وقد عمل القائد الخالد على إيجاد توازن استراتيجي أو كما يسمى « توازناً للرعب» كي تكون هناك حالة من الردع، تردع المشروع الصهيوني من التمدد في المنطقة والتحكم بمقدراتها، وهو المشروع الذي تدعمه بلا حدود دول أوروبا والولايات المتحدة الأميركية من أجل دور وظيفي للكيان الصهيوني ترسمه تلك الدول، ولا أدل على أهمية هذا الدور بالنسبة للدول الاستعمارية من دعمه ومساعدته على امتلاك السلاح النووي وجعله قادراً على التفوق العسكري على كل العرب، ومن عاش فترة الستينيات من القرن الماضي يتذكر العربدة الإسرائيلية في المنطقة وكيف أن حرب تشرين قلصت ذلك الدور وجعلت الكيان الغاصب يعيد حساباته ويبتكر هو وداعموه أساليب جديدة للسيطرة.
وقد مارست سلطات الاحتلال خلال فترة عدوانها الهمجي سياسة تدمير مدينة القنيطرة وتمارس اليوم سياسة محو الهوية الوطنية لأهل الجولان السوريين الصامدين في وجه الاحتلال رافضين الهوية الإسرائيلية وبعد 45سنة على احتلال الجولان لا يزالون متمسكين بانتمائهم حتى تحرير آخر شبر أرض من ثرى الجولان، على الرغم من أن إسرائيل مستمرة في قضم الأراضي ومصادرتها وتتعدى على حريات الجولانيين وتتعسف في اعتقال الأسرى السوريين لآماد طويلة تتجاوز بعضها 27 عاماُ لإسكات صوت المناضلين الرافضين للاستيطان الإسرائيلي في الجولان حيث بلغ عدد المستوطنات الإسرائيلية أكثر من 45 مستوطنة تضم آلاف المستوطنين الذي جيء بهم من كل بقاع الأرض.
والحكومات السورية لم تتأخر يوماً عن التواصل مع أبناء الجولان من خلال السماح لأبنائنا الصامدين من إكمال تحصينهم العلمي في الجامعات السورية وهو ما يغيظ المحتل لأنه لا يريد أي نهضة لأبناء الجولان حتى إنه كان يعرقل عودة من أنهى تحصيله العلمي في إشارة إلى الرغبة الصهيونية في إفراغ الجولان من شبانه، وشجعت سورية الجولانيين على زراعة أراضيهم وشراء كل محاصيلهم الزائدة عن حاجاتهم والتي تمنعهم سلطات الاحتلال من تصديرها إلى دول أخرى.
سورية تطالب باستمرار بإلزام إسرائيل بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981 الذي يعد القرار الإسرائيلي بضم الجولان باطلاً وملغياً وضرورة الانسحاب الفوري منه وتتمسك بحقها في استرداد الجولان بكل السبل المتاحة ولا سيما بعد أن غدا أن الدول الغربية الداعمة لإسرائيل والتي تستخدم لمصلحتها الفيتوات في مجلس الأمن غير مستعدة لتطبيق مبدأ الأرض مقابل السلام، لذا يغدو انسحاب إسرائيل التام من كامل الجولان السوري المحتل ومن باقي الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس إلى خط الرابع من حزيران لعام1967 هو كنه السلام وجوهره في المنطقة. وأثبتت الأيام أن إسرائيل وعرابيها وداعميها لا يريدون سلاماً في المنطقة بل هم على استعداد لإغراق المنطقة بالحروب والمؤامرات لتفتيتها وتقزيمها خدمة لمصالحهم ومصالح إسرائيل، وما استهداف سورية من دول الغرب والدول الأخرى الواقعة تحت السيطرة الأميركية إلا دليل على المحاولات المستميتة منهم لإعادة الدور الوظيفي لإسرائيل التي راحت تتلقى الهزيمة تلو الهزيمة، من خلال ضرب محور المقاومة المصمم على استرجاع الأراضي العربية المحتلة ولجم السياسات الاستعمارية في المنطقة، فكانت الحرب الاستباقية على سورية التي شهدت في السنوات الماضية نهضة على كل الصعد، وقد قدر الأعداء أن هذه النهضة يجب ألا تستمر « وخسئوا فهي مستمرة» وغم كل السلاح والإرهابيين الذين يدعمونهم به لضرب هذه النهضة وإلهائها بالالتفات نحو الداخل كي لا تفكر بحرب تحريرية ثانية. والقنيطرة تحررت ونتطلع إلى تحرير قريب للجولان ولكل الأراضي العربية المحتلة.