تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الفئة الضالة

نافذة على حدث
الثلاثاء 26-3-2013
عبد الحليم سعود

لا نبالغ إذا قلنا أن العمل الإرهابي الجبان الذي استهدف العلامة الشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في جامع الإيمان بدمشق كان الأسوأ والأفظع من بين الأعمال الإجرامية التي ارتكبت في سورية منذ بداية الأزمة،

رغم كثرة الأعمال المقززة التي اقترفتها العناصر التكفيرية والإرهابية بحق السوريين والتي وصلت في انحطاطها حد استخدام الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً وأخلاقياً وإنسانياً.‏

فهذا العمل الجبان يشكل جريمة بشعة من حيث استهدافها ومكانها وطريقتها، لأنها استهدفت قامة وطنية شامخة وعلم بارز من أعلام الدين الإسلامي وهو يفيض بعلمه وفكره على تلامذته ومريديه، ولأنها استهدفت بيتاً من بيوت الله وهو يحتضن حلقة علمية، ولأنها نفذت بواسطة مجرم حاقد استخدم جسده القذر وروحه النتنة ليدنس مكانا طاهرا مخصصاً لعبادة الله ويقتل فيه مواطنين مسالمين أبرياء كل ذنوبهم أنهم أحبوا الله ورغبوا في التعلم على يدي عالم جليل.‏

ولعل ما يزيد من بشاعة هذه الجريمة وانحطاطها هو قيام بعض الرعاع والغوغاء بشتم الشيخ البوطي والإساءة إلى مقامه الرفيع بعد يوم واحد من استشهاده، والاحتفال باغتياله وكأنه «إنجاز» مهم واختراق عظيم لثورتهم المزعومة «وفتح مبين» لثوارهم المفترضين، فمتى كان اغتيال رجال الدين الصادقين داخل مساجد الله «فعلا ثورياً» ومناسبة تستوجب الاحتفال والفرح..؟!‏

منذ بداية الأزمة حاول بعض الرعاع استخدام المساجد وبيوت الله وتوظيفها بطريقة بعيدة عن الإسلام وتعاليمه السمحة، فحولوها تارة إلى أماكن لإطلاق الشتائم ومنابر للفتنة والتكفير وتارة إلى مستودعات للأسلحة ومقرات للإرهابيين والقتلة، وفي وقت لاحق استخدمت منصات لإطلاق القذائف والصواريخ ومتراساً لمن يقنصون الأبرياء في منازلهم وفي أحيائهم، ولم يكن مستغرباً أن تصبح في مرحلة ما مقصداً لانتحارييهم وإرهابييهم الذين يغتالون كل من يخالفهم بالرأي ويفضح مخططاتهم الجهنمية وإن كان شيخا في الرابعة والثمانين من عمره.‏

نعم لقد استطاعت «الفئة الضالة» أن تغتال رجل الفكر والحوار والمصالحة وتغيبه جسداً، ولكنها أعجز من أن تغتال إيمان السوريين بالمبادئ والقيم التي رباهم عليها مهما طالت المعركة ومهما حمي وطيسها..!!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية