تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أمـــة لهــــا جــــذور

آراء
الأثنين 23-2-2009م
إلياس الفاضل

سلام عليكم أيها المقاتلون الشجعان، وأنتم تحملون على أكتافكم كل مجد، وكل فخر وكل عز في هذا العالم، وترفعون في وجه الشمس كل بيارق الصمود والكبرياء والشرف، والنخوة والشهامة، حيث إنكم في وقفة العز التي وقفتموها في غزة، وبيت لاهيا،

وجباليا وحي الزيتون وحي التفاح، كنتم تجسدون معنى الكرامة، ومعنى الأصالة، ومعنى الموت وقوفاً من أجل أن تبقى القضية حية في كل ضمير حي، من أجل أن تتألق في كل نفس طاهرة شعلة الانتماء الوطني والقومي، معكم ستبقى روح الصمود، وروح الأحرار، وروح التحدي لكل ما في هذا العالم من وحشية، وهمجية وطغيان وإرهاب، ولكل ما في هذا العالم من مؤامرات لتصفية وجودكم، لأنكم في غزة، كنتم القوة القادرة على تغيير الأحداث والتاريخ، لأنكم كنتم صوت المقاومة الحق الذي علا على كل الأصوات، كنتم صوت الضمير الوطني والقومي، كنتم صوت المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، كنتم صوت الشعب والأرض والتاريخ، وهذا الصوت لا تقتله دبابة ولا تقضي عليه طائرة، أو تسكنه قنبلة أو رصاصة، فهو باق بقاء الشعب والأرض والتاريخ، ومستمر مع كل خفقة قلب على مدى الأجيال والعصور.‏

أيها الغزاويون الأبطال، الزرع لا يطلع إلا في الأرض الجيدة، وقلوبكم هي أكثر بقاع الدنيا خصباً وجودة، وأكثرها عطاء وأجودها للمواسم الخيرة الوفيرة والبيادر الكريمة.‏

منذ ما قبل التاريخ وليس لنا من عدو في ديننا ووطننا سوى بني صهيون، وفي غزة حملتم السلاح لتقاتلوا به هذا العدو، وقاتلتم كما لم يقاتل إنسان قبلكم، فوالله شرفتم السلاح الذي أعطي لكم وشرفتم البطون التي ولدتكم والبيوت التي ربتكم والأرض التي درجتم عليها والتي ستدرجون عليها في المستقبل فوق تراب الكرمل وحيفا ويافا والقدس والناصرة والجليل.‏

لقد كنتم كباراً، حيث كان الآخرون صغاراً، وكانت قلوبكم تتوهج بألق البطولة، حيث كانت قلوب الآخرين تقبع وراء جدران الخوف والهروب. وكانت صدوركم شامخة، ترتفع جدراناً من الكبرياء، وتخفق كقلوب النسور بالشهادة حيث كانت صدور الآخرين تخفق كسرب من العصافير القادمة من سفر بعيد. وكانت أصابعكم تصنع المجد والتاريخ والمستقبل، حيث كانت أصابع الآخرين تبحث عن الريشة وصكوك الاستسلام.‏

فسلام عليكم أيها الغزاويون الشجعان في بيت حانون، وجباليا ورفح وبيت لاهيا، وغزة، كنتم تصنعون المجد والتاريخ وفي حي التفاح وحي الزيتون، أيقظكم شوق الأمة إلى القوة، وحركتم لهفتها إلى وقفات العز والكرامة والشهادة.‏

معكم لن يتجمد التاريخ، بل سيظل الشوق يكبر ويكبر، وسيبقى مجدكم المنارات العالية التي تضيء ليل العرب الطويل، ومع ذلك ومع ضآلة الكلمات التي نكتبها أمام شهادة الدم ونحن نؤمن أننا من أمة عظيمة، أمة لها جذور وأصول وحضارات وأنها رغم كل ما يلفها من فواجع ومآس ورغم كل ما يسودها من تفكك ومحن وتخاذل سوف تعود إلى الأصول والجذور، وأنها سوف تعود لتبحث من جديد عن المكانة اللائقة بها تحت شمس هذا العالم، وأنها بهداية من ألق دمائكم التي شربتها أرض غزة، سوف تتمجد وتمجد ذاتها حيث تكون العروبة موقفاً واحداً في كل حين، وفي كل زمان ومكان، وحيث تعود العروبة عقيدة ومبادئ، لا شعارات ولا تكتيكات تخضع لتفسيرات واجتهادات، وحيث يكون العرب شعباً واحداً والأرض العربية أرضاً واحدة والخطر الذي يهدد عضواً منها إنما يهدد سائر الأعضاء.‏

لقد أكدتم أيها المقاومون أن العرب جسد واحد، وأن هذا الجسد يصان بالدم والتضحيات والانتماء، وبهذا التأكيد وضعتم الزمن العربي الرديء على شفير الهاوية، وعلى سحيق النهاية، ويقيننا أن الأمم العظيمة تولد من الآلام العظيمة وتصحو على عميق الطعنات، وتبعث من بين رماد الاحتراق الكبير، ومهما كانت الجراح التي نزلت بأعماقنا فإننا بالدماء الزكية الطاهرة التي رويتم بها أرض غزة، سنظل نؤمن أن هذه الدماء ستبقى على مر العصور والدهور، ناراً مقدسة تحرق هشيم هذه الأمة، حيث لا يبقى إلا الصنوبر والسنديان والزيتون.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية