إلى أهمية الدور الذي يلعبه خاصة في ظل التطور الصناعي والتكنولوجي المتزايد وظهور الآلاف من المواد الكيماوية التي دخلت في العمليات الصناعية، ومن هنا تعتبر التأمينات الاجتماعية من أبرز النظم التي تعالج تلك الأخطاء كونها تتسم بطابع التأمين الذي يعطي المستفيدين الحق في المطالبة بالمزايا لذلك تعددت فروع التأمين بتعدد واختلاف المخاطر.
خصائص
ويتميز هذا التأمين بعدة خصائص من حيث مجال سريان تأمين اصابات العمل وخدمة العامل في العمل وإمكانية الجمع في المزايا، مع تأمين آخر، كذلك المزايا النقدية هي أكبر من مزايا باقي أنواع التأمين يضاف لها تمكين العامل من استرداد قواه البدنية والعودة للعمل المنتج، مع عدم الحاجة إلى إثبات المسؤولية التقصيرية وعدم مشاركة العامل في التمويل واقتصاره على صاحب العمل.
وحدة متكاملة
وانطلاقاً مماتقدم، ما المعايير الواجب استيفاؤها في اصابات العمل والأمراض المهنية؟
السيد عبد القادر أيوبي مستشار مديرعام مؤسسة التأمينات الاجتماعية ركز في حديث معه إلى أن حوادث العمل وأمراض المهنة ينظر لها كوحدة واحدة باعتبارها نتيجة مباشرة لظروف العمل والمحيط المهني، رغم الاشتراك بالنتيجة من حيث انقطاع دخل العامل أو نقصانه والحاجة إلى العلاج الطبي، ما يوجب وحدة في المزايا التي يوفرها هذا التأمين.
ويمكن التفريق برأي أيوبي بين أنواع الاصابات من حيث المنشأ والسبب والتي يمكن تصنيفها بإصابات ناشئة عن حوادث العمل وأخرى مرتبطة بالعمل من حيث الاتجاه إليه أو الانصراف عنه أو ناشئة عن أمراض المهنة، في حين الشروط اللازمة لاعتبار الحادث إصابة عمل أن يقع الحادث أثناء تأدية العمل أو بسبب العمل أو أسباب أخرى.
أما مكان العمل فيشمل كل مكان يتواجد فيه العامل من أجل تأدية العمل سواء كان العمل الأساسي أم ملحقاته كالأمكنة المعدة للطعام والراحة والاغتسال وتغيير الملابس وفترة الراحة وغيرها من الأمور الأخرى، والأمر الآخر يعتبر الحادث إصابة عمل عندما يكون العمل سبباً مباشراً لوقوع الحادث بمعنى لولا العمل لما كان الحادث قد وقع ولا يشترط وقوعه أثناء العمل.
بسبب المهنة
وحول الإصابات الناشئة عن أمراض المهنة أوضح مستشار التأمينات الاجتماعية اختلاف مدلول أمراض المهنة عن الأمراض بوجه عام، فالأولى ترتبط بالعمل بعلاقة ايجابية، ونجد أن الأمراض بوجه عام أكثر شمولاً لأنه لا يشترط وجود ارتباط بين نوع المرض ونوع العمل وطبيعته، وهذه بدورها تختلف عن حوادث العمل، إذ تحتاج أمراض المهنة إلى فترة زمنية لظهورها فيما الثانية مفاجئة الحدوث. ويبين الأيوبي أن أمراض المهنة محددة بالقانون وجداول تختلف من بلد إلى آخر حسب طبيعة وصناعة واقتصاد البلد، أما الأمراض العامة فغير محددة باعتبارها تحدث أثناء العمل أو بسببه.
قوننة المرض
هذا وقد عرفت التوصية الدولية رقم 67 لعام 1944 التي أقرها مؤتمر العمل الدولي مرض المهنة وهو كل مرض تكثر الإصابة به بين المشتغلين في مهنة ما أو مجموعة من المهن دون غيرهم، أو كل حالة تسمم تنشأ عن مادة مما يستعمل في مهنة ما أو مجموعة من المهن التي يصاب بها أحد العاملين بتلك المهن.
في حين أوجبت الاتفاقية العربية رقم 3 لعام 1971 والمتعلقة بالمستوى الأدنى للتأمينات الاجتماعية تحديد التشريع الوطني المقصود بإصابة العمل والمرض المهني بحيث لا يقل عدد الأمراض المهنية عن 15 مرضاً وجاء في نهاية الاتفاقية جدول يتضمن 33 مرضاً مهنياً.
معايير اعتماد المرض
وعن هذا الجانب ينوه أيوبي إلى أن أسس ومعايير اعتماد المرض المهني تقوم على أن يكون المرض وارداً حصراً في جدول أمراض المهنة التي يؤدي العمل فيها إلى الاصابة بالمرض المهني، أي وجود علاقة سببية بين عوارض المرض والعمل الذي يزاوله العامل.
أيضاً وجوب أن يكون قد مضى على العامل المصاب في ممارسته المهنة المسببة للمرض المهني الحد الكافي اللازم طبياً للإصابة، إلى جانب ظهور الأعراض الأولية للمرض خلال خدمة العامل أو فترة زمنية معينة من تركه العمل تتناسب مع المرض، والتحري عن بيئة العمل الذي كان يزاول العامل فيها عمله، يضاف لها التثبت من الأعمال التي أوكلت للعامل طيلة فترة خدمته وعلاقتها بالمرض المهني، مع اعتماد الوثائق القانونية والطبية اللازمة لإثبات المرض المهني.
مزايا
وذكر أيوبي أن أنظمة التأمين الاجتماعي تتيح للعامل المصاب الاستفادة من مزايا هذا التأمين عبر الخدمات التي توفرها القوانين لمعالجة إصابات العمل والأمراض المهنية بمراحلها المختلفة والمتمثلة في الخدمات الوقائية، أي خلق كافة اشتراطات السلامة والصحة المهنية لخلق بيئة عمل آمنة، وخدمات علاجية تقدم لحين الشفاء أو ثبوت العجز أو الوفاة وتشمل خدمات الأطباء والاختصاصيين والعمليات الجراحية وصور الأشعة والتحاليل وصرف الأدوية اللازمة للعلاج وتوفير الخدمات التأهيلية والأطراف الصناعية وغيرها.
فيما الخدمات التأمينية التي أقرتها الاتفاقيات العربية والدولية فهي تعنى بالحقوق المقررة والمحددة للتعويضات النقدية بموجب التشريعات الوطنية وتشمل البدلات اليومية أو المعونة المالية، وتعويضات العجز الجزئي أو الكامل المستديم ومعاش وفاة الإصابة للمستحقين.
أخيراً
وأخيراً يمكن القول: إن قوانين التأمين الاجتماعي قد أناطت مهمة تقدير العجز إلى اللجان الطبية في مؤسسات الضمان وذلك عند ثبوت العجز، معتمدة في ذلك على جداول العجز الملحقة بالقوانين وعلى خبرات ومصادر علمية موثوقة في توصيف وتشخيص ما خلفته الإصابة في الأعضاء والأجهزة وما يقابلها من عجز وظيفي متخلف... لذلك لابد من اعتماد أسس ومعايير لتقدير العجز تراعى فيها نسبة العجز المقابلة لكل موقع الإصابة في الجسم والأعضاء والأجهزة.