احتضن فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب الملتقى الحواري الشهري «مكاشفات» بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم واليوم العربي للاحتفاء باللغة العربية وأدارت الحوار الأديبة سمر تغلبي، بمشاركة عدد من المهتمين بشؤون اللغة وشجونها للوقوف عند أهم القضايا التي تعاني منها لغتنا العربية وسبل النهوض، دار الحوار والنقاش بشيء من الجرأة ومزيد من الشفافية ولكن هل يتجسد ماتوصل إليه المنتدون واقعا ملموسا بين طلابنا وعلى منابرنا وفي مؤسساتنا الثقافية والاجتماعية والإعلامية؟
خسارة: مهمتنا حفظها وحمايتها
يؤكد د. ممدوح خسارة عضو مجمع اللغة العربية أن ضعف الأداء اللغوي ظاهرة عامة في الوطن العربي، وعندما أقيم في مجمع دمشق المؤتمر الحادي عشر بعنوان «اللغة العربية في التعليم العام والجامعي» 2019 أجمع المشاركون على تدني المستوى اللغوي في التعليمين العام والجامعي، وأكدت التوصيات على الجانب التطبيقي في تعليم اللغة العربية وليس النظري «نحن نعلم عن اللغة ولا نعلم اللغة».
ويضيف: الشكوى من تدني الأداء اللغوي قديمة في العربية وبين ذلك ابن منظور في قوله «حتى صار التكلم باللسان العربي معدوداً من الرذائل».
ورغم أن اللغة العربية ليست في أدنى مستوياتها، ولكنها ليست بالمستوى الذي نريد، ولاشك المسؤولية تقع على أبناء الوطن العربي جميعهم والوزارات المعنية «التعليم العالي، التربية، الإعلام، اتحاد الكتاب العرب، ومجمع اللغة العربية بصفته المرجعية اللغوية العليا في القطر»، ومهمته حفظ اللغة وحمايتها وتطويرها لجعلها وافية بمتطلبات العصر من حيث إغنائها بالمصطلحات، هذا إلى جانب إصدار القرارات اللغوية العلمية وتبليغها للمؤسسات ذات الصلة لتيسير تعليم العربية، فالمجمع جهة علمية وليست إدارية تنفيذية.
كما أن لجان التمكين ليس لها صلاحيات تنفيذية لأن ذلك منوط بالمحافظة، ومع ذلك فاللغة العربية في انتشار زائد، وكثير من القرارات صدرت في سورية لحماية اللغة العربية من مثل المرسوم التشريعي رقم 139 لاستعمال الأسماء العربية بالمحال التجارية، ومشروع قانون حماية اللغة العربية في مجلس الوزراء.
فاعور: نفتقد المهارات اللغوية
وبدأت د. منيرة فاعورة رئيسة قسم اللغة العربية الحديث بالقول «لسنا بخير لغوياً» رغم أن سورية كان لها الدور الكبير في تعريب الطب والهندسة، وهي تتفرد به، والجميع في المؤتمرات يشيد بدور سورية في هذا الدور، واليوم نسعى جاهدين للنهوض باللغة العربية، ولكن لدينا مشكلة في الجامعة في افتقادنا للمهارات اللغوية وهي «الاستماع، الكلام، القراءة، الكتابة» ورغم ذلك فنحن لا نتقن هذه المهارات، نتحدث ونستمع ونكتب في الكثير من الأحيان بالعامية.
ومن جهة أخرى لدينا تغريب لغوي في استخدام اللافتات بالعامية وانتشار الحرف اللاتيني، رغم أن مناهجنا من أفضل المناهج، ولكننا لا نتكلم بالعربية، وزاد الأمر سوءاً أن الأسئلة في قسم اللغة العربية مؤتمتة, وقد ألغيت حلقات البحث للعدد الهائل الذي تستقطبه الجامعة.
وتضيف: نحن بحاجة إلى خطوات عملية تيسر اللغة وتقربها من الطلاب، وإصدار قرار بمنع اللافتات العامية، ووضع شاخصات في الشوارع تمجد اللغة العربية، واختيار المعلم المؤهل، واختيار النماذج من المعلمين القديرين، وتخصيص ورشات عمل ومسابقات للغة للتشجيع على تداولها بشكل سليم.
حماد: جهود كبيرة
وبدوره بين د. عبد الحكيم حماد معاون وزير التربية رئيس لجنة تمكين اللغة العربية في وزارة التربية أن الاهتمام كبير باللغة العربية ويتمثل ذلك بعدد المراسيم والقرارات التي أصدرها السيد رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد وكان آخرها القرار/ 4/ القاضي بتشكيل لجنة لإنجاز خطة عمل وطنية تستهدف التمكين للغة العربية وإعداد وتدريب الكفاءات القادرة على تعليم اللغة العربية وفق الطرائق الحديثة المناسبة.
وبناء على ذلك أصدرت وزارة التربية العديد من التعاميم التي تهدف إلى تشجيع التلاميذ على استخدام اللغة العربية السليمة، ومنها الاهتمام بالتعبير الوظيفي، ووضع فوائد لغوية في اللوحات الحائطية المدرسية، وتخصيص يوم للحديث باللغة العربية الفصيحة في المدارس، إلى جانب تفعيل الإذاعة المدرسية.. والعديد من الأنشطة التي تساهم في الحد من تداول العامية المغرقة.
يوسف: لجنة مراقبة
ويؤكد د. عبد الحليم يوسف منسق لجنة التمكين للغة العربية، الموجه الأول للغة العربية في وزارة التربية أن لجنة التمكين ليس من صلاحياتها فرض عقوبات، بل هي لجنة مراقبة وتحسين من خلال وضع مدققين لغويين في كل دوائر الوزارة من مهامهم التصحيح والتنبيه حول الأخطاء التي يمكن أن ترد في المناهج المدرسية أو غيرها.
وأضاف: لاشك أن الجهود التي تبذل كبيرة من أجل استقامة اللغة عند الطلاب وخصوصا في المراحل التأسيسية، ولكن عدم تداول اللغة ربما يجعل النتائج ليست كما نأمل، رغم إقامة العديد من الأنشطة وتفعيل المكتبات المدرسية والمسابقات في القصة والمسرحية وغيرها من فنون الأدب والخط.
ختاماً
لابد أن نؤكد أن جميعنا يجتهد في تشخيص المشكلة ويضعها على مائدة الحوار، والحاضرون يدلون بما لديهم في إيحاء كبير بحرصهم على تقديم خدمة للغة العربية وحمايتها من التشويه واللحن، ولكن هل حقاً نحن أوفياء للغتنا وأبناء بررة ونحن نرى تلك الأخطاء اللغوية في مؤسساتنا الثقافية والإعلامية والتربوية؟