ولكنها لم تواجه سوى خيبات الأمل والهزيمة على أيدي المقاومين الأبطال، الذين مرغوا سمعتها وقدراتها بالوحل، فعادت لإحياء مشروعها الاستعماري القديم في ما كان يسمى حديقتها الخلفية «أميركا اللاتينية» ومن البوابة الكولومبية تحديدا وخاصة بعد أن طردت من الاكوادور وأغلقت قاعدتها العسكرية الجوية فيها بقرار من حكومتها الوطنية التقدمية التي رفضت تجديد العقد مع واشنطن بإبقاء قواتها في هذه القاعدة.
فسارعت إلى كولومبيا مستغلة وجود نظام موال لها فوقعت معه اتفاقية تسمح لها باستخدام سبع قواعد عسكرية على أراضيه تحت ذريعة منافقة (مكافحة المخدرات والارهاب) وهذه القواعد هي ثلاث قواعد جوية وقاعدتان بريتان وقاعدتان بحريتان، اضافة الى القاعدتين القديمتين المتمركزتين في الأرض الكولومبية، وتتيح الاتفاقية للولايات المتحدة مراقبة المنطقة جوا وخاصة مراقبة فنزويلا المجاورة وعدد من دول أميركا اللاتينية التي تصفها الأوساط الحاكمة في البيت الابيض بالدول المارقة المتمردة بل بالدول الحاضنة للإرهاب وكان من حق دول المنطقة أن تعتبر هذه القواعد العسكرية موجهة ضدها ولاسيما ان الولايات المتحدة لم تتوقف عن تصعيد حملتها الاستفزازية ضد فنزويلا واتهامها بدعم القوات الثورية الكولومبية «فارك» والتي تقاوم النظام العميل الذي يقوده أوريبي وردت فنزويلا بشجاعة على هذه الاستفزازات فهددت بتأميم المصالح الكولومبية وقطع العلاقات الاقتصادية معها في حال استمرارها بهذه الاستفزازات واعتبر أوغوشافيز، أن الولايات المتحدة تعمل لتحويل كولومبيا إلى «إسرائيل» ثانية في القارة الأميركية اللاتينية بجعلها قاعدة عسكرية لها، أدت إلى تصعيد التوتر في أميركا اللاتينية بمجملها وهذا ما دفع الرئيس شافيز للتصريح بهذه المناسبة أن شعوب أميركا اللاتينية لن تسمح بتحويل كولومبيا إلى «إسرائيل جديدة» في المنطقة واعتبر فيدل كاسترو الاتفاق العسكري الأميركي- الكولومبي أنه تهديد مباشر لأمن واستقرار أميركا الجنوبية وخاصة فنزويلا البوليفارية، ووقفت ضد الاتفاقية البرازيل والاكوادور ونيكارغوا وبوليفيا التي رأت فيها محاولة أميركية جديدة للتواجد الكثيف في المنطقة وتحويل كولومبيا إلى قاعدة للتآمر وحبك الانقلابات العسكرية في الدول المناهضة لها وما جرى في الهندوراس هو نتيجة للتآمر الأميركي على هذا البلد الذي وصل رئيسه إلى السلطة عن طريق صناديق الاقتراع وبالاساليب الديمقراطية حتى وفق المعايير الغربية.
لقد حاول الرئيس باراك أوباما التخفيف من أهمية هذه القواعد وأهدافها عن طريق التلاعب بالكلمات واصفا هذه القواعد بأنها مؤقته وهدفها محاربة تجارة المخدرات والإرهاب ولكن السيد أوباما وكما هي عادة رؤساء البيت الابيض يتهمون كل مقاومة وطنية أنها ارهابية، والأكثر ان الرئيس الاميركي يستخف بعقول الآخرين معتقدا ان شعوب اميركا اللاتينية لم تنتبه إلى إقدام الولايات المتحدة على إعادة إحياء اسطولها الرابع الذي يتمركز أمام سواحل القارة الاميركية اللاتينية بمهمه وحيدة وهي ضرب حركات التحرر الوطني في القارة. وتنظر دول اميركا اللاتينية إلى كل هذه الخطوات الاميركية على أنها محاولة جديدة لإيقاف المد الثوري المناهض للامبريالية الاميركية في هذه القارة التي تعاني التخلف والفقر والجوع بسبب نهب خيراتها من قبل الشركات الاحتكارية الاميركية الكبرى والتي لم تعد شعوب القارة تتحملها فاختارت زعماء وطنيين يقودون شعوبهم نحو الحرية والانعتاق من تحكم الامبراطورية الاميركية بمصائرهم، وكان شافيز قد ندد بزيارة وزير خارجية الكيان الصهيوني ليبرمان إلى عدد من دول أميركا اللاتينية، التي اعتبرها شافيز زيارة عدوانية موجهة ضد بلاده وخاصة ان ليبرمان ادعى وجود خلية لحزب الله تقوم بنشاط في منطقة حدودية بين كولومبيا وفنزويلا، وهذا الادعاء اعتبره شافيز تحضيراً لعدوان على فنزويلا، وتدخلا سافرا من قبل «اسرائيل» بشؤون القارة اللاتينية وخدمة لمصالح الامبريالية الاميركية في تلك المنطقة، ورد شافيز كما هو معروف على ادعاءات ليبرمان بقوله: إن هذا الوزير شخص نصاب فهو يواجه تهما بالتزوير وغسل الأموال وهو لايعدو أن يكون زعيم مافيا. وهو الذي أمر بقتل آلاف الفلسطينيين من الأطفال والنساء والأبرياء.
ان شعوب أميركا اللاتينية التي نهضت من جديد في وجه اليانكي الأميركي، لن تسمح، مرة أخرى أن تعود قارتها إلى حديقة خلفية مستباحة للولايات المتحدة الاميركية.