ضمن هذا المجال قامت الهيئة السورية لشؤون الأسرة بإشهار بحث «دور الرجل في الصحة الإنجابية» في مقر الهيئة ضمن إطار ورشة عمل قدمت عرضاً موجزاً للبحث من حيث المنهجية والنتائج وتكمن خصوصية هذا البحث في تسليط الضوء على دور الرجل «الزوج» في مسائل الصحة الإنجابية ولاسيما ما يتصل منها بتنظيم الأسرة، وتحاول الدراسة التي عرضها الدكتور أكرم القش مدير المعهد العالي للبحوث والدراسات السكانية أن تتعرف على دور الرجل في صناعة قرار الصحة الإنجابية داخل الأسرة السورية المستند إلى مفهوم النوع الاجتماعي أو النظرة السائدة في المجتمع المحلي وتلمس محدداتها وربطها بتمكين المرأة والمساواة والعدالة بين الجنسين وحرية الاختيار، شارك في الورشة عدد من أساتذة الجامعة في كليات التربية والطب وعلم الاجتماع وممثلون عن الجهات المعنية من وزارة الأوقاف والصحة وهيئة التخطيط والتعاون الدولي والمكتب المركزي للإحصاء، والاتحاد النسائي وجمعية تنظيم الأسرة السورية والهلال الأحمر السوري والمعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية بغرض المشاركة في مناقشة منهجية الدراسة ونتائجها وتقييمها وإتاحة معرفتها لأكبر عدد ممكن من المهتمين. على هامش الورشة كانت لنا وقفة مع عدد من المشاركين.
د. إسعاف حماد: الدور تشاركي وتكاملي للرجل والمرأة
الدكتورة اسعاف حماد أستاذة علم اجتماع بجامعة دمشق أكدت أهمية هذه الدراسة وخاصة تأكيدها دور الرجل في الصحة الانجابية ولأن العادة جرت دائماً في فهم خاطئ شائع أن المرأة هي الأساس في عملية الصحة الإنجابية، لكن يفترض أن نركز على الدور التكاملي للمرأة والرجل.. مع الأسف كانت الدراسات السابقة تهمل دور الرجل ويتم التركيز فقط على دور المرأة بالتالي مجتمع كمجتمعنا الشرقي دور الرجل فيه هو الأساس وصاحب القرار في كل شيء فما بالك فيما يتعلق بقرارات الإنجاب وعدد الأولاد وتنظيم الأسرة، من هنا يفترض أن نولي دور الرجل الأهمية الكبرى ونعمل على تفعيل هذا الدور بالتكامل مع جهات متعددة وخاصة مع رجال الدين، لأن الكثير من الرجال لديهم الفهم الخاطئ في هذا المجال، لذا يجب العمل على هذا الجانب وتفعيل الدور التوعوي إضافة إلى تمكين المرأة تعليمياً وسياسياً واقتصادياً لتكون مشاركة بشكل فعال في عملية القرار، والدور هو تشاركي وليس لطرف أن يكون دوره أكثر من الطرف الآخر.
مكونات التنمية تتراجع بسبب الأزمة
أ. أحمد كيلاني مدير السكان والصحة بهيئة التخطيط والتعاون الدولي بيّّن أن البحث ينطلق من مكون أساسي من مكونات الأسرة والصحة الإنجابية لذلك اعتدنا عندما نذكر الصحة الإنجابية أن يذهب ذهننا إلى النساء مباشرة لكن من خلال الأبحاث والدراسات اتضح أن للرجل دوراً مهماً وأساسياً في السلوك الإنجابي التي تختاره الأسرة إذ لابد من خلال النتائج التي تمخضت عنها هذه الدراسة أن يكون هناك برامج تتجه إلى الذكور كما تتجه سابقاً إلى الإناث وذلك لأن السلوك الإنجابي هو مكون أساسي من مكونات الخصوبة بالتالي الخصوبة هي أيضاً من المؤشرات المهمة جداً التي تدخل في معدل النمو السكاني حيث إن معدل النمو السكاني من المعدلات المرتفعة عالمياً ولكي نستطيع أن نخفض معدل هذا المكون لابد أن نشتغل على عدة محاور، أهمها هو موضوع تنظيم الأسرة والسلوك الإنجابي، بالتالي يجب التوجه إلى كافة مكوناته الزوج، الزوجة، الشاب، الشابة، بمختلف درجاتهم العلمية ومكوناتهم الأسرية وبهذا نستطيع أن نصل إلى أسرة منظمة أسرة أفضل معيشياً وتربوياً وعلمياً وثقافياً وأضاف كيلاني: إن جميع المكتسبات الدوائية والصحية والتعليمية ومكونات التنمية البشرية بشكل عام بدأت تتراجع إلى الوراء بسبب الأوضاع التي تمر بها سورية وأعمال التخريب الممنهج للبنى التحتية للوطن بالتالي اعادتها إلى ما كانت عليه تحتاج ربما إلى عقدين أو أكثر من الزمن.
د. عرابي: فلسفة جديدة بالتوجه للرجل
أما الدكتور طلال عرابي أستاذ علم اجتماع بجامعة دمشق فأوضح أن البحث يهتم بفلسفة جديدة هي التوجه نحو الرجل، ولأن رأيه مهم فلابد من أخذ رأيه الذي يسهم بشكل فاعل في التعامل مع القضية السكانية: نحن وجدنا في نتائج البحث 45٪ عاطلين عن العمل في فئة الشباب ومجموعة كبيرة غير متعلمة، فإذا كان هؤلاء من يؤثر في تنظيم لأسرة وبنائها فمن الضرورة التوجه إلى هؤلاء والتعامل معهم بطريقة تصوب أفكارهم وأضاف عرابي: إن الدراسة عرضت أن الراغب في عدد الأولاد سبعة وما فوق هم 20٪ من السكان وخمسة وما فوق أيضاً 20٪ ومن يرغب بولد أو ولدين هم 16٪ هذا يعني أن الغالبية العظمى من السكان ترغب بعدد كبير من الأولاد، وأيضاً هناك أكثر من سبعين بالمئة يرغبون في انجاب الذكر حتى لو كان لديهم سبع أو أكثر من الإناث هذا يعطينا مؤشراً إلى أهمية التوجه نحو الذكر وليس الأنثى وذلك في حد ذاته بالتعامل مع القضايا السكانية بالتالي الجهد الذي بذل في البحث يعطينا مؤشرات عن توجهات الناس وهذه التوجهات ضروري معرفتها من قبل الباحثين ومن قبل أصحاب القرار... بالتالي الأوضاع التي نمر بها هي مؤقتة، والتوجه التنموي نحو السكان هو دائم ونحن بأمس الحاجة للتعامل مع هذه القضايا.