تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عقدة الخوف الإسرائيلية

شؤون سياسية
الأثنين 24 تشرين الثاني 2008 م
د. جهاد طاهر بكفلوني

من يدري فقد يكون العدوان الإسرائيلي القادم موجهاً إلى الأبقار والأغنام والأنعام بشكل عام لأنها تشكل خطراً كبيراً على الأمن القومي الإسرائيلي يضاف إلى ذلك أن هذه الحيوانات المسكينة ملاحقة بتهمة خطيرة ألا وهي إنتاج الحليب, والعقل الإسرائيلي الذي يحاول أن يحسب لكل شيء حساباً بعقدة الخوف من كل مَنْ وما هو عربي.

يرى أن هذا الحليب يشكل المادة الأساس في تغذية الرضع الفلسطينيين, وكانت البداية بإتلاف مادة الحليب الجاهزة تمهيداً لحرمانهم من الغذاء الرئيسي, ثم قد تأتي الخطوة التالية بتجفيف منابع الحليب, والوسيلة الوحيدة لذلك هي القضاء على حيوان ينتج حليباً يتغذى به الرضيع الفلسطيني.‏

وكأن الحصار الجائر المفروض على الشعب الفلسطيني منذ أمد طويل,وكأن إغراق قطاع غزة وغيره من المدن الفلسطينية في كهف الظلام الدامس بقطع النفط عن محطات توليد الكهرباء والسماح أحياناً بتدفقه بكميات لا تسمح بتشغيل تلك المحطات لأكثر من يومين أو ثلاثة أيام, وكأن تجريف الأراضي الزراعية الفلسطينية وحرمان الشعب من الغذاء والماء والدواء,كأن ذلك كله لم يعد كافياً في نظر ساسة إسرائيل لرؤية الشعب الفلسطيني محروماً من كل أسباب الحياة, كل ذلك لم يكن كافياً في نظر قادة الحقد والعنصرية, لذلك اندفعوا إلى التفكير بوسائل جديدة وابتكار أساليب أكثر حداثة لجعل الأرض الفلسطينية قبراً جماعياً يوارى الشعب فيه ويوارى معه إصراره الدائم على معانقة نور الحياة رغماً عن أنف الحقد الإسرائيلي الذي لا يعرف حداً من الحدود.‏

المجتمع الدولي يسمع ويرى ما يجري في الأراضي الفلسطينية فيلجأ إلى أضعف الإيمان فيدين ويستنكر ويوجه دعوات إنسانية إلى الساسة الإسرائيليين ناسياً أو متناسياً أن علاقتهم بالإنسان والإنسانية قد انقطعت منذ زمن بعيد, ومن المحال إعادة هذه العلاقة إلى وضعها الطبيعي.‏

ويدلي الأمين العام للأمم المتحدة بدلوه في هذا المجال لعل وعسى تصل الدعوة لتجد بعض الآذان الصهيونية المصغية إليها, فيطالب بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية من خلال المعابر المغلقةحتى إشعار آخر, لأنه يرى نذر الكارثة الإنسانية المحدقة بالفلسطينيين وقد لاحت في الأفق فينبري وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك ليعلن بكل صفاقة وجه رفض دعوة الأمين العام للأمم المتحدة مفهماً دول العالم كلها أن الكيان الغاصب لما يشتف بعد وما زال محتاجاً لرؤية أعداد كبيرة من شهداء الحصار المفروض على الفلسطينيين, فمثل هذه الأعداد الكبيرة قد تكون كفيلة بتسكين جمرة الحقد عليهم لكن إلى حين, لأن مسألة خمودها أمر فوق طاقة الصهاينة أفراداً وجماعات وهم الذين فتحوا عيونهم على كره العرب والبشرية جمعاء.‏

وقد يسأل سائل لماذا فعلت إسرائيل ذلك ألكي تعطي برهاناً جديداً على استمرار مسلسل استخفافها بالقرارات الصادرة عن الشرعية الدولية, أم لترسل إلى العالم رسالة مفادها أنها لا تتأثر بتغيير الوجوه على مسرح السياسة الأميركية?, حيث تزامن هذا الرفض مع استعداد الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة الديمقراطي باراك أوباما لتولي زمام الأمور بعد رحيل الرئيس الجمهوري جورج بوش ومعه أركان إدارته الحالية, مشيعين بكل ما يكفل فوح سمعتهم بالقيح والصديد لأجل غير مسمى?!‏

أم أن إسرائيل تريد تعزيز سجلها الذي تفاخر به سجل التمرد على الشرعية الدولية وربما شعرت أن الرقم المشير إلى عدد مرات الرفض بات محتاجاً إلىإضافة أرقام أخرى?!‏

والمضحك المبكي في الموضوع أن الخطوة التي قام بها الوزير الإسرائيلي كانت قد سبقت بتهليل إسرائيل لخطوة تبدي حسن نيتها في التعامل مع الجانب الفلسطيني في رغبة جامحة لتحريك المسار التفاوضي الميت بين الإسرائيليين والفلسطينيين, هذه الخطوة تمثلت بإعلانها عن رغبتها في إطلاق أعداد كبيرة من الفلسطينيين المنسيين في السجون الإسرائيلية,وهذا العدد قد لا يقف عند حدود إطلاق سراح مئتين وخمسين معتقلاً فلسطينياً بل ربما تجاوزه بقليل أو كثير, ثم ظهر الكيان الصهيوني بصورته الحقيقية عندما أضاف إلى السجناء الفلسطينيين زملاء آخرين باتت السجون الإسرائيلية مكتظة بهم ليلزّوا فيها إلى جانب المعتقلين القدامى.‏

إنها السياسة التي ميزت الكيان الصهيوني منذ نشأته فلم الضحك على الذات وخداع النفس والزعم أن الوصول إلى السلام مع الفلسطينيين أمر ممكن ولا يحتاج إلامزيداً من الصبر والتحلي بالأناة?!.‏

معادلة واضحة المعالم ,حلها الوحيد يكمن في تمسك الفلسطينيين بحقوقهم والدفاع المستميت عنها ومقاومة الحصار الإسرائيلي الذي سيسقط يوماً بإصرار الشعب الفلسطيني البطل على فتح رئتيه لاستنشاق نسيم الحياة والحرية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية