تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الساعة البيولوجية عند الإنسان .. كيف ننظم إيقاع حياتنا.. نبهان :تحتاج لضبط يومي حتى تواكب حركة العالم الخارجي

مجتمع
الإثنين 1-4-2013
لقاء: فردوس دياب

يمتلك كل إنسان أنشطة بيولوجية معينة تتم وفق جدول زمني شبه ثابت ولا يتغير هذا الجدول إلا بتغير الظروف وتكون عادة التغيرات طفيفة ، فننام في مواعيد شبه ثابتة ونصحو على نفس الإيقاع تقريبا يوميا ونخلد للراحة ونبدأ النشاط بصورة إيقاعية ،

حيث تبين أن هذه الإيقاعات البيولوجية اليومية ليست مجرد استجابة للتغيرات التي تحدث في البيئة الفيزيائية طوال الأربع والعشرين ساعة ولكنها تحدث نتيجة نظام زمني بيولوجي موجود داخل الكائن الحي ويسمى هذا النظام الزمني بالساعة البيولوجية .‏

إيقاع داخلي ..‏

الدكتور يعرب نبهان المحاضر في كلية التربية بجامعة دمشق بدأ حديثه بتعريف الساعة البيولوجية بأنها وجود إيقاع داخلي في الكائن الحي ينظم عملياته الحيوية وهذا الإيقاع يحدث من خلال التقلبات التي تحدث في هذه العمليات داخل كل خلية أو نسيج أو نظام فيزيولوجي ، وهذه الساعة لا تقيس إلا فترة زمنية محددة فهي تشبه ساعة الرمل التي تقيس دورة زمنية واحدة ولكنها لا تعطينا المجموع الكلي لكل الدورات وهذا يعني أنها تقيس تغيرات أربع وعشرين ساعة وهي الوحدة الزمنية المحددة لها ،مضيفا أن زمن الساعة البيولوجية ليس 24 ساعة بالضبط وإنما يتراوح بين 24,5- 24,75 ساعة ولذلك فنحن نحتاج إلى إعادة ضبطها كل يوم حتى نبقى في حالة اتصال مع العالم الخارجي الذي تكون ساعته 24 ساعة .‏

وبين نبهان أن الإنسان في اغلب الأحيان يتحرر في عطلة نهاية الأسبوع من النظام اليومي الذي يتبعه طوال الأسبوع حيث يسهر لساعة متأخرة من الليل أطول مما اعتاد عليه طيلة الأسبوع ، كما يستيقظ متأخرا عن المعتاد ، ومع انتهاء الإجازة وبداية يوم العمل وحين تدق الساعة السابعة صباحا فان ساعتنا البيولوجية تقول إنها الخامسة وليست السابعة ، ولتوضيح هذه المسألة يقول نبهان فلنفترض أن ساعة يدنا تؤخر دقيقتين كل يوم وهذا يعني أنها لو استمرت على ذلك لتأخرت ساعة كاملة كل شهر أي انه في النهاية سيبدأ الإنسان السير وفقا لإيقاعها هي وليس وفقا لإيقاع العالم الخارجي وهذا يعني أنها تحتاج إلى إعادة ضبط يوميا حتى تتزامن مع العالم الخارجي وإلا فالنتيجة أن ساعتنا ليست على علاقة بالزمن الخارجي .‏

الضوء والظلام يضبطانها ..‏

وأشار نبهان إلى أن المنطقة المسؤولة عن الساعة البيولوجية في الجسم تقع في مجموعة خلايا تسمى الهيبوثلاموس التي تقع فوق منطقة التقاطع البصري وهذه الخلايا تستقبل إشاراتها من شبكية العين بطريقة مباشرة وغير مباشرة وهي سيالة عصبية تحدث التزامن بين معلومات الضوء والظلام الخاصة بهذه الخلايا وتعد دورة الضوء والظلام هي العامل السائد والمنظم للإيقاع اليومي على الرغم من أن بعض المؤشرات الاجتماعية تلعب دورا هاما في ذلك .‏

وأوضح نبهان أن هناك أناساً يكونون في قمة نشاطهم ووعيهم في الصباح ويعرفون بأنهم أشخاص من النوع الصباحي وهناك آخرون يكونون في قمة نشاطهم في المساء ويفضلون نوم الصباح ويعرفون بأنهم أشخاص من النوع المسائي ، وهناك نوع وسط بين الفريقين حيث هناك عوامل جينية تتحكم في ذلك كثيرا، بالإضافة إلى عوامل خارجية أهمها الضوء والضجيج تحافظ على انضباط الساعة البيولوجية للجسم أو إيقاعه اليومي كما أن اضطراب الساعة البيولوجية هو احد المشكلات التي تسبب اضطرابات النوم وقد ظهر حديثا عدد من الأبحاث تؤكد وجود علاقة بين وقت أو موسم الولادة وبين الاختلاف الملاحظ بين الأشخاص في وقت النوم والاستيقاظ .‏

وأشار نبهان إلى دراسة حديثة أجريت في كندا حيث بينت أن نسبة اكبر من المولودين في فصل الخريف يفضلون الاستيقاظ مبكرا والنوم مبكرا ، في حين أن نسبة اكبر من المولودين في فصل الربيع يفضلون الاستيقاظ متأخرين والنوم متأخرين ، كذلك لم يوجد فرق بين فصلي الصيف والشتاء حيث ارجع الباحثون ذلك إلى أن فترة النهار خلال الخريف اقصر بكثير من فترتها خلال الربيع أي ان تعرض المولود للضوء خلال الخريف يكون اقل ، أي أن التعرض للضوء هو العامل الأساسي في تحديد الساعة البيولوجية ومستوى هرمون النوم حيث أن الضوء يؤدي إلى توقف إفراز هرمون النوم وقد فسر الباحثون أن المولودين في الخريف تحتفظ أجسامهم بحساسيتها للضوء أكثر من المولودين في الربيع لذلك يفضلون الاستيقاظ في النهار حين يزداد الضوء والنوم بالليل حين يقل الضوء ، مضيفا أن الساعة البيولوجية مدعمة ذاتيا وتعمل بصورة فطرية وان المؤثرات الخارجية تعمل في إطار إعادة ضبط الساعة مع زيادة أو نقص الدورات البيولوجية الضوء والظلام اليقظة والنوم والضوضاء والسكون، تعمل هذه المؤثرات على إعادة تكيف الساعة البيولوجية مع الدورة البيئية السائدة وذلك عن طريق التغير الكمي والنوعي في الجينات التي تتحكم في ضبط الساعة البيولوجية مما يؤدي بدوره إلى متغيرات في الوظائف العضوية للسلوك .‏

مكتسبة بالوراثة ..‏

وقال نبهان إن الإيقاع الدوري البيولوجي يمتاز بعدة خصائص منها انه غير مكتسب ومحددا أصلا بالوراثة وثابت داخل الجنس الواحد ولا يتوقف وجوده على العوامل الخارجية مثل الضوء والظلام ولكن يتكيف معها بتغيرات تتناول مدة الإيقاع بالزيادة والنقصان وتعمل كل الأجهزة والوظائف والأعضاء ضمن خطة شاملة متوازنة هدفها خدمة سلامة الجسم و حياته ، فمثلا ينشط أثناء النهار الجهاز العصبي و القلب والدورة الدموية والتنفس ويزداد إفراز الهرمونات التي توفر الطاقة مثل الكورتيزون والهرمون المحرض لإفراز الكورتيزون قبله بساعة وأثناء الليل يزداد نشاط الإفرازات التي تؤدي إلى راحة واسترخاء أجهزة الجسم لتعزيز دفاعات الجسم كما يقل هرمون الكورتيزون ، وبالتالي تنشط وسائل المناعة حيث يتلاشى التأثير المثبط للمناعة لهذا الهرمون وتتولى الساعة البيولوجية توجيه الإيقاع الدوري والتصميم الزمني بشكل ثابت ومنسق حيث تقود هذه الساعة جينات تتأثر بدورة الظلام والضوء فتنخفض مع الضوء الساطع وتزداد في الظلام فإذا زادت كميتها تتحد معا ثم تقوم عن طريق التغذية الاسترجاعية بوقف نشاط الجينات التي صنعتها ثم تتحلل ثم تبدأ الدورة من جديد.‏

وختم نبهان حديثه بالقول إن ظروف العمل والسفر لها تأثير كبير على الساعة البيولوجية مثل نوبات العمل الليلية والسفر بالطيران لمسافات طويلة مع وجود فوارق في الساعات والسهر ليلا والنوم نهارا والإجهاد القلبي والعضلي .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية