وان تكون فرصة حقيقية للسوريين بحال أثبتت الأطراف الأخرى جديتها، للوصول إلى قواسم مشتركة تراعي في جوهرها الثوابت الوطنية من حيث الالتزام الكامل باحترام سيادة سورية ووحدتها وسلامة أراضيها، وأن تأخذ في عين الاعتبار دماء الشهداء وتضحيات السوريين.
أقطاب منظومة العدوان الذين سبق وأجهضوا الكثير من المبادرات السياسية، كان لهم الدور الرئيسي في تأخير عمل اللجنة بهدف إطالة أمد الأزمة لمواصلة الاستثمار في الإرهاب، وعليه فإن الطريق نحو تظهير مخرجات تلبي مصلحة الشعب السوري وطموحاته لن تكون سهلة في كل الأحوال، لأن الأعداء ما زالوا يراهنون على الاستمرار بزعزعة أمن واستقرار سورية، خاصة في ظل هزائم مرتزقتهم الإرهابيين في الميدان، وثمة اليوم هواجس مشروعة من مواصلة أقطاب العدوان لتدخلهم السافر في عمل اللجنة عبر الأطراف الأخرى التي لا تزال حتى اليوم تمتثل لأوامرهم، وذاكرتنا لم تنس بعد التجارب السابقة، وفي اجتماعات جنيف على وجه الخصوص عندما كانت الدول المشغلة تمرر قصاصات الورق للمتحدثين باسمها.
نجاح عمل اللجنة له متطلبات وركائز، وفي مقدمتها أن تثبت الأطراف الأخرى بأن تكون شريكا حقيقيا يتخلى بالمطلق عن التبعية والولاء للدول المشغلة، وأن يكون ولاءه الأول والأخير للوطن، وأن يرفض أي شروط أو أجندات خارجية يسعى الأعداء لفرضها على حساب القرار السوري الحر والمستقل، فليس خافيا أن منظومة الإرهاب لم تستسلم بعد، ولا تزال تتوزع الأدوار فيما بينها، وستعمد لاستثمار أدواتها حتى الرمق الأخير، وهي تجيد كثيرا فن المراوغة والنفاق، فلا تنفك الادعاء بأنها متمسكة بمبدأ احترام سيادة ووحدة الأراضي السورية، وفي الوقت نفسه تشن قواتها المحتلة العدوان تلو الآخر، وعليه فإن الطرف الآخر تقع على عاتقه مسؤولية التصدي لتلك الممارسات، وعدم اللجوء إلى تبرير تلك الاعتداءات تحت أي مسمى، كما كان يحصل في السابق.
من المؤكد أيضا أن نجاح عمل اللجنة، أو أي مسار سياسي يتطلب في الدرجة الأولى القضاء بشكل كامل على الإرهاب، وإنهاء وجود القوات الأجنبية الغازية المحتلة، وإلزام الدول الراعية للإرهاب التوقف عن دعمه وتمويله، وهذا وحده ما يكفل الوصول إلى حل سياسي ينهي معاناة السوريين، فهل يكون الطرف الآخر على قدر المسؤولية، واستيعاب تلك الركائز والمتطلبات، علما بأن الدستور وكل ما يتضمنه من مواد قانونية لم يكن يوما موضع خلاف بين السوريين؟ .. الأيام القادمة تجيب على ذلك.