تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أسوأ القرارات في تاريخ أميركا..!

شؤون سياسية
الثلاثاء 26-3-2013
دينا الحمد

قرار غزو العراق أسوأ قرار اتخذته الإدارة الأميركية في عهد الرئيس جورج بوش الثاني، عبارة رددها الكثيرون في الغرب والشرق من سياسيين وإعلاميين ومراكز بحوث

أشبعت الموضوع بحثاً وأرقاماً ومعطيات وأدت الكثير منها إلى الإطاحة بالكثير من رموز المحافظين الجدد الذين شجعوا بوش على ذاك القرار الذي جلب الكارثة للعراق وللشعب الأميركي على حد سواء.‏

وآخر هؤلاء الكتاب الأميركيين الذين اعتبروا هذا القرار من أغبى القرارات الأميركية وأسوأها الكاتب دويل ماكما نس الذي نشر مؤخراً مقالاً له في صحيفة لوس انجلوس تايمز تساءل فيه عن مسؤولية ذلك القرار وعلى من تقع مشيراً إلى النقاش حول مكمن الخطأ القاتل في اتخاذه فهل الاستخبارات السيئة هي التي اتخذته أم صناع القرار في الكونغرس والشركات الاحتكارية أم الرئيس بوش الثاني أم يتحمل المسؤولية صناع وسائل الإعلام الذين يتلقون التعليمات ولايتمتعون بقدرات كافية على الاستقصاء والتشكيك.‏

وتناول ماكمانس ثلاث مشكلات وصفها بالكبيرة وأكد أنها تسببت بقرار الغزو المشؤوم هي الاستعلاء والاعتقاد بأن الغزو سيسقط النظام ويجلب النظام الديمقراطي على المقاس الأميركي بسرعة فضلاً عن المصالح النفطية الأميركية في العراق، فيما كانت الاستخبارات الأميركية تغوص بالأخطاء القائمة على مجرد الافتراض ودعم صناع القرار بالمعلومات غير الصحيحة وخصوصاً بمسألة الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى التي كانت الذريعة الواهية للغزو.‏

ويشير ماكمانس أيضاً إلى إساءة استغلال المعلومات الاستخبارية مثل التضخيم لكل شيء كان يجري في العراق، وتساءل الكاتب هل يمكن أن تتعظ أميركا من هذا الدرس فقد انقضت 15 سنة على حرب فيتنام قبل أن تشن أميركا حرباً أخرى فهل ستستمر سنة على حرب فيتنام قبل أن تشن أميركا حرباً أخرى فهل ستستمر نفس الفترة حتى تخوض الحروب الجديدة أم أن أصحاب الرؤوس الحامية سيدفعون إدارة أوباما إلى اتخاذ قرارات غبية أخرى على نمط قرار غزو العراق.‏

ولم يكن ماكمانس هو الوحيد الذي أثار هذا الأمر في الآونة الأخيرة بل امتد الموضوع إلى بريطانيا حيث كشفت صحيفة «الغارديان» البريطانية عن اعتقاد أكثر من نصف الشعب البريطاني بأن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير كان مخطئاً في قرار غزو العراق، في حين يرى 22٪ منهم ضرورة محاكمته كمجرم حرب. ونقلت الصحيفة عن استطلاع للرأي، أجرته مؤسسة« يوغوف» البريطانية للأبحاث بمناسبة الذكرى العارشة على غزو العراق واحتلاله أن 56٪ من البريطانيين يعتقدون أن الحرب أسفرت عن زيادة مخاطر شن «هجمات إرهابية» على بريطانيا، في حين يرى 53٪ منهم أن قرار شن الحرب على العراق كان خطأ مقابل تأييد 27٪ له.‏

وأوضحت الصحيفة أن نصف عدد المشاركين في الاستطلاع يرون أن توني بلير تعمد تضليل الرأي العام البريطاني بشأن التهديد الذي تمثله أسلحة الدمار الشامل في العراق، بينما يرى 31٪ منهم أن بلير كان يعتقد حقاً أن العراق كان يمتلك مخزوناً من هذه الأسلحة.‏

ويرى 22٪ من البريطانيين أن الإرهابي بلير تعمد تضليل البرلمان والرأي العام، وهو مايستوجب محاكمته كمجرم حرب مقابل 29٪ يرون أنه كان على صواب بشأن تحذيره من التهيدات التي يمثلها نظام صدام حسين، بينمايؤكد 18٪ أنه على الرغم من تضلييله للشعب البريطاني فيجب المضي قدماً، مقابل 15٪ يرون أنه لم يتعمد التضليل في معلومات عن تهديدات أسلحة الدمار الشامل.‏

كما كشف الاستطلاع عن اعتقاد 41٪ من البريطانيين كانوا أفضل حالاً إبان حكم صدام حسين.‏

وقد رجح 71٪ من المشاركين في الاستطلاع أن العراق سيظل في حالة عدم استقرار خلال السنوات القليلة القادمة.‏

وبغض النظر عن هذه الأرقام التي نرى نظيرها تماماً داخل الولايات المتحدة فإن قرار الغزو كلف أميركا مئات المليارات وآلاف القتلى وعشرات آلاف المصابين والمشوهين والمرضى ناهيك عن مقتل وتشريد ملايين العراقيين وتدمير دولتهم وجيشهم ومؤسساتهم.‏

و في هذا السياق أفاد كتاب نشر مؤخراً في الولايات المتحدة وشارك في وضعه الأميركي جوزيف ستيجليتز، الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد: إن احتلال العراق كلف الأميركيين مالايقل عن ثلاثة آلاف مليار دولار، وهو رقم أعلى بكثير من ذاك الذي أعلنه مكتب الموازنة.‏

وفي كتابهما وهو بعنوان: «حرب الثلاثة آلاف مليار دولار: الكلفة الحقيقية للنزاع العراقي» قال ستيجليتز، وليندا بيلمس- الأستاذة في جامعة هارفارد- إن «كلفة العمليات العسكرية الأميركية- بدون الأخذ في الاعتبار المصاريف على المدى الطويل، مثل تأمين الرعاية الصحية للمحاربين القدامى- تخطت كلفة حرب فيتنام التي استمرت 12 عاماً»‏

وأشارا إلى أن كلفة هذه الحرب «تمثل أكثر من ضعف ماتلفته الحرب في كوريا» وهذا التقدير يفوق بكثير تقدير مكتب الموازنة في الكونغرس الأميركي، الذي اعتبر أن المصاريف المرتبطة بالحروب التي قامت بها الولايات المتحدة ستصل إلى مابين 1200 و1700 مليار حتى العام 2017 وقال الكاتبان: إن ثلث كلفة الحرب- أي: ألف مليار دولار- كان يمكن أن تستخدم من أجل تمويل بناء ثمانية ملايين مسكن، وتوظيف 15 مليون أستاذ، وتقديم العلاج لـ 530 مليون طفل، ومنح تعليمية إلى 43 مليون طالب، وتغطية صحية للأميركيين على مدى السنوات الخمسين المقبلة.‏

هذا الأمر دفع الكثير من الجماعات الأميركية المناهضة للحرب على العراق إلى إبراز حجم الخسائر التي تكبدتها بلادهم من جراء الحرب على العراق، فقد صعّد مناهضون أميركيون للحرب على العراق حملاتهم مؤخراً، حيث لجؤوا لاستخدام لافتات تشيرإلىخسائر الاحتلال الأميركي في العراق بالأرقام الدقيقة، مما أثار قلق الأميركيين على أوضاعهم الاقتصادية، جراء الاستنزاف الأميركي في العراق، وتحمل هذه اللافتات عبارات كتب عليها: إن أموال الضرائب التي تنفق في العراق كل يوم يمكن أن تمول بناء 84 مدرسة ابتدائية جديدة في حين تقول لافتة أخرى: «إن هذا المال يمكن أن يخصص لبرامج الرعاية الصحية لأكثر من 163 أف فرد».‏

وبعد كل هذه الأرقام المرعبة نتساءل هل هناك عاقل في العالم لايؤيد ما كمانس وغيره ممن اعتبروا قرار الغزو أغبى وأسوأ قرار في تاريخ الولايات المتحدة؟!.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية