فالولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها ومنذ حرب عام 1973، راحت تؤسس لقيام جيش أمريكي سري متحالف معها، يقوم بتنفيذ أوامرها في الداخل والخارج، دربتهم على السلاح في دول عديدة مثل قطر والسعودية وأنقرة وعمان، والكويت، وإسرائيل، ومدتهم بالمال والسلاح، وأوكلت مهام إدارتهم بضباط أكفاء اختارتهم من دول مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا وساحل العاج وتركيا للإشراف على تدريبهم وإعدادهم ليكونوا قادرين على حرب المدن والشوارع والإبادة الجماعية، ومما يعزز هذا القول ما نشرته صحيفة لوموند الفرنسية يوم 16/9/2012، (تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتقرير قدرة جيشها الاحتياطي السري بقدرات قتالية عالية للاستفادة منه للمشاركة في دعم الجيش الأمريكي عبر البحار والمحيطات ولحماية حلفائها العرب المهدد حكمهم في بلادهم)، وهذا ما حدث فعلاً قبل احتلال العراق عام 2003، إذ أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع حلفائها الأوروبيين والعرب، مجموعات قتالية من هذا الجيش المخفي والسري وذكرت صحيفة الأهرام القاهرة في 21/3/2004 في مقال كتبه أحمد شاهين (دخلت المجموعات الإرهابية المدربة أمريكياً وإسرائيلياً وعربياً العراق قبل أن تدخل القوات الأمريكية وحلفاؤها بغداد فخربت البلاد والعباد، وأحرقت الزرع والحجر)، ومن هنا لابد لنا أن نحدد السمات الأساسية لاهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بما يسمى بالجيش المخفي أو السري كما يسميها الجنرال الأمريكي المتقاعد (جفرتون هيز) في كتابه (جيش أمريكا الجديد)، (بدت ثقة أمريكا بجنودها ضعيفة وخاصة بعد حرب العراق والتدخل في دول العالم، فبدت أمريكا الكبرى تخاف على نفسها، ما جعلها تعتمد على جيشها المخفي المكون من العملاء والمرتزقة، اشترتهم بالأموال ودربتهم على السلاح، ولهذا فقد كانت مهمات هذا الجيش المخفي كالآتي.
أولاً: لقد شارك هذا الجيش المخفي والسري الأمريكي المدعوم من قبل إسرائيل وفرنسا والسعودية وقطر وتركيا في الحرب على العراق وجميعهم من المرتزقة وذكرت صحيفة القدس العربي في 15/1/2004 (إن أعداد أفراد هذا الجيش الذين دخل العراق بلغ 16 ألف فرد مقاتل أكثرهم من السعوديين والكويتيين والأتراك والأفارقة)، إضافة إلى (3) فرق إسرائيلية وميليشيات للتدمير والتخريب، وثانياً: عمدت أمريكا بإرسال خمسة آلاف من جيشها المخفي إلى ليبيا وهم مرتزقة تم تدريبهم في قطر والسعودية أوكلت لهم مهمة الحرق وقتل العلماء وتدمير المتاحف، وثالثاً: جيشت أمريكا أكبر عدد من أفراد جيشها المخفي والسري المتواجدين في الأردن ولبنان وتركيا والسعودية وقطر وأوروبا وإسرائيل لتدمير الدولة السورية وقتل أبناء سورية العربية وتخريب منشآتها الحيوية ونهب آثارها، ودخلت هذه المجموعات الإرهابية من خارج الحدود لتبث الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب الواحد وسلب هويته العربية، لتبقى إسرائيل آمنة ومستقرة لتحتل أرض العرب منذ عام 1948، ولا ننسى ما فعلته أمريكا وجيشها المخفي والسري في أفغانستان ومصر والسودان من فوضى وتدمير لهذه الدول.
وعلى كل حال فيمكن لنا أن نصنف ما تضمنته فصائل الجيش المخفي الذي أسسه الأمريكان وحلفاؤهم للنيل من الأمة العربية ومكانتها المرموقة بين الأمم، أولاً: يضم هذا الجيش المخفي والسري الأمريكي، تنظيم القاعدة والمنظمات السلفية التي تدعي الإسلام زوراً وبهتاناً والتي تقوم الآن بقتل وتدمير ونهب وسلب وأكبر مثال على ذلك ما يجري في سورية والعراق، وثانياً: الوهابيون التكفيريون في السعودية الذين ينفذون أوامر أمريكا وإسرائيل، وثالثاً: الجبهة الإسلامية المدعومة أمريكياً وسعودياً ورابعاً: جبهة النصرة وخامساً: داعش التي تحظى بالدعم التركي والأمريكي، وغيرها من الحركات الإرهابية التي ولدت في أحضان الولايات المتحدة الأمريكية.
مما يتضح للداني والقاصي أن هذه المنظمات الإرهابية التي تقاتل اليوم على أرض سورية العربية دخلت الحدود من الخارج وهي تمثل (الجيش المخفي والسري) لأمريكا، تقاتل من خلاله العرب في بلادهم وأوطانهم، للأسباب التالية:
الأول: ضعف القوة الأمريكية وانهيار جيوشها في أفغانستان والعراق وتدني ميزانيتها المالية، وعدم احترام العالم لها، والثاني: للقضاء على القومية العربية وسلب الهوية العربية، وتقسيم الوطن العربي، وثالثاً: تشويه الدين الإسلامي، بخلق منظمات إرهابية تدعي الإسلام وهي منظمات عدوانية قاتلة تحرق الأجساد وتأكل الأكباد.
والذي نريد أن نقوله إن هذا الجيش الأمريكي المخفي والسري قد بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة في سورية حاملة المشروع القومي وخيمة العرب الكبرى ، على يد رجال الجيش العربي السوري، حامي بوابات الجبهة الشرقية للوطن العربي.
أكاديمي وكاتب عراقي