بهذه المقدمة بدأ الباحث الإعلامي ديب علي حسن أمين التحرير للشؤون الثقافية في جريدة الثورة ليؤكد من جديد أن الصحافة الورقية بدأت في العالم كله ثقافية، وكان محرروها من كبار الكتاب والشعراء والمبدعين، وفي الوطن العربي تحديدا يعود الفضل في الصحافة الثقافية للسوريين بدءا من هجرة أدباء الشام إلى مصر «خليل مطران، جورجي زيدان..» فالأهرام والهلال وروز اليوسف في مصر ومجلة مجمع اللغة العربية ومجلة الضاد في حلب ومجلة القيثارة التي أصدرها مدحت عكاش خير شاهد على ذلك.
ويتابع أمين التحرير للشؤون الثقافية وتحت عنوان «الإعلام الثقافي بين جودة المنتج والعلاقات الشخصية» ضمن فعاليات فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب في الذكرى الخمسين لتأسيس اتحاد الكتاب العرب، أن جودة المنتج مصطلح مادي نقل إلى عالم الأدب، والجودة تقتضي وجود مواصفات قياسية محددة سلفا يقاس عليها، فلكل حالة أدبية لها ذوقها، فمن يقبل قصيدة النثر لايقبل التفعيلة وعلى العكس، وماهو صالح للنشر في الصحافة اليومية، يختلف عنه في الدوريات والحوليات.
أما العلاقة الشخصية فهي موجودة بالتأكيد، لكنها يجب أن تكون كالملح بالطعام إن زادت أضرت وإن نقصت أفسدت، ونحن لسنا نقادا، والصحافة اليومية ليست ناشرا للإبداع، بل هي تتابع حراكا ثقافيا، وانتقلت من التغطية إلى المشاركة بالنقاش، والحكم على جودة المنتج تقاس من خلال وسيلة النشر والموضوع نفسه، ولكن العالم الافتراضي كسر كل مألوف وأضاع المعايير.
ويتحدث عيسى الشماس عن أهمية الثقافة التي يرى فيها أنها حالة مركبة تشمل الفن والدراسات والأدب وغير ذلك، وأن الإنسان من دون ثقافة لاوجود له، ولابد من السعي لتطويرها، وهذه مسؤولية المثقف والجهات الفاعلة في الحراك الثقافي.
ويؤكد بدوره على ضرورة أن يحقق المنتج الإبداعي معادلة الأصالة، يضاف إليها مواكبة روح العصر ودعوة الشباب ومشاركتهم في كل نشاط ثقافي.
ويبين د. محمد ياسر شرف في اليوم الثاني من الأسبوع الثقافي الأول الذي يقيمه فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب في الندوة التي أدارها الإعلامي سامر الشغري تحت عنوان «على سكتي الغاية، الثقافة والإعلام، بين ضجيج السؤال وصمت الجواب» يبين أن الثقافة هي مجموعة المنتجات اللامادية في مجتمع معين ضمن شروط مكانية ومادية قابلة للتعيين، أما الإعلام فهو مجموع الآليات العملية التي تنقل معلومات محددة من مصدّر إلى مستقبل باستخدام وسائط وأدوات وطرق قابلة للتعيين، مايتطلب أن يتضمنا إمكانية التأثر والتأثير.
كما يبين الشروط الواجب توافرها في المنتج الثقافي والآليات التي يجب أن يتضمنها الوعي الإعلامي، كما يميز بين نوعين من الثقافة أولهما رسمية تشمل جميع المؤسسات ومكونات المجتمع ويجب ألا تنطوي على تناقضات ضمنية أو أكاذيب، وثانيهما فردية أو فئوية يمكن لأصحابها تداول مايريدونه من أفكار مع إيجاد المسوغ لها.
وبدورها تبين يسرى المصري أمينة تحرير الشؤون الثقافية في صحيفة تشرين الأسس الإعلامية لترويج المنتج الثقافي وأهمها ضرورة تفعيل دور التكنولوجيا في المجال الثقافي والسعي نحو التسويق الإلكتروني لأنه يتميز بكسر حواجز الزمان والمكان ويساعد على وصول الرسالة الثقافية في أقل وقت وتكلفة.
وترى المصري أن إعطاء المنتج الثقافي بعده الحقيقي يتطلب دراسة السوق والبحث في اهتمامات الجمهور المستهدف ثقافيا، لتفعيل نجاح التسويق للمنتج الثقافي، لأن الثقافة هي خدمة اجتماعية لابد من وصولها إلى المواطن.
وتؤكد المصري أن ثقافة المجتمعات هي آخر ماتبقى من الهويات القديمة وتراثها وأصولها الحضارية، وهي الحصن ضد طغيان العولمة الثقافية ومحاولات الاختراق الثقافي والفكري وصعود نجم مايسمى بالمواطن العالمي في مقابل المواطن الملتزم بثقافة مجتمعه وقيمه التاريخية.
وفي ختام الندوة قامت هيئة الفرع ممثلة برئيس الفرع محمد الحوراني، د. ابراهيم زعرور أمين السر، بتسليم دروع تكريمية للأقسام الثقافية في المؤسسات الإعلامية المرئية والمقروءة والمسموعة، وللمشاركين في الندوة.