ويعيش الجميع هاجساً كبيراً تجاه ما يمكن أن ينتج عنه الغد، لذلك فإن ما يتوقعه الأمريكيون من واشنطن، هو اتخاذ سلسلة من الإجراءات والخطوات تلائم الضغوط التي يعانون منها في حياتهم اليومية، شريطة أن يكون في هذه الإجراءات والخطوات ما يكفي من الحكمة والشجاعة لانقاذ شعبنا من هول الأزمة الخانقة التي انزلق إليها، وكل يوم يمر علينا دون أن نفعل شيئاً، يخسر فيه ملايين الأمريكيين بيوتهم ومدخراتهم ووظائفهم، وإذا لم نحرك ساكناً، فإن هذه الأزمة سنعاني منها لعدة سنين، وعندها يخسر حوالي خمسة ملايين أمريكي وظائفهم، وترتفع نسب البطالة إلى معدلات ثنائية الأرقام، والأخطر من ذلك أن تنزلق بلادنا إلى هوة ركود اقتصادي عميقة وخطيرة قد لانستطيع الخروج منها على الإطلاق.
إن هذا ما يثير بي شعوراً كبيراً بالإلحاح لإيجاد خطة مؤقتة للتعافي الاقتصادي بحيث يجب على الكونغرس الأمريكي أن يسرع لإنجازها، وبموجب مثل هذه الخطة نستطيع إيجاد ثلاثة ملايين وظيفة خلال العامين القادمين، وبموجبها أيضاً نستطيع تخفيض الضريبة لتصل إلى 95٪ من العاملين الأمريكيين وتمكين الوضع الاقتصادي لبلدنا لعدة سنين قادمة.
لاحظت انتقادات مضللة لهذه الخطة في الأيام الأخيرة، تكررت خلالها النظريات الفاشلة التي أدت بالبلاد إلى الأزمة المالية الاقتصادية الحالية، بعض هذه النظريات تقول إن بمقدور الخفض الضريبي وحده حل مشكلاتنا، وأنه بالإمكان تجاوز الامتحان الخطير الذي تمر به بلادنا عن طريق أنصاف الحلول والإجراءات والخطا المجتزأة، وبعض هذه النظريات يقول بإمكانية تجاهل التحديات الكبيرة التي نواجهها، كالاستقلال في مجال الطاقة، وارتفاع تكلفة الرعاية الصحية للمواطنين، مع توقع تعافي الاقتصاد في بلادنا واستئناف نموه بالرغم من تجاهل تلك التحديات.
إنني أرفض هذه النظريات، مثلما رفضها الناخبون الأمريكيون الذين صوتوا من أجل التغيير في انتخابات تشرين الثاني الماضي، فالناخبون يدركون أننا جربنا مقولة هذه النظريات الفاشلة لعدة سنين، وهذا ما جعلنا نفقد الصبر والاحتمال، وبسبب ذلك التجاوز، تعود تكلفة الرعاية الصحية لتواصل ارتفاعها بوتيرة أسرع مما يفعله التضخم.
وبالقدر ذاته، لايزال اعتمادنا على واردات النفط الأجنبي يمثل تهديداً جدياً لاقتصادنا وأمننا القومي، ولايزال أولادنا وبناتنا يتعلمون في مدارس لا تفيهم حقهم، وقد شاهدنا بأعيينا التداعيات المأساوية لتلك النظريات الكاسدة الفاشلة عندما انهارت جسورنا، وزهقت أرواح مواطنينا تحت أنقاضها.
فمع كل يوم يمر، تزداد أوضاعنا الاقتصادية سوءاً أكثر من اليوم الذي مضى، وجاء الوقت الذي يجب فيه على اقتصادنا أن يعيد دوره الحيوي، ليبدأ بالشفاء من أمراضه، وتبث فيه روح استثمارية جديدة، تؤمن له النمو الثابت والمستمر، كما جاء الوقت الذي يجب فيه توفير الضمان الصحي لما يزيد عن ثمانية ملايين تتهددهم خسارة حقهم في الرعاية الصحية.
وجاء الوقت الآن لتوفير مليارات الدولارات من الهدر، ببناء مليوني وحدة سكنية وتحويل 75 بالمئة من المباني الفيدرالية إلى مبان تنطبق عليها معايير كفاءة استهلاك الطاقة إضافة إلى مضاعفة قدرة إنتاجنا لموارد الطاقة البديلة المتجددة، خلال الأعوام الثلاثة القادمة، وقد حان الوقت الذي يجب علينا فيه تقديم كل ميزة تعليمية لأطفالنا يحتاجون إليها لرفع قدراتهم ومهاراتهم التنافسية، وهذا يتطلب تحسين الأداء التعليمي في حوالي عشرة آلاف مدرسة، بحيث تؤمن لها أفضل الفصول الدراسية والمختبرات العلمية والمكتبات، ويتطلب أيضاً رفع سوية مدرسي الرياضيات والعلوم، وتحقيق حلم ملايين الأمريكيين بالتعليم الجامعي.
وحالياً هذا الوقت الذي نسير فيه باتجاه تحقيق الوظائف التي تؤهل أمريكا من جديد لمواكبة القرن الحادي والعشرين.
وبخصوص إعادة التأهيل نفسها، ما أحوجنا لإعادة بناء الجسور والطرق، وهندسة الشبكات الكهربائية الذكية، إضافة إلى ربط كل شبر من بلادنا بشبكة المعلومات الالكترونية، الفائقة السرعة.
إن الأمريكيين يتوقعون اتخاذ هذه الخطوات والأفعال بأسرع ما يمكن، ويكفيهم صبراً لمعرفتهم وتفهمهم لحقيقة أن التعافي الكامل لاقتصادنا من أزمته الحالية، سيستغرق عدة سنين وليس بضعة أشهر فقط، لكن الأمريكيين لم يعودوا يصبرون ولا يتحملون نفس العراقيل والعقبات الحزبية القديمة التي تعيق آلية العمل والفعل، بينما يواصل اقتصادنا انهياره باتجاه الهاوية كل يوم، لذلك أمامنا خياران لا ثالث لهما:
فإما أن تواصل الإدارة الأمريكية عاداتها السيئة القديمة، بعرقلتها وإعاقتها لخطا التغيير والتقدم، وإما أن نعمل سوية بجد ونشاط ونقرر نحن أننا سنصنع مستقبلنا ومصيرنا،وباستطاعتنا تقديم أفكارنا المثمرة ومصالحنا على جميع معاركنا الأيديولوجية وأن نتجاوز انتماءاتنا الحزبية الضيقة.
وبمقدورنا أيضاً أن نحول الأزمة الخانقة هذه إلى فرصة سانحة للنجاح، فنفتح بذلك صفحة جديدة من صفحات التاريخ ونصمد أمام امتحانات عصرنا القاسية.