تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


العالم مستودع كبير لبؤس المرأة..?!

مجتمع
الأثنين 24 تشرين الثاني 2008 م
غيداء سلطان

إن وضع المرأة الآن أحسن حالاً نسبياً منها في بداية القرن, حقوقها السياسية أو بعضها متاحة لها هنا أو هناك, والتعليم والعمل متاحان لها أيضاً لكن لم يؤد التطور إلى حل مشكلة المرأة

تماماً في المنطقة العربية لا على الصعيد الاجتماعي ولا الحقوقي ولا الإنساني - الفردي بل حدث في بعض المجالات تفاقم وفي البعض الآخر انتكاس, العقلية التقليدية تفرض إلى هذا الحد أو ذاك نظرة القرون الوسطى إلى المرأة الأمر الذي كان مثار جدل في الشرق العربي منذ أواخر القرن الماضي, إن الدعوة إلى تحرر المرأة ومساواتها بالرجل فيها بالتأكيد دفاع عن المرأة لكن ليس ذلك هو كل جوانب الموضوع, إذا كان حل مشكلة المرأة تتطلب مصلحة المرأة ذاتها وهي تتطلبه دون شك فإن مصلحة المجتمع تتطلبه أيضاً وربما بالدرجة الأولى, ومن هنا النقطة المهمة إن موضوع النضال من أجل تحرر المرأة ومساواتها بالرجل ليس موضوعاً نسائياً فقط وإنما يهم الرجل بمقدار ما يهم المرأة باعتباره قضية اجتماعية من حيث مبدأ المجتمع الذي ينطوي في علاقاته على العبودية من أي نوع كانت هو مجتمع غير سليم فيه خلل أساسي ولا يمكن معالجته إلا بإزالة تلك العبودية لايمكننا تصور مجتمع يتحقق فيه تطور كبير للذكور وتبقى فيه الإناث بمنزلة الجواري, الأنثى هي زوج وأم ومربية وإذا كانت تقوم بأدوارها الاجتماعية هذه بشكل تقليدي فإنها تترك بصمات سيئة عديدة على الذكور والإناث معاً وعلى الحياة الأسرية وعلى المستقبل لأن الأطفال هم مستقبل الإنسان وأساليب تنشئتهم تؤثر سلباً أو إيجاباً على ذلك المستقبل وفي ظل الكبت تنتشر مختلف أنواع الشذوذ الجنسي التي لها تأثيرات قريبة وبعيدة على الحياة الصحية والأسرية وعلى حياة المجتمع بالتالي هي محرمة دينياً بنفس الدرجة من تحريم العلاقة غير الشرعية بين الرجل والمرأة ومع ذلك يغض أتقى الأتقياء النظر عنها ويعتبرها شراً لا بد منه.‏

إن تحرر المرأة لايعيد فقط للمرأة وضعها الاجتماعي كإنسانة لها نفس الحقوق وعليها نفس الواجبات التي لأفراد المجتمع الآخرين وإنما أيضاً يعيد للمجتمع الحياة الطبيعية التي تساعده على التطور والنمو وبناء المستقبل, إن تطور وضع المرأة في المجتمع يتطلب أموراً كثيرة تتطلب بالحقيقة تطور المجتمع في كل جوانبه لكن ثمة علاقة جدلية أيضاً مثلما تطور المجتمع يحمل في طياته تطور المرأة فإن تطور المرأة يساهم كثيراً في دفع المجتمع إلى الأمام في نفس الوقت لابد من احترام الناس وقناعاتهم في موضوع المرأة ومن الخطأ قسر الأمور لأن النتائج تكون سلبية حينئذ لكن هذا الاحترام يجب ألا يؤدي أيضاً إلى أذى الآخرين والإضرار بهم.‏

إن في النظرة التقليدية إلى المرأة أموراً لا تتعلق بقناعة الناس النظرية وإنما بممارسات قد تؤذي الأفراد الذين على المجتمع حمايتهم وقد تؤذي المجتمع بكامله في هذه الحالة يجب على التشريع أن يدرأ الضرر وهذا من حق المجتمع ولا يمس قناعة الناس إلا ربما بشكل غير مباشر. إن التشريعات التقليدية المتعلقة بالأسرة غالباً ما تسيء بذلك إلى الأسرة الخلية الأساسية للمجتمع والأولاد وتربيتهم ورعايتهم وإلى المجتمع ككل ولذا فإن من الضروري إدخال تعديلات جذرية على تلك التشريعات تسمح بالعلاقة المتوازنة بين الرجل والمرأة في المجتمع وتسمح بخلق جو صحيح لتربية الأولاد ومن هنا تتبع ضرورة إزالة عبودية المرأة من المجتمع وإتاحة الإطار القانوني لها كي تكون مواطنة فاعلة تستطيع أن تضع يدها في يد الرجل في تنشئة الأسرة وفي العمل وفي الإدارات الحكومية والخاصة وفي المهن الاختصاصية وفي مجالات البحث العلمي وباختصار في جميع المجالات والاستفادة من التشريعات الحديثة في البلدان المتطورة لصياغة قوانين للأسرة قابلة للتطور.‏

والمهم أيضاً أن تتطور الأعراف وأن يتخلص المجتمع تدريجياً حتماً ولكن بسرعة كافية من العقلية التقليدية التي تعرقل المجتمع وتطوره.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية