويترجم ولجان الرقابة لتجيز والمطبعة لتطبع، فقد يمضي عام كامل كي تكتمل هذه الحلقة بينما يمكن الحصول على المادة المطلوبة من خلال الانترنت خلال دقائق معدودات، وبالتالي فإن العمل النقدي أو التوثيقي سيصل إلى القارئ بسرعة وفي وقته المناسب وقبل أن يمضي على مضمونه وقت يصبح فيه هذا المضمون مفتقداً للفائدة بالنسبة للقارئ.
وأضاف جوان: الأمر مرتبط بطريقة استخدام هذه الأداة الحضارية، فإذا استخدمناها لزيادة معارفنا وتعميق ثقافتنا وتطوير أدائنا فإن الناحية الإيجابية ستفرض نفسها، أما إذا استخدمناها بأسلوب بعيد عن النزاهة والأمانة والصدق فإن الأمر سيبدو سلبياً للغاية.. وبالعموم فقد تعوّدنا في عالمنا العربي على استخدام كل المنجزات الحضارية التي استوردناها بأسلوب أقل ما يقال عنه بأنه أسلوب همجيّ وبربريّ، فالفورة في عالم الاتصال والتي تجلّت في مطالع تسعينيات القرن الماضي في الانتقال من عالم البث التلفزيوني المحدود (المحطات الأرضية) إلى البث التلفزيوني المتعدد استغللناها في العالم العربي أبشع استغلال، إذ بينما أبدع الآخرون الفضائيات الثقافية والمعرفية والطبية والعلمية والوثائقية قمنا نحن من جانبنا بابتداع عشرات قنوات فكّ السحر وجلب الغائب وتفسير الأحلام والتداوي بالجنّ، هذا عداك عن قنوات التحريض ونفس الأمر ينطبق على المواقع الالكترونية وربما بشكل أكثر خطورة من التلفزيون، حيث يتاح فيها المجال لمن هبّ ودبّ لبثّ كتابة ما يريد من ترّهات وسخافات تعكس النفوس المريضة التي تتخذ من هذا المنجز الحضاري متراساً لتوزيع فكرها الأسود والمدمِّر.. وبكل الأحوال لابدّ من ملاحظة أن المواقع الالكترونية الثقافية العربية بقيت إلى حدّ مقبول بعيدة عن أساليب الاستخدام الرديئة لهذه التقنية.
واختتم بالقول: أستفيد كثيراً من المواقع المسرحية والثقافية العربية بما يخصّ عملي في مجلة «الحياة المسرحية» إذ تتيح لي هذه المواقع كمّاً كبيراً من المعلومات والاطلاع على جديد المسرح العربي والعالمي، وأهم شيء في هذا الإطار هو كمّ الصور النادرة لمجموعة كبيرة من المسرحيين العرب والأجانب والعروض المسرحية العربية والأجنبية التي نستفيد منها في المجلة في إغناء المواد النظرية والدراسات والمقالات النقدية بالصور المناسبة.
ammaralnameh@hotmial.com