دك الجيش مكامن الإرهابيين،
رافعاً مجد سورية، حرر جنودنا آلافاً من الكيلو مترات، بهاماتهم الشامخة، وتضحياتهم الجسيمة. وتصديهم لصدى رياح الإرهاب وشخوص ألبسهم أردوغان ثياب جيشه حماية لهم، عادت معظم الأرض المختطفة بعد طول انحسار، وتم تحرير أهلها المحاصرين الذين كتبوا بصمودهم أمثولة الوفاء.
رسموا الخضوع درباً نحو الحرية بانتظار الجيش العربي السوري، وتمثلوا الصمود المتأنق بصبرٍ تجلى بقناعة حتى لو امتد على متن دهور، رغم الموت الذي فرض على الكثير منهم ليتركهم أشلاء، أبحرت قلوبهم عبر دخان القذائف إلى شهوة الحياة، ضمائرهم تحمل آلافاً من آيات الاعتذار لأشعة الشمس وضوء القمر وياسمين الوطن.
لم يفهم أردوغان أن الشعب السوري لا يخون، فاستند على ضعاف النفوس لضرب المدنيين، وتهجير الأسر من بيوتهم لتوطين الأغراب، ولما تساقطت جثث أبناء جيشه الذين زج بهم عنوة غير عابئ بقلوب أمهات يثكّلن دون مبرر، إلا اعتداءه على الغير لأجل حلم عثماني يحاول تحقيقه وهو ينعق بأعلى صوته، مخاطباً الله على أنه قائد آخر جيوش المسلمين، آمراً خطباء الجمعة بقراءة سورة الفتح، ظناً أنه يرشي الله.
عندما بدأ الشارع التركي يتململ من رعونته والدول الأوربية التي طلب منها العون أدارت له ظهرها، وأميركا لم تصيخ له السمع، بدأ يستنجد بروسيا علَّها ترمي له الحبل للخروج من البئر السوري الذي وقع فيه، جنوده محاصرون والموت يلاحقهم
لم تستجب روسيا ولم ترسل من يتحدث معه بل أصرت على متابعة أعمال الجيش العربي السوري، ولما أعيته الحيلة تسول لقاء بوتين، بعد لأي وافق القيصر على لقائه، لقاءٌ سبقه وجوم الانتظار على باب القيصر، وجحوظ برؤية تمثال كاترين يتوسط موقع الوفد التركي، رسائل جعلت شرود الصمت يطبق على أردوغان ومرافقيه.
تلقى أردوغان نظرات شذر من بوتين، فأرخى النظر، أهو استحياء من تعديه على أرض ليست له، أم ترجٍّ لوقف القتال الذي بدت من بين ساعاته تقدم الجيش السوري وهزيمة جيشه الثاني بقوته في الناتو، أم انتظار لجواب مكتوم عليه فهمه.
بوتين حليف سورية لا يستسيغ الخطأ، ولا يحب الأيدي الملوثة بدماء الأبرياء، ولا يوافق على فواجع التفجيرات، ولا يقبل أن تتحول الأوطان إلى مواقع جغرافية يحاول الأغيار نهبها بالبلطجة، لذا يصر بالتصريح على وحدة الأراضي السورية.
أردوغان لو أقسم بكل أيمان (المسلمين) كونه يدَّعي حمل لوائهم بل لواء الإخوان المسلمين؛ بأن يلتزم بأي اتفاق، فسيحنث بأيمانه. بعد موسكو هو في بلجيكا يلعب بورقة اللاجئين متوعداً ومهدداً الاتحاد الأوروبي، والناتو بضرورة الوقوف إلى جانبه لمكافحة الإرهاب، وكأنه يحارب الإرهابيين في إدلب وليس بظهير لهم وحاضنهم ومحتضنهم، كم هو بهلوان هذا الرجل، هو مدرسة في الكذب والمراوغة.
على أردوغان أن يفهم أن ذاكرة السوريين لا تغيب عنها صور الشهداء، وينبعث فيها حب الشهادة عدد أنفاس السوريين، وفوق قانون السماء في الأرض السورية، والعلاقة فيها عمودية بين الخلق وخالقهم، تتسامى فيها الأرواح نحو الملأ الأعلى.
سورية رمز للأخلاقيات، وهي فينيق الانبعاث الاجتماعي الحضاري، تتعطر أجواؤها بأريج الجوري المروي بنجيع شهدائها، فيزداد احمراراً، يواجه بحمرته غلمان السياسة، الذين يحتفظون بالإرهاب رصيداً استراتيجياً، تستخدمه وقت اللزوم أميركا والكيان الصهيوني، وذراعهم أردوغان ومن في زمرته، ورقة يلعبون بها مع من باعوا ضمائرهم، ومن القوى المبثوثة في مسطحات الحياة الاجتماعية، يقامرون بسياسة الأبواب المواربة، على أنها معادلة استراتيجية تعطي مداها في الميدان.