الإرهاب..و المهازل الكارثية
شؤون سياسية الجمعة 11-9-2009م محمد كشك ثمانية أعوام مضت على أحداث الحادي عشر من أيلول، وقراءة الأحوال تؤكد بل وتثبت يوماً بعد يوم أن ظاهرة الإرهاب لم تعد قاصرة على منطقة دون سواها بل أصبحت ظاهرة عالمية
وبالنظر لبشاعة استغلال هذه الأحداث فقد أفرز ذلك تبعات وانعكاسات شديدة المفعول على الوضع العالمي في شقه السياسي والاقتصادي والعسكري والثقافي وحتى الإنساني ناهيك عن المخالفات والآثار التي أحدثتها على الصعيد العربي وعلى العملية السلمية في الشرق الأوسط بصفة عامة وعلى القضية الفلسطينية بصفة خاصة، فهذه إسرائيل وعلى رأس قيادتها من هو معروف بعدائه الشديد للعرب والمسلمين والذي لا يتورع في استغلال أحداث واشنطن ونيويورك للتمادي في غطرسته القمعية والاستمرار في ممارسة «إرهاب الدولة» الذي بلغ ذروته القصوى ضارباً عرض الحائط بكل المواثيق والأعراف، والقرارات التي أقرتها الشرعية الدولية، فمن تهديم المنازل وتدمير المنشآت والبنيات التحتية وتجويع الفلسطينيين وقتل الأبرياء نساءً وشيوخاً ورضعاً وتهويد الأراضي المحتلة بصورة متطورة وسافرة، أصبح الكيان الصهيوني يجد لذة كذلك في الاعتقالات والاغتيالات الفردية للقيادات الفلسطينية متمادياً وبكل تعنت في اقتراف حرب إبادة انتقائية وجماعية ضد الشعب الفلسطيني كما يواصل جرائمه في جنوب لبنان والجولان السوري.
لقد ظلت سورية تؤكد منذ أمد بعيد ولا تزال بقيادة الرئيس بشار الأسد على عدم خلط الأوراق بين المقاومة والإرهاب، بل ونادت بضرورة محاربة الإرهاب بجميع أشكاله وصوره بما فيه إرهاب الدولة وبما ينسجم مع مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، أجل لقد كانت سورية أول من دعا على لسان القائد الخالد حافظ الأسد عام 1985 إلى عقد مؤتمر دولي بإشراف الأمم المتحدة لتحديد مفهوم الإرهاب والتمييز بينه وبين نضال الشعوب في سبيل التحرر الوطني وإنهاء الاحتلال وتقرير المصير، وهذه قيم تقرها كافة الشرائع السماوية والشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ومنظماتها.
إن الواقع المأساوي الذي يشهده العالم اليوم جراء أحداث أيلول واستغلال ذلك بصورة بشعة -كما أشرنا- يحتم بالضرورة تطوير القرار رقم /1373/ الصادر عن مجلس الأمن على نحو يأخذ في الاعتبار ضرورة وضع تعريف محدد للإرهاب يصف الظاهرة على نحو يتفق وفعل الإرهاب القائم على ترويع الآمنين بغير وجه حق ويستند في إجراءاته على قواعد ومبادئ القانون وعدم التغول على الحقوق الأساسية للإنسان وفي مقدمتها حق التحرر من عنف الاستعمار وبطش الاحتلال، إضافة إلى أن آليات التنفيذ والمراقبة يجب أن تناط حصراً بالمجتع الدولي ممثلاً في الأمم المتحدة كما أن مكافحة الإرهاب ينبغي أن تكون مسؤولية دولية يكون إطارها العام ميثاق الأمم المتحدة والمواثيق المنبثقة عنه وعلى نحو خاص الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان، لقد آن الأوان أن ينهض المجتمع الدولي-بما فيه العالم العربي الذي لحق به أكبر الضرر- أن يضع حداً لهذه المهزلة الكارثية التي لا يزال مشتغلوها «الكبار وأعوانهم» يفتكون بالبشرية.
|