تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قدس الأقداس الفلسطينية

شؤون سياسية
الأثنين 24 تشرين الثاني 2008 م
د . ابراهيم زعير

أعلن رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيريز عدة مرات آخرها في نيويورك أمام مؤتمر حوار الأديان أنه وافق على المبادرة العربية للسلام, وقبله صرح أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي

أنه مستعد لقبول البحث في المبادرة العربية, ولكن بعد تعديلها بما أسماه التطورات الإيجابية العربية ونشرت صحيفة هآرتس عن أولمرت أنه هو ورئيس كيانه لن يقبلا إطلاقاً القرار 194 وهذا خط أحمر من وجهة نظرنا ولكن كل ما هو دون هذا الخط الأحمر وخصوصاً الحلول الخلافية للاجئين والتي لا تنطوي على دخولهم لإسرائيل قابلة للبحث . ولم تشذ عن هذا التوجه تسيبي لفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية التي اشترطت على العرب قبول كيانها بالمبادرة العربية بالإقدام على التطبيع أولاً ومن ثم السلام لا تنتظروا أن يأتي السلام قبل أن تطبعوا العلاقات معنا والمبادرة العربية التي أقرها مؤتمر قمة بيروت عرضت السلام مع إسرائيل مقابل تطبيق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بشأن الانسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي العربية بعد عدوان الخامس من حزيران عام 1967, وفسر الإسرائيليون ما جاء في المبادرة العربية: بالحل العادل لمسألة اللاجئين استناداً إلى القرار 194 بأنه تراجع عن هذا القرار الذي ينص على حق العودة صراحة ودون أي غموض, فعندما نقول على إسرائيل الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة استناداً إلى القرارات الدولية ولاسيما القرارين 242و 338 فهذا يعني الانسحاب حتى حدود الرابع من حزيران حكماً وكل انتقاص من ذلك هو خرق فاضح لهذين القرارين وينطبق ذلك تماماًعلى المبادرة العربية التي تؤكد على الحل العادل لمسألة اللاجئين استناداً إلى القرار 194 ولو كان الأمر غير ذلك, لما وافقت سورية على ذلك هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن التفسير الإسرائيلي لبند مسألة اللاجئين في المبادرة العربية يعني في محتواه ليس فقط شطب حق العودة بل وتوطين الفلسطينيين في منافيهم ورفض مبدأ إقامة الدولتين, وإذا كانت إسرائيل تشترط قبولها للمبادرة العربية بشطب حق العودة والتوطين فإنها بذلك تشطب مبدأ عملية السلام أصلاً وهي كذلك. وهو ما تفعله منذ احتلالها للأرض العربية وحتى اليوم وهو ما جعلها تماطل وتسوف مؤتمر مدريد للسلام الذي عقد أساساً وفق القرارين 242و 338 واشترط لنجاح المساعي السلمية أن تنفذ )إسرائيل( جميع القرارات المتخذة من قبل مجلس الأمن الدولي وضمناً القرار 194 ودون ذلك لا يمكن أن يكون هناك أي سلام وبالتالي فتقرير مصير السلام تحدده بهذا المعنى إسرائيل حصراً وليس العرب.‏

وإذا ما تراجع بعض العرب عن الإصرار في تطبيق القرارات الدولية ولاسيما بعد عقد معاهدات واتفاقيات منفردة مع إسرائيل وخاصة بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو المنقوصة فإن ذلك لا يلغي بأي حال من الأحوال المقومات الأساسية للسلام العادل والشامل والذي لا يمكن أن يكون كذلك إلا إذا طبقت جميع القرارات الخاصة بالصراع العربي- الإسرائيلي وأي حديث عن السلام بغير هذا المعنى فإنه جعجعة فارغة وتلاعب بالألفاظ وتحايل على القوانين والقرارات الدولية والتي تعودت إسرائيل على هذا النهج, لكي تستثمر في رفضها للسلام تحت لافتة تمسكها المزيف به , وإذا ما نظرنا إلى مجمل السلوك الإسرائيلي المتعلق ليس فقط بمسألة حق العودة بل وفيما يتعلق بمدينة القدس التي ترفض رفضاً قطعياً البحث في مصيرها معتبرة أن القدس ستبقى مدينة موحدة وعاصمة أبدية لإسرائيل , لتبين لنا تماماً أن ماتريده إسرائيل ليس سلاماً, وإنما إبقاء تلك القضايا التي لا يمكن أن يستقيم السلام العادل والشامل دونها, ما يبرهن بشكل قاطع على أن إسرائيل ما زالت ترفض المبادرة العربية وما تصريحات بعض مسؤوليها بقبولهم لهذه المبادرة إلا مناورة مفضوحة وتسويقاً رخيصاً لمواقفها العدوانية على مستوى الرأي العام العالمي الذي تحاول كسبه بإظهار نفسها كالحمل الوديع الحالم بالسلام وحسن الجوار مع العرب, بينما العرب هم الذين يرفضون السلام الذي تسعى إليه ويساعدها ويشجعها على التسويق الدعائي لهذه الكذبة الكبرى حلفاؤها الأميركيون الذين لا يختلفون عنها في منطق سياستهم ونهجهم العدواني ضد العرب وحقوقهم العادلة ويبقى السبب الرئيسي والأهم الذي لا يذكره الأميركيون ولا الصهاينة هو أن التنازل عن حق العودة وقبول التوطين وتمسك إسرائيل بالقدس والمستعمرات المستوطنات إنما هو الأمر الذي يعتبر بجميع المقاييس المسمار الأخير في نعش الحقوق العربية والفلسطينية والمتمثل في تصفية القضية الفلسطينية , وما يساهم جدياً في هذا التوجه الإسرائيلي الأميركي استمرار الخلافات الفلسطينية - الفلسطينية هذه الخلافات التي تعتبر أثمن هدية لإسرائيل وفي سياق هذا المفهوم فإن تفكك الصفوف العربية يعتبر هو الآخر هدية لإسرائيل , فاستعادة الحقوق المغتصبة بما فيها حق العودة يحتاج إلى القوة والإرادة وتوفرهما مرهون بوحدة الفلسطينيين والتضامن العربي الخلاق.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية