إعادةُ انتشار قواتها الغازية وليس انسحابها المزعوم، تَواصل العدوان التركي المدعوم منها، هل تَعكس بعناوينها حال المنطقة ومشاريع استهدافها، والاستعصاءات التي تُحاول أميركا تفكيكها للتقدم خطوة من بعد سلسلة الإخفاقات الكبيرة؟ أم أنها تؤكد المؤكد من أن مخططاتها سقطت، هُزمت، وما من وسيلة لإحيائها إلا بارتكاب حماقات إضافية ترتد عليها وتُعظم مأزقها؟.
ما تَقدّم يَكشف من جهة فشلَ واشنطن فضلاً عن إظهار العجز بحركتها بكل الاتجاهات إلا باتجاه التصعيد الذي رغم خَشيتها من نتائجه فقد تَرتكب حماقته الكبرى، ومن جهة أخرى يَعكس قوة الأطراف الأخرى - المُستهدفة - بذاتها وبتحالفاتها الإقليمية والدولية، وهي التي لن تَكتفي بما أنجزته، بل ستُراكم على ما تَحقق انتصارات لها، وهزائم لأميركا ومُلحقاتها.
مُقترح مُمارسة السرقة العَلنية للنفط السوري الذي أعلن عنه دونالد ترامب بصفاقة غير مسبوقة، قد يكون المُؤشر المباشر الذي يُدلل على أن الحماقات الأميركية سلسلة لا تنتهي، وإن البيان الاستفزازي المَرفوض الذي دَفَعَت واشنطن ما يُسمى بالمجموعة المُصغرة باتجاهه يُؤكد أن تعطيل اجتماعات جنيف هو خيارها المطروح الذي تدعمه بالتزامن وعلى التوازي مع إجراءات التصعيد في لبنان واليمن والعراق، وتُقدم الإسناد له بمُحاولة خلط الأوراق بالتعاون مع تركيا، وبالمُراوغة مع روسيا، وبالتلاعب المُهين لحلفائها بالقارة العجوز.
التعقيدات، التقاطعات الإقليمية والدولية، إذا ما أُضيف لها الناجز مَحلياً على مستوى الخرائط الوطنية، وعلى مُستويات الوعي السياسي والمجتمعي المُتقدم، لجهة الثبات بمواجهة مشاريع الاستهداف الأميركية وإسقاط الجديد والمُستجد منها، فإن إنكار واشنطن للواقع لن يَقودها إلا إلى مَقتل، وعنادها لن يُوصلها إلا للخروج من الحَلبة والتسليم بالانكسار والقبول القسري بالمُعادلات الجديدة الناتجة، وإلا بالخضوع للمَفروض منها بقوة الوقائع والمُعطيات.
إذا كُنا لا نَدعي - نحن في سورية - أن ثَباتنا شَكّلَ العامل الأساسي بإحداث ما هو على وشك التَّحقُق لناحية: تعرية أميركا، تحطيم هيبتها، كسر مشاريعها، تمزيق مخططاتها، وإرغامها على الانكفاء - قد اعترف كثيرون بذلك - فإننا نَعد الرؤوس الحامية بالإدارة الأميركية بما تَعجز عن تَصوره، ذلك أننا نُجيد ترجمة طرد المُحتل وحماية ثرواتنا وحفظ السيادة والاستقلال، بالقول والفعل، المَصاديق ماثلة، والعبرة لمن يَعتبر.