تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الموجة الثانية لـ «الربيع العربي»

معاً على الطريق
الثلاثاء 5-11-2019
د. عبد الحميد دشتي

أصبح توصيف ما يسمى بـ (الثورة) في لبنان بأنها محقة أو ثورة جياع من الماضي، فلا أحد يختلف على أن المواطنين المسحوقين والمحتقنين من الرأسمال المتوحش هم على حق،

لكن من السذاجة بمكان أن نقرأ تلك الأحداث المؤسفة بمعزل عما يجري في المنطقة ومنها العراق في هذه الأيام، بعد أن تم تحريف الحراك إلى أماكن معروفة بقيادة الغرف السوداء التي تحركت سريعاً ضمن خطط وخطوات قامت بها طبق الأصل في أوكرانيا وجورجيا، وهي تريد أن تصل الأمور إلى الفراغ الذي لا يخلف إلا الفوضى والدمار، الأمر الذي يتيح للاعبين الأبالسة بأن يتحركوا بسهولة في ساحة طائفية بامتياز، لا يمكن أن تحدث فيها ثورات حقيقية كما هي معروفة في التاريخ، حيث حملت كل منطقة مطالبها التي تحمل أجندات داخلية لتصفية حسابات شخصية انتفاعية ولتحقيق مآرب خارجية تستهدف المقاومة وبيئتها لتفتيتها وضربها.‏

ولم تعد الدول التي تتوسط عادة لمنحها القروض للقيام بالإصلاح مثل فرنسا قادرة على إقناع الدول المانحة بضخ أي أموال لأن تلك الدول تعرف أنها ستذهب إلى جيوب الفاسدين..‏

وحتى لا نغرق في التفاصيل اللبنانية، سواء بعد استقالة حكومتها أم بعد تشكيلها الذي سيأخذ وقتاً على قاعدة المحاصصة الطائفية والحزبية أو كما قال رئيس الجمهورية حكومة ذات كفاءة لا ولاءات فيها للأحزاب دون أن يبين من أين يأتي بمثل هذه الحكومة وهل يستطيع فيما لو وجد من هو قادر على التصدي لحيتان المال وما هي آلية استعادة المال المنهوب منذ ٣٠ سنة، علينا أن نكشف ماذا فعلت (غرف الثورات) باستخدام NGO وخاصة المتمولة أو ما يسمى بالكونغوز في الحراك اللبناني، مستغلة وجع الناس وغرائزهم، بهدف تحجيم المقاومة وإخراجها من الحكم، وهذا ما تقوم به اللوبيات الاسرائيلية في أوروبا ودول عربان النفط، ولا يمكن أن يتحقق هذا المطلب المستحيل إلا بقطع الطريق بين المقاومة وسورية التي آذنت على الانتهاء من العدوان الكوني كما أوضح الرئيس بشار الأسد حاسماً خياراته في مواجهة التركي وفي استعادة الأكراد إلى حضن وطنهم، وبعدها ينهي معركة إدلب نهائياً.‏

كل المؤشرات في لبنان تتجه إلى الفراغ والفوضى ولا نبالغ إذا قلنا (الحرب الإهلية) التي تكمن منذ أمد بعيد وتؤسس كل ميليشيا دولتها في مناطقها. أما الشمال أي طرابلس وعكار فهي تسير دون هوادة بدعم تركي - قطري لإقامة الدولة الإسلامية، وما التحيات التي وجهت من متظاهري طرابلس إلى إرهابيي إدلب إلا دليل على ذلك، ثم إن الظروف أصبحت سانحة بعد مقتل البغدادي على الطريقة الأميركية ورمي بقاياه في البحر كما فعلت مع بن لادن، وهذا ما يعطي (الدواعش) دفعاً للثأر.‏

كل هذا يتزامن أيضاً مع ما يجري في العراق حيث حركت أتباعها ضد إيران بعد أن انتصرت لصالح قيام الدولة وأصبح لها كلمة مسموعة في دولة تعتبر ثاني أكبر دولة نفطية في العالم، مستغلة ما يعانيه الشعب العراقي جراء جشع بعض المنتفعين الذين كونوا ثروات هائلة.‏

لا شك أن تسارع الأحداث يجعل المراقبين في حيرة من قراءة الواقع، لكن في كل الأحوال فإن مثل هذه الأحداث التي تقودها أميركا وأتباعها الأوروبيون مآلها الفشل، تماماً كما حدث في سورية، والخلاصة أن الموجة الثانية من الربيع العربي تجر أذيال الخيبة بعد أن تجرعت الهزيمة في العراق وسورية واليمن.‏

وإن غداً لناظره قريب...‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية