تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أميرا الكذب!!

هآرتس
ترجمة
الأثنين 24 تشرين الثاني 2008 م
ترجمة :ليندا سكوتي

نقلت وسائل الإعلام خبراً مثيراً للدهشة والاستغراب ألا وهو عودة بيني بيغن ودان ميريدور إلى صفوف حزب الليكود ذلك لأن كلاً منهما قد سبق له وأن أدلى بتصريحات متشددة

ينتقد فيها بنيامين نتنياهو وعند السؤال عن دوافع هذا التغيير كانت الإجابة بهدوء وروية أن نتنياهو قد نضجت أفكاره, والعمر تقدم بهما وعلى الرغم مما يذهب إليه الكثير من أنهما سياسيان أخلاقيان ومستقيمان ومن ذوي الأيادي البيضاء, إلا أن نظرتي إليهما لا تتعدى كونهما أميرين للكذب. نتساءل عن القاسم المشترك الذي يجمع بين هذين الأميرين حيث عرف عن الأول بأنه يميني متطرف متشدد بينما يعتبر الآخر معتدلاً, الأمر الذي يوصلنا إلى نتيجة مفادها بأن عودتهما في هذا الوقت إلى حزب الليكود لم تكن إلا لدوافع انتهازية لاعتقادهما بأن فوز الحزب في الانتخابات أصبح قاب قوسين وليس ثمة سبب آخر يعطينا تفسيراً لتلك العودة في هذا الوقت وتخلي كل منهما عن حزبه, ولم يلق هذا التصرف مايستحقه من استهجان كما لو أن آخرين قاموا به من أمثال ديفيد ليفي ويئيل حازان حيث ستنبري وسائل الإعلام لتنعتهما بالانتهازية والوصولية , الأمر الذي تم تجاوزه بالنسبة لهذين الأميرين باعتبار كل منهما ابناً لملك من ملوك إسرائيل يؤكد الواقع بأنه ليس ثمة أي دليل على حدوث تغيير في توجهات نتنياهو أو حزبه ولو سلمنا بميوله نحو الاعتدال فإن بيغن ذلك اليميني المتطرف يخدعنا بما ادعاه عن تغيير حصل في فكر نتنياهو, أما إذا كان التغيير قد حصل باتجاه التطرف فإن ميريدون هو من خدعنا عندما عاد إلى الليكود.‏

يعجب الكثير من الناس بشخصية الاثنين حيث نجد أن بيغن يتسم بالتواضع لأنه يستخدم المواصلات العامة في تنقلاته وأنه واسع المعرفة وضليع باللغة العبرية ومتقشف ويعارض القوانين الظالمة التي تصدر بحق الفلسطينيين ويماثل أباه في صفاته, أما ميريدور نجل إلياهو الذي نادى بإنشاء دولة إسرائيل الكبرى فقد نشأ في بيئة ثقافية ويتمتع بالدماثة ويحب السفر ويرتاد الاوبرا ويتقن عدداً من اللغات الأوروبية, لكن في الوقت الذي نجد به السهولة لمهاجمة بيغن لأسباب تتعلق بمواقفه المتطرفة والمتشددة التي يتعذر تطبيقها, كانت النظرة إلى ميريدور بأنه ليبرالي مناصر لحقوق الإنسان يؤيد ما يصدر من قرارات عن المحكمة العليا, وعرف عنه الرفض لأكاذيب الشين بيت ومناهضة عمليات التعذيب وما قامت به الحكومة من طرد 415 فلسطينياً من منظمة حماس إلى لبنان, ودعوته إلى ضم أعضاء عرب من الكنيست إلى لجنة الدفاع والشؤون الخارجية التي يترأسها, كما أنه في السنوات الماضية تجاوز الأحلام بإنشاء دولة إسرائيل الكبرى وتوصل إلى قناعة تقول بعدم إمكانية حكم شعب من قبل شعب آخر, ويبدو أن تخليه عن هذا الحلم لم يكن إلانتيجة لإدراكه بأن تلك الدولة لن تكون ذات أغلبية يهودية وإزاء ما بدا من تباين في توجهات هذين العائدين يتعين علينا ألا نخدع بما يصدر عنهما من أقوال يبدو أن بيغن قد دعا إلى الليكود دون أي تغيير في مواقفه وتوجيهاته حيث صرح في الاسبوع الماضي بأنه ليس ثمة أي أمور نتحدث بها مع الفلسطنيين في السنوات المقبلة باستثناء موضوعات المساواة والمياه والصرف الصحي, ويعتبر نفسه محقاً في معارضته لاتفاقيات أوسلو والانسحاب احادي الجانب أو البحث في التوصل إلى اتفاق نهائي أو مؤقت ومع كل ذلك لا يعتبر نفسه متطرفاً ولايصف من يعارض عقد اتفاق مع الفلسطينيين بالتطرف, الأمر الذي يدعونا للتساؤل عمن هو المتطرف? أما ميديدور فإن قناعته المعلنة تقوم على إقامة دولتين والانسحاب من معظم الأراضي في الضفة الغربية وليس جميعها وعلى الرغم مما يدعيه من الإيمان بالديمقراطية وحكم القانون فإنه ينظر إلى إنهاء الاحتلال باعتباره تنازلاً إسرائيلياً ومع ذلك فقد انضم إلى حزب لا يؤمن إلا بالسلام الاقتصادي فحسب, والذي لم يرم في يوم من الأيام إلى عقد اتفاقية سلام حقيقية وإنما هدفه المماطلة والاستمرار أطول مدة ممكنة بالاحتلال, وبذلك فقد أضاف فكرة السلام الاقتصادي إلى ما يدعيه من توجيهات هذا إذا ما أردنا أن نأخذ تصريحاته على محمل الجد فقد كان عليه الانضمام إلى حزب ميرتس أو العمل أوكاديما لا أن ينضم إلى حزب الليكود.‏

إزاء ما تقدم فإن النظرة إلى بيغنالذي يؤكد استمرار الاحتلال إلى الأبد تقوم على اعتباره إنساناً غير أخلاقي, أما بالنسبة إلى ميريدور الذي عاد إلى الليكود على الرغم مما يحمله هذا الحزب من مواقف فلا يمكن أن يعتبر شخصاً نموذجياً.‏

إن ما يدعو للسخرية أن ننظر إلى شخص ما ونسبغ عليه أوصافاً مثالية لمجرد أنه استخدم وسائل النقل العامة ليظهر للآخرين تواضعه ونعتبره أخلاقياً ونظيفاً ومستقيماً في الوقت الذي يعارض الانسحاب من الأراضي المحتلة ويؤيد بشدة استمرارالاحتلال, أما من يجاهر بأفكاره الليبرالية المستنيرة فلا ينضم إلى حزب الليكود لأنه بانضمامه إما أن يكون قد خالف فلسفته في الحياة أو أنه تعمد خداع الآخرين.‏

في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بالسياسة الإسرائيلية يبدو أن خبر عودة هذين الأميرين إلى الليكود قد لقي من البعض ترحيباً, لكن عليهم ألا يغفلوا الجوانب المظلمة والمضللة في مواقف كل منهما.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية