وبين (فن) التهريج الذي يتخصص به ممثلون بارعون خصوصاً العاملين في السيرك مهمتهم إضحاك الجمهور بتقنيات يتقنون توظيفها وأصبحت هذه التقنيات اليوم تدرس في المعاهد.
الإضحاك المهمة الرئيسية للمهرج وتعرف (الكوميديا) بأنها تلك المسرحيات التي يكون محرضها الرئيس إثارة الضحك ولها نهاية سعيدة.
يوضح أرسطو في كتابه فن الشعر بأن الكوميديا محاكاة لأشخاص (أردياء) أي أقل منزلة من المستوى العام ولا تعني (الرداءة) هنا السوء والرذالة وإنما هي نوع خاص من الشعر المثير للضحك.
ويقال: إن الممثل في (الكوميديا) يمثل من عقله وإلى عقول المتفرجين ثم قلوبهم حيث تتحقق المتعة الذهنية وإذا ما خلت الكوميديا من المتعة الذهنية تتحول إلى تهريج.
يذكر التاريخ أنه كان للملوك والنبلاء والحكام (شرقاً وغرباً) وفي بلاد العرب والمسلمين مضحكوهم (البهاليل) والمخنثون وكانوا يحظون بالاحترام والتكريم لأنهم يسلّون أسيادهم، وتميز هؤلاء بالموهبة والبراعة في الرقص والحلقات البهلوانية ويمتلكون الفطنة إلى جانب الخفة والوقاحة.
كان (البهلول) يحمل صولجاناً برأس منحنٍ وبه شراشيب وبعضهم كان يرتدي قلنسوة وبها ما يشبه أذن الحمار وفي سترته ما يشبه الذيل ليكون موضع سخرية الآخرين.
وفي المسرح الانكليزي القديم كان (المهرج) يحظى بالامتيازات والتقدير وقد رفع شكسبير من شأنه حين أعطاه دوراً مهماً حين أعطاه دوراً ينطق بجمل تحمل الحكمة واستخدمه كوسيلة للتنفيس عن المتفرجين والتخفيف من التراجيديا مثال: (حفارو القبور) في مسرحية هاملت و(البهلول) في مسرحية الملك لير و(المهرج) في مسرحية عطيل.
وفي المسرح القديم كان المهرجون في فرق (الكوميدياري لارنا) الإيطالية الرحالة، وهو شخصية الخادم الذي يجمع الفطنة والغفلة والبارع في الرقص والحركات البهلوانية، وقد تطورت شخصية (الأرلكينو) هذا عبر التاريخ حتى أصبح بطلاً رومانتيكياً وشعبياً في مسرحيات (البانتومايم) ويظهر بحالة مأساوية ليضحك الناس وقلبه مكسور.
واعتمد الفيلم السينمائي الصامت في بداية القرن العشرين على مثل ذلك المهرج المأساوي مثل الفنان العظيم (شارلي شابلن) النموذج الإنساني لمعاناته في المجتمع الرأسمالي.
ولدينا هنا صنفان للتهريج الأول سطحي لا يترك أثراً في العقل أو النفس يلجأ إليه من لا يريدون سوى الإضحاك على حساب القيم والثاني عميق مهذب يؤثر في العقل والنفس يلجأ إليه من يريد نقد ما هو سلبي في المجتمع ورفض ما يسيء إلى إنسانية الإنسان.