تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


من الصحافة الإسرائيلية .. هآرتس: وعود السلام الفارغة شوشت الحملات الانتخابية

ترجمة
الأثنين 24 تشرين الثاني 2008 م
إعداد وترجمة :أحمد ابو هدبة

في وقت يتبارى فيه زعماء الكيان الإسرائيلي في إطلاق تصريحات التهديد والوعيد ضد الفلسطينيين في قطاع غزة يشتد الحصار الظالم على غزة حيث يعيش أكثر من مليون ونصف مليون

مواطن وطأة هذا الحصار بعد ان اغرقوا غزة في ظلام دامس,فمن تهديد اولمرت بان المواجهة مع حماس محتمة الى وعيد وزير الحرب باراك بإطلاق يد جيشه للعمل كما يحلو له قتلا وتدميرا ضد سكان غزة والى مطالبة حاييم رامون بمحاكمة القائمين على السياسات الإسرائيلية جراء ما اسماه قصورهم في حماية سكان مستوطنات وبلدات الجنوب وهكذا طالب إيلي يشاي زعيم حركة شاس الدينية المتطرفة ورافي ايتان احد زعماء الليكود, الى جانب عمليات القتل اليومية التي يتعرض لها سكان القطاع .‏

وهكذا يتحول الدم الفلسطيني الى مادة للانتخابات الإسرائيلية, ويصبح الإسرائيلي الذي يقتل فلسطينيين أكثر هو الأكثر شعبية وحرصا على حماية امن الكيان ومستوطنيه ,وبهذه الطريقة يحتل قتل الفلسطينيين راس قائمة الأولويات الحزبية الإسرائيلية .فالحملات الانتخابية المسعورة التي بدأت على قدم وساق في الكيان الإسرائيلي لم تتوقف عند الدعوة والتحريض على القتل وتشديد الحصار على غزة وأهلها وإنما بإغراق الضفة الغربية بالمزيد من المستوطنات وإحكام الخناق على مدنها وقراها ومخيماتها عبر مئات الحواجز ونقاط التفتيش.‏

من جهة ثانية وجه ضباط كبار في هيئة أركان جيش الاحتلال انتقادات ضد وزراء إسرائيليين, دعوا إلى تصعيد القتال ضد الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وإعادة احتلال القطاع, وطالبوهم بالتوقف عن إطلاق تصريحات كهذه كونها تدفع حركة حماس إلى خرق التهدئة.‏

وذكرت صحيفة هآرتس, أن الضباط الإسرائيليين وجهوا الانتقادات إلى الوزراء حاييم رامون وايلي يشاي ورافي ايتان الذين دعوا إلى إعادة احتلال القطاع والوزير شاؤول موفاز الذي دعا إلى اغتيال قياديين في حماس. وأضافت الصحيفة أن هيئة الأركان العامة للجيش تتحفظ على شن عملية عسكرية بهدف احتلال القطاع.‏

وأفادت هارتس أن وزير الحرب باراك, ورئيس أركان الجيش, غابي أشكنازي, يتحفظان الآن على عملية عسكرية إسرائيلية واسعة ضد قطاع غزة.‏

كما عبرت قيادة الجيش عن قلقها من أن قسما من السياسيين الإسرائيليين يحاولون جر الجيش إلى النقاش السياسي وحذروا من )تصريحات منفلتة لا حاجة لها( يطلقها وزراء إسرائيليون ويحثون بذلك حماس إلى تصعيد إطلاق الصواريخ.‏

لكن صحيفة يديعوت أحرونوت نقلت عن ضباط إسرائيليين كبار قولهم إن جميع الخطط العسكرية تم استعراضها أمام الحكومة وعلى أولمرت أن يتخذ قرارا.فيما رفض مسؤولون مقربون من أولمرت انتقادات قيادة الجيش, وقالوا إن أولمرت أمر بتلخيص للمداولات الجارية بين الجهازين الأمني والقضائي فيما يتعلق بالقيود القانونية على هجوم محتمل ضد قطاع غزة.‏

وقال اليكس فيشمان المحلل العسكري في يديعوت أحرونوت, بأن باراك طلب قبل بضعة شهور من خبراء قانونيين التدقيق في إمكانية استئناف القصف المدفعي الإسرائيلي على القطاع, ورد الخبراء القانونيين على باراك بالقول إن قصفا مدفعيا كهذا باتجاه مناطق مأهولة بالسكان سيعتبر جريمة حرب ترتكبها إسرائيل.‏

وفي موازاة ذلك كله ,تعيش الحلبة الحزبية الإسرائيلية هذه الأيام حمى الانتخابات , بحيث بلغت التوترات والتجاذبات والاستقطابات داخل جميع الأحزاب حدا لم يسبق له مثيل منذ إنشاء الكيان على الأرض الفلسطينية ,و طالت الصراعات الداخلية جميع الأحزاب والكتل والتيارات السياسية دون استثناء ,الأمر الذي دفع بأحد المعلقين السياسيين بوصف الوضع الحزبي القائم بوضع الحرب ,فحزب كاديما يعيش مواجهة حقيقية بين اولمرت المستقيل وتسيفي ليفني رئيسة الحزب الجديدة ولخصت صحيفة هآرتس سبب المواجهة بين إيهود أولمرت وتسيبي ليفني بالقول: إن وزيرة الخارجية تعتقد بأن على رئيس حكومتها أن يمتنع عن إدارة اتصالات سياسية, وإن عليه الانشغال في تسيير أمور ألحكومة فقط. أما أولمرت فيعتقد خلاف ذلك, إذ تنقل الصحيفة عن مقربين منه قولهم )إنه لا يعتزم الكف عن أن يكون رئيس وزراء.‏

أما بالنسبة لحزب العمل,فانه يعيش هذه الأيام أزمة عويصة تنذر بتلاشيه من الخريطة السياسية في الكيان , فالخلافات المستعصية تحاصره من كل جانب , ولا يزال يعاني من هجرة زعمائه الجماعية كان أخرهم شلومو بن عامي الى جانب نية أهم ثلاثة من زعمائه تشكيل تنظيم يساري جديد وأنهم يعتزمون الانضمام لحزب ميرتس(حركة حقوق المواطن)اليساري.وبالفعل تلقى حزب العمل وزعيمه ضربة مميته بإعلان كل من عامي أيلون وأوفير بينس وملكي أور انسحابهم من حزب العمل وانضمامهم الى إطار حزبي جديد,في الوقت الذي تجري فيه مشاورات بين عدد من الشخصيات السياسية الإسرائيلية لإنشاء حزب اليسار الجديد, الذي سيضم حركات وشخصيات سياسية يسارية, مركزها حزب ميرتس.‏

ففي مؤتمر صحافي, صرح أيلون إن حزب العمل لم يعد ذا صلة, ووصل إلى مرحلة لم يعد فيها بالإمكان التوجه إلى الجمهور لإقناعه بالتصويت لمصلحته. حتى أقربائي لم أعد أستطيع أن أقنعهم بذلك. ولم أعد أستطيع التوجه إلى أصدقائي في الانتخابات التمهيدية, ولا إلى الجمهور الواسع, وإقناعهم بطريق حزب العمل,وان حزب العمل ضل طريقه.في مقابل ذلك أثارت خطوة أيلون هزة عميقة واستياءً كبيرا في صفوف العمل, ووصف باراك استقالته بأنها خطوة لا تحترم ماضيه, مؤكداً أن الاستقالة من الحزب تضرّ, ولكنها تضرّ الشخص المستقيل أكثر.وفي نفس السياق قال الأديب الصهيوني , عاموس عوز, أحد المبادرين إلى إنشاء حزب اليسار الصهيوني الجديد, إن حزب العمل الذي يترأسه باراك, قد أنهى دوره التاريخي, وبات يفتقر إلى أجندة وطنية, معرباً عن أمله أن تتحول حركة اليسار الموسعة إلى بديل عن العمل.‏

كل ذلك يشكل فرصة ذهبية للأحزاب اليمينية الدينية والقومية المتطرفة وخاصة الليكود الذي يسعى هذه الأيام الى رص صفوفه واستقطاب شخصيات ورموز جديدة في وقت شهدت فيه الحلبة الحزبية اليمينية تطوراً تاريخياً تمثّل في إعلان عدد من أحزاب اليمين المتطرف, الديني والعلماني, تأليف حزب واحد وخوض الانتخابات تحت رايته.وتوقف رئيسا كديما والعمل, ليفني و باراك, عند هذه العملية التي يقوم بها حزب الليكود, ولا سيما انضمام الوزير السابق بني بيغن إليه. فأبدت ليفني تحفظاً شديداً على الخطوة, وهاجمت الليكود بعنف خلال اجتماع كتلة كديما, واتهمته بالتسبب في الجمود السياسي وبرفض كل طريق سياسية للمفاوضات, مضيفة أن الأيام الأخيرة أبرزت حقيقة أنه ثمة خيار من خيارين: بين الجمود المطلق في العملية السياسية والتدهور لاحقاً, وتقدم الدولة وصنع التغيير. ودعت الجمهور إلى أن يختار ما إذا كان يفضل الجمود أو التقدم.‏

بدوره, قال باراك, خلال جلسة لكتلة حزب العمل, تعليقاً على انضمام بيغن إلى الليكود: رأينا اليوم في العناوين انضمام أشخاص إلى الليكود. يتعلق الأمر بأشخاص نعرفهم منذ سنين طويلة, وهم بالطبع جديرون, لكن انضمامهم يوضح ويبرز نهج الليكود ويشير إلى أن الليكود قد يقود إلى طريق مسدود.بدوره زعيم الليكود, بنيامين نتنياهو, لم يلتزم الصمت, ورد على هذه الانتقادات بالقول :إن الليكود يعود إلى الشعب, والشعب يعود إلى الليكود. وتحدث, خلال جلسة كتلة حزبه عن انضمام قوى جديدة وهامة إلينا, قديمة وجديدة(. وتعهد انضمام المزيد منها.‏

من جهة أخرى , تؤشر الانتخابات البلدية الجارية في المدن الرئيسية في الكيان الى حدوث انقلاب في التركيبة الحزبية لصالح اليمين وما سمي بظاهرة المستقلين في الكيان المذكور وقد تمخضت هذه الانتخابات عن صعود ممثل اليمين في القدس وعكا وتل أبيب , غير ان الانتخابات البلدية في القدس كانت محط انظاروسائل الإعلام الإسرائيلية بحكم تعاطي الكيان مع القدس المحتلة على أنَّها (عاصمة الدولة العبرية), ويولونها اهتماما واسعاً. وبعد فترة من حكم المتدينين, أعادت هذه الانتخابات التفويض للعلمانيين, كما قالت وسائل الإعلام العبرية.‏

وفاز المرشح نير باركات برئاسة البلدية بفارق كبير عن خصمه اليميني المتشدد مئير بروش. لكن في حقيقة الأمر, فإن باركات, الذي يحمل آراءً يمينية, لم يطرح برنامجاً متناقضاً مع المتدينين, ووعد بأن تبقى القدس العاصمة الموحدة لإسرائيل , و الحفاظ على الأماكن الدينية , من دون التنازل عن المنطقة الشرقية التي يسكنها الفلسطينيون.‏

على أية حال , ان ما يجري داخل الأحزاب الإسرائيلية والواقع السياسي في الكيان الإسرائيلي بشكل عام ,ليس بمعزل عن التطورات المحلية والإقليمية وما يمور به الوضع السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي في إسرائيل من اختلالات وتوترات على هذه الصعد جميعا فعلى المستوى السياسي يتضح من متابعة السياسات الإسرائيلية منذ بداية عملية التسوية في مطلع التسعينيات, يمكن ملاحظة ضعف الاستقرار الحكومي, واضطراب السياسة الإسرائيلية وتنامي الخلافات بين أقطابها, ما يعني أن إسرائيل باتت تعيش نوعاً من الأزمة السياسية المستمرة, التي تجعلها تلجأ مراراً إلى تقريب موعد الانتخابات, بسبب ضعف الإجماع على هذه العملية. يلخص أريه شابيط في هارتس هذا الوضع بقوله : وعود السلام الفارغة شوشت الحملات الانتخابية في العقدين الأخيرين.. العملية الديمقراطية حسمت لأن مرشحاً واحدا حسب على السلام بينما اعتبر منافسه عائقاً أمام السلام. الاعتقاد بضرورة السلام تسبب في عدم طرح أسئلة صعبة على مرشح-السلام...‏

غابت البرامج واختفت التحقيقات وحتى المناظرات التلفزيونية. سياسة الانتخابات أصبحت سياسة تجريدية تقوم على من لنا ومن علينا, من هو المدافع عن السلام الذي ينتمي لجماعتنا .‏

ثم ان غياب الكثير من الزعامات التاريخية عن الأحزاب الرئيسة وخاصة العمل والليكود قد اثر على هذه الأحزاب وعلى دورها في السياسات وبالتالي أدى الى تراجعها وأحدث ما يعرف بأزمة القيادة في الكيان الصهيوني ,كذلك الأمر فان تراجع دور الأحزاب وسقوط الكثير من شعاراتها أدى الى سقوط نظرية حكم الأحزاب الكبيرة ,الى جانب نزوع وانزياح التجمع الاستيطاني في فلسطين نحو المزيد من التطرف واليمينية ساهم الى حد بعيد في تراجع هذه الأحزاب وأصبحت الكتل هي التي تتحكم بالمسارات السياسية في اسرائبل وهو أمر ينذر بمجيء اليمين بقوة الى سدة الحكم في الكيان الإسرائيلي وما يجري هذه الأيام من محاولات تصعيد الأوضاع في غزة وفي الحدود الشمالية يرتبط ارتباطا وثيقا بالحملة الانتخابية .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية