تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


وجــــه السَّلسبيــل

ثقافة
الثلاثاء 29-10-2019
منال محمد يوسف

ويا أيّها السَّلسبيل.. يا ذاك الاسم المُسمّى من ترياق الشيء العابر.. من عبيرٍ, يُطابُ تذكاره, ويُحبذُ الوقوف عند عذب فحواه ومحتواه.. عن كلّ شيءٍ الذي نتمنى أن ينهمر منه سلسبيلاً..

ونتمنى أن نكون «العابرين» من حوله, أوحول ذواتنا, هكذا لمحته أوحادثتُ الشيء الذي يخصُّ ذكراه..‏‏

لمحته كالنخيل, رطبه الشهيّ, قمره قاموس من الكلام لا ينتهي, وصفه حائر العينين يبدوفي ذاكرتي وأقول: ألاّ من سلسبيلٍ يُحادثُ فطرتي, يُحادثُ كلماتي, يُحادثُ ما تبقى لي من شيءٍ أطمحُ إليه, وربُما يُشبه سلسبيلاً ما..‏‏

هكذا لمحته في ذاكرتي, كنتُ أفتش ُ»عن وجه السَّلسبيل» وأقول: هل لنا أن نشرب من ينبوعه؟‏‏

هل لنا أن نفتش عن مرايا وقته, عن وجه, عن ميقات زهرٍ يجتمع في محرابه كل الأحبة..‏‏

لمحته هناك ربّما, بين مدائن الغيم الأزرق, كان يُمثل المودّة كُلّها إذ جاءت في تجلّيات أمرها «تجلّيات أمرها الصّابر ربّما» لمحته يلمحُ شيءٍ من ظمأ الحال.. «ظمأ الأيام» لمحته بين قوسي كلام الذاكرة, يختار من أوجاعه جمالاً آخر.. لمحته ما بين ذاكرتي, وذاكرة الوقت, كان ذكرى من شجن «ذكرى من شغفٍ» لا أعرف كيف التقيت به.. ذاكرتي وقفت عند شطه المرجانيّ, وسمعتُ صوتاً آخر يقول لي: إنه وجه السَّلسبيل, اسمه غير غريب, وإنما يأتي إليّ كقصائد الوقت القريب.‏‏

أكادُ لا أصدق, جماله ينام بعض ورود الأيام.. ألمحه, كواحلٍ من الشّوق الجديد.. ألمحه يحادثَ أوزاناً تُعلق على شجرة الحزن العظيم.. ألمحه, وأتذكرُ سلسبيل الماء العذب, ما أجمله.. والحروف عندما تظمأ ترحلُ إلى بعض قصائده.. ما أجمله, يقتبس منا شيئاً يشبه فلسفات ولدت من العهود الأولى, ولدت حيث المراكب, مراكب المحبة حيث تبدوبلا أشرعةٍ كأنّها تُناجي سنبل الزّمان والمكان.. كأنّها تُناجي سلسبيلاً ما, وجهه يبدومُكرّم الذكر في ذاكرتنا, فتّان القولِ والفعلِ..‏‏

إذ ما سألنا عن أي سلسبيل تُصاغُ منه الأقاصيص؟.. وترياق عذبه هل يُطفئ بعضاً من عطش الحال «عطش الحال والمحال».. عطش الذاكرة التي تقول: أين روايات الزمن العابر وسلسبيل العبير؟‏‏

ما أجمل أن نمرُّ في كل يوم حيث يكون هناك, سلسبيل ما تدور أرواحنا من حيث شمسه المتوهّجة, من حيث أسماء الجمال وإن شُبهت بها على حين غفلة من الأيام..‏‏

تلك الأيام التي تدقُ على أبوابنا «كسلسبيلٍ آخر» نسأل الأيام خيره, نسألها طحيناً من خبزه, ونقدّس لتلك الأشياء الجميلة, نُقدّسُ حالها بوهج الذكرى وما تعنيه في أفق الكلام, وفي مقتبل قمرها إذ طلَ علينا..‏‏

وجرى كالشيء العظيم, جرى بأفلاكٍ, بدرها سلسبيل الأشياء وإن تفتّق بعض نوره وأنوراه, تفتّق الشيء العظيم من عظمة ما دلَّ عليه, «تفتّق» وكأنه بيارق الشيء المنتظر بيارق الشيء المُستجلب وقته إلى وقتنا نحن إلى أبهة الاستطاعة المُثلى, استطاعة الشيء وروافد السَّلسبيل الآتية منه وإليه, استطاعة النبأ الكريم وإن يسألُ عن سلسبيل يبدووهّاج النطق, وهّاج البلاغة.‏‏

سلسبيل العذوبة التي تجري بنا حيث «سلسبيل الأشياء, وعظمتها الكليّة, عظمة الشيء الأجمل إذ تشكل من شيءٍ يُشبه أمره بسلسبيل ما, وتُشبه فواتح ذاته بنبع آخر. يشكل لنا سرُّ وماهية السَّلسبيل العظيم.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية