الذين استعذبوا الموت لتحيا أمتهم في معارك حرب تشرين التحريرية ليشكل ذلك منعطفا هاما في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وترسيخ معادلة سياسية هامة في الواقع العربي والعالم لا يمكن تجاوزها وهي لا سلام دون استرجاع الأرض والحقوق كاملة وأنه لا حل دون سورية.
تحرير القنيطرة من رجس الاحتلال الإسرائيلي كشف للعالم أجمع همجية ووحشية المحتل الحاقد حيث حولت آلة الحرب الإسرائيلية مدينة القنيطرة إلى ركام بعد تدميرها المتعمد لكل شيء ينبض بالحياة ولم يستثن من حقده بيتا أو مدرسة أو كنيسة أو مسجدا حيث لا تزال أثار أعماله التخريبية ماثلة حتى الآن وهذا ما دفع الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إصدار عدة قرارات إدانة لهذا العمل الإجرامي ومنها القرار رقم 3740 لعام 1974 والقرار رقم 91/32 لعام 1977 وفيه دانت الجمعية العامة للأمم المتحدة التدمير الشامل والمتعمد الذي لحق بالقنيطرة أثناء الاحتلال الإسرائيلي لهذه المدينة.
إن احتفال السوريين بذكرى تحرير القنيطرة ورفع العلم السوري عاليا خفاقا في سمائها إنما هو مناسبة يجدد من خلالها الشعب السوري العهد على مقاومة الاحتلال والعزم على تحرير الجولان لأن الفرحة لا تكتمل إلا برفع العلم السوري على أرض الجولان الحبيب. وفي هذا اليوم لا بد من استذكار دروس النضال والمواقف الشجاعة لأهلنا في الجولان ولانتفاضتهم الشجاعة عام 1982 والتي كان ميثاقها الوطني عهدا وطنيا من أبرز بنوده أن الجولان جزء لا يتجزأ من الأراضي العربية السورية والجنسية العربية السورية صفة ملازمة لنا ولا تزول وهي تنتقل من الآباء إلى الأبناء، كما أكد الميثاق على عدم الاعتراف بأي قرار تصدره إسرائيل وعدم الاعتراف بشرعية المجالس المحلية والمذهبية لأنها عينت من قبل الحاكم العسكري الإسرائيلي الأمر الذي خيب ظن المحتلين بأن الزمن كفيل بنسيان الماضي والتاريخ المجيد وأثبت للعالم أجمع أن شعبنا في الجولان لم يعرف الخنوع والتراجع بوجه الإجراءات التعسفية الإسرائيلية وأنه مصمم على تحرير أرضه والعودة إلى حضن وطنه الأم مهما كلف ذلك من تضحيات لا سيما وأنه نجح خلال السنوات الماضية من تفريغ كل قرارات الاحتلال من مضمونها وكشف أهدافها العدوانية للعالم أجمع.
إن ذكرى تحرير القنيطرة تعيد للذاكرة بطولات الجيش العربي السوري الذي سطر بدماء مقاتليه أروع البطولات والتضحيات لدحر قوات الاحتلال عن أرض الجولان الطاهرة ولإسقاط مشروع سلطات الاحتلال الذي قام على القتل والتدمير والسلب والتشريد وحقق من خلال بطولاته النصر على المعتدي الإسرائيلي وحطم أكذوبة الجيش الذي لا يقهر ليشكل بذلك بداية لمسيرة التحرير والعودة. والآن وفي هذه الظروف الحرجة التي يتعرض فيها الشعب السوري لهجمة استعمارية شرسة تستهدف أمنه واستقراره يتصدى الجيش العربي السوري البطل للعصابات الإرهابية المسلحة التي تعمل على ترويع المواطنين وبث الفوضى خدمة لأجندات استعمارية تستهدف إضعاف سورية والسيطرة على مقدراتها ونهب ثرواتها وسلب قرارها الوطني المستقل ليؤكد الجيش والشعب الذي يلتف حوله إيمانهما المطلق باستمرار نهج المقاومة والصمود ضد أي تدخل خارجي.
لقد أرسى القائد الخالد حافظ الأسد الأرضية المناسبة لظهور المقاومة الشعبية واحتضنها وقدم لها كل صنوف الدعم والمساعدة واليوم يتابع السيد الرئيس بشار الأسد حمل المسؤولية والأمانة في قيادة سورية والتصدي للقوى الاستعمارية التي تتربص شرا بالشعب السوري ليؤكد من جديد أن سورية ستبقى قلعة للصمود وأن السوريين بوعيهم والتفافهم حول جيشهم قادرون على إفشال المؤامرات كما كانوا دائما وان شعلة النضال والتحرير ستظل متقدة حتى يتحرر الجولان العربي السوري وبقية الأراضي المحتلة وانهزام الاحتلال إلى غير رجعة.
mohrzali@gmail.com