بمعنى أنها لم تتطرق إلى الوضع المعيشي وكيف يمكن تحسينه في ظل انخفاض الإيرادات العامة والتي أدت إلى تخفيض اعتمادات الدعم من 811 مليار ليرة إلى 372 مليار ليرة.
المواطن لا تهمه لغة الأرقام وكل ما يريده هو تأمين المتطلبات الأساسية لحياته في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وتحسين المستوى المعيشي من خلال زيادة الرواتب والأجور التي ستنعكس بالتأكيد على المستوى المعيشي والتي يبدو أنها مرتبطة بتأمين وفورات على حد تعبير وزير المالية تتحقق من خلال تفعيل عجلة الإنتاج الزراعي والصناعي.
في الواقع عندما نتحدث عن الموازنة نتجه مباشرة نحو وزارة المالية وقدرتها على تحقيق تحصيلات ضريبية لتأمين إيرادتها لكن ذلك لن يتحقق بدون نظام ضريبي عادل يحارب التهرب الضريبي بحيث يتحمل الجميع المسؤولية ولا سيما قطاع الأعمال الذي لا يسهم إلا بنسبة 15% من التحصيلات الضريبية.
نتفهم جميعاً الظروف الحالية لكن هذا لا يمنع من ابتكار حلول لدفع الإدارة الضريبية للقيام بدورها وإنجاز ما هو مطلوب منها خاصة مع وجود ملفات ضريبية متراكمة منذ سنوات لم يتم إنجازها حتى الآن علماً أنه كان بالإمكان إنجازها وتحقيق تحصيلات أكثر من جيدة على هذا المستوى.
طبعاً في جميع دول العالم تعتبر الضريبة معياراً للعدالة، أو بالعكس تماماً يعتبر التهرب الضريبي نقيضاً للأول ويعني بوضوح أن ثمة منتفعين لا يدفعون الضرائب ويتهربون منها ويسنون القوانين لمصلحتهم مقابل فئة (متواضعة) الدخل تتحمل أعباء ضريبية لا تتناسب ومستوى دخولها وهو ما يجعل الفوارق تزيد بين مواطني البلد الواحد.
وبالعودة إلى مشروع قانون الموازنة فإنه من المفترض أن يأخذ بعين الاعتبار الآثار التي ستنعكس على المواطن والاقتصاد بشكل عام لذلك لا يكفي أن يكون لدى وزارة المالية الرغبة بالتحصيل بل البحث عن المطارح الضريبية الحقيقية التي لا تؤثر على المستوى المعيشي للمواطن بل تسهم بتوزيع الدعم لمن يستحقه، لذلك ما علينا سوى الانتظار لمعرفة الآلية التي ستعمل من خلالها وزارة المالية لتأمين بنود موازنة 2020.