وتتعلق بمنصة الصواريخ الباليستية العابرة للقارات مما حال دون إدراج بنودها في النظام الصارواخي الدفاعي المشترك وبالتالي إلغاء تطبيقها آنذاك، كذلك الأمر بالنسبة لمعارضة طاقم بوش الابن اتفاقية إدانة التجارب النووية المتفق عليها وتقاعسه في بذل الجهود لانضمام واشنطن لاتفاقية تحريم المواد القابلة للانشطار التي تشكل نواة إنتاج الأسلحة النووية.
وبعد تسويف ومماطلة متعمدة أقدمت إدارة بوش يومئذ على توقيع اتفاقية يتيمة مع الجانب الروسي تتعلق بالحد من انتشار الأسلحة ليس إلا وذلك عام 2002 ما يعني وبعد مرور عشرين عاماً على سقوط جدار برلين اليوم أن الولايات المتحدة وروسيا لا تزالان تحتفظان بأكثر من 20 ألف رأس نووي مع جاهزية الآلاف من تلك الأسلحة للانطلاق خلال ثوان معدودة.
فبينما سخر بوش وطاقمه من تلك الاتفاقيات والمباحثات المرتبطة بالحد من إنتاج الأسلحة النووية واصفين أسلحة الموت والدمار الشامل تلك بالأمور البالية كانت كوريا الشمالية تجري تجارب نووية فوق أراضيها في حين اجتهدت إيران لإنتاج وقود نووي يستخدم في تصنيع المولدات الكهربائية وما شابه إلى جانب تسابق عدد من دول العالم الثالث لاقتناء كل ما يؤهلها للانضمام إلى نادي اللعبة النووية.
وها هو الرئيس الأميركي الجديد أوباما يتعهد خلال حملته الانتخابية بمعالجة هذه المخاطر لتصرح وزيرة خارجيته هيلاري كلنتون خلال جلسة تشاورية في البيت الأبيض أن أفضل طريقة لتحقيق ذلك تكمن في إعادة إحياء أو تجديد الاتفاقيات والأنظمة المبنية على القوانين الدولية الخاصة بالتسلح لذلك تقع على عاتق إدارة أوباما مسؤولية ترجمة تلك التوجهات على أرض الواقع.
ويرى المراقبون أن روسيا تشكل التحدي الأكبر الذي تتصدى له الولايات المتحدة الأميركية نظراً لكون الأولى الدولة الوحيدة إلى جانب العم سام التي تمتلك ما يكفي من الأسلحة النووية لتفجير كوكب الأرض والمطلوب من إدارة أوباما حالياً البدء بالتفاوض مع الجانب الروسي لاستكمال اتفاقية ستارت الخاصة بالحد من انتشار الأسلحة النووية وتم إبرامها والتوقيع عليها مع روسيا عام 1991 مع العلم أن صلاحية العمل بها ستنتهي في كانون الأول عام 2009 وتتضمن تلك الاتفاقية قوانين مهمتها التأكد من فاعلية أي اتفاقية إلى جانب إعطاء فرصة لإجراء مزيد من المباحثات لتخفيض الأسلحة النووية المنتشرة في العالم.
وستتيح الجولة القادمة من مباحثات ستارت الفرصة أمام كل من روسيا والولايات المتحدة لاقتناء 1000 رأس نووي وكان هذا الرقم قد تجاوز 1700 و2200 رأس خلال اتفاق موسكو لعام 2002 ويستطيع كل من الطرفين الروسي والأميركي ودون أي مفاوضات الحد أو وقف جاهزية أسلحتهما النووية.
وقد أثنى المحللون مؤخراً على تعهد إدارة أوباما الجديدة بالسعي للحصول على مصادقة مجلس الشيوخ الأميركي على اتفاقية شاملة لحظر التجارب النووية وإحياء المفاوضات الخاصة بحظر إنتاج المواد الانشطارية ولن يكون إنجاز أي من هاتين المهمتين أمراً سهلاً غير أن تحقيقهما أمر أساس إذا كان الرئيس الأميركي الجديد جاداً بإدارة بلاده بحكمة في عالم متغير ومثير للمخاوف تتزايد فيه الطموحات النووية أكثر من أي وقت مضى.
وقد يكون الرئيس الأميركي الجديد على صواب عندما عارض خلال حملته الانتخابية خططاً ترمي لنشر رؤوس نووية جديدة فوق أراضي أوروبا الشرقية، إذ ثبت أنه ليس هناك حاجة علمية أو عسكرية تدفع واشنطن لفعل ذلك وكان وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس من أشد المؤيدين لهذا البرنامج آنذاك واليوم على الرئيس أوباما الإيفاء بما تعهد به فيما يتعلق بالأسلحة النووية وحتى يتسنى للولايات المتحدة التمتع بمصداقية أمام الرأي العام العالمي وخاصة بعدما ألحت على الدول الأخرى لجم طموحاتها النووية أصبح حري بها البدء بكبح جماح طموحاتها في هذا الشأن أولاً.
كان بوش قد حذر من مخاطر اقتناء الإرهابيين للأسلحة النووية ولكنه لم يضع استراتيجية تضمن عدم حدوث هذا الأمر، لا بل أقدم على إضعاف أهم دفاعات الولايات المتحدة بما في ذلك مصداقيتها أمام العالم لذلك تقع على الرئيس أوباما مسؤولية تقديم أفضل ما في أجندته الانتخابية التي يتمسك بها أنصاره والشارع الأميركي اليوم، وأمامه الآن فرصة للانطلاق بادئ ذي بدء من إعادة إحياء الاتفاقيات النووية الآنفة الذكر.