لم يتسن لأولمرت البقاء في رئاسة الحكومة حتى يصار إلى تشكيل أخرى بديلة لو أن النائب العام ناحيم مازوز أصدر حكماً بإدانته بقضايا ريشون تورز وتالافسكي, لكن اعتقاداً منه بأن تسيبي ليفني ستتمكن من تشكيل حكومة جديدة, جعله يتراخى في مقاضاة رئيس الحكومة الحالي, الأمر الذي قاد إلى إفساح المجال أمام بنيامين نتنياهو للدخول في حلبة المنافسة الانتخابية, ومكن أولمرت من الإدلاء بتصريحاته الفارغة التي شكلت ضرراً للعملية السلمية, فضلاً عما قام به من زيارة إلى واشنطن, ومتابعة جورج بوش التي لم يكن لها أي أهمية سياسية أو أمنية تذكر, في ضوء كون هذين الأخيرين يمران بمرحلة انتقالية من حكمهما, وليس لهما من صلاحيات تخولهما إلزام الحكومتين القادمتين بما يقرانه من أمور, علماً بأن إمكانية بوش للتدخل في توجهات إدارة أوباما القادمة والكونغرس تكاد لا تذكر.
بذل أولمرت مساعٍي حثيثة بغية الحصول على موافقة الرئيس الأميركي تسليم إسرائيل طائرات مقاتلة طراز إف-22,لكن تلك الموافقة لقيت معارضة من قبل قائد القوى الجوية الأمريكية الذي شرح للكونغرس أهمية احتفاظ الولايات المتحدة بتفوقها, ودعا إلى اتخاذ قرار يحظر بموجبه تصدير هذا النوع من الطائرات حتى إلى الدول الصديقة مثل )إسرائيل( واليابان.
أما وزير الدفاع روبيرت غيتس فقد رأى أن يترك أمر إقرار هذه الصفقة للمعالجة من قبل الإدارة القادمة, وبذلك أصبح من المؤكد أنه من المتعذر على (إسرائيل) الحصول على تلك الطائرات في الوقت الحاضر, وخاصة أن بقاء غيتس وزيراً للدفاع من عدمه من الأمور المرهونة بما تقره إدارة أوباما في الشهر المقبل التي لاريب بأن تأخذ باعتبارها كون غيتس قد عمل مع برنت سكوكرفت بصفة نائب له عندما كان مستشاراً للأمن القومي في إدارة بوش الأب, وسبق له في نهاية سبعينيات القرن الماضي إن كان مساعداً لرئيس السي آي إيه, وقد كلف مع بريجنسكي بإجراء لقاء في الجزائر مع مندوبين عن الحكومة الإيرانية,إلى أن عهد الخميني الأمر الذي يوضح لنا العلاقة التي تربط الجمهوري سكوكرفت البالغ من العمر 83 عاماً مع الديمقراطي بريجنسكي البالغ من العمر (80) اللذين ألفا كتاباً جرت حوله العديد من الحوارات, وكتب عنه الكثير في الصحف والمجلات, حيث تم وصف كل واحد منهما بأنه نصف كيسنجر, وقيل إن لهما نفوذاً كبيراً, وإن أوباما نأخذ بنصائحهما.
من غير المستبعد أن يكون الرؤساء السابقون: كارتر وكلنتون وبوش الأب والابن وراء الخطة التي تقدم بها سكوكرفت وبريجنسكي إلى أوباما بهدف حل الصراع العربي - الإسرائيلي, فضلاً عن أن أوباما يستمع إلى نصائح الجنرال المتقاعد جيمس جونس المرشح لمنصب مستشار الأمن القومي, وذلك نظراً لخبراته كقائد سابق لقوات الناتو, ولأنه كان مبعوثاً لبوش إلى الشرق الأوسط .
إن الخطة التي تم تقديمها تحاكي في مضمونها القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن الذي ينص على أن الأرض مقابل السلام بحيث تنسحب إسرائيل من الضفة الغربية إلى حدود 1967 مع إجراء بعض التعديلات الطفيفة التي يتم الاتفاق عليها, وأن تصبح القدس عاصمة للدولتين, وينزع السلاح من الفلسطينيين, ويمنح تعويض للاجئين الفلسطينيين الذين يتعين عليهم التخلي عن حق العودة.
أشارت الخطة إلى تكليف قوات الناتو أو القوات الدولية بالمحافظة على السلام, بحيث تشكل تلك القوات حاجزاً بين فلسطين والعالم العربي, تحسباً من حدوث نزاعات في المستقبل.
وهنا ننوه إلى أنه سبق لسكوكرفت أن دعا قبل بضع سنوات إلى إرسال قوات أمريكية إلى مرتفعات الجولان عند انسحاب إسرائيل منها نتيجة اتفاق سلام يتم إبرامه بين سورية (وإسرائيل).
إن هذه الخطة ستكون مقبولة بالنسبة للإسرائيليين, حتى ولو جوبهت برفض المستوطنين, وإزاء ذلك فإن تحقق الفوز لحكومة ليفني - باراك فإنها ستتعاون مع إدارة أوباما - كلينتون للتحرك في هذا الاتجاه, حيث بإمكان كاديما والعمل وميريتس تبني البنود الأربعة لهذه الخطة التي تلقى المعارضة من الليكود في ضوء تركيبته الحالية المؤلفة من نتنياهو بيغن ويعالون, الأمر الذي دعا سكوكرفت وبريجنسكي إلى الطلب من أوباما بشكل غير مباشر اتخاذ اجراءات سريعة لمعالجة بنودها, حيث لم يفت الوقت بعد لإصلاح ما أفسده أولمرت, ولكن يبقى الأهم هل توافق سورية على ذلك?!.