تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


العودة.. حق ثابت

آراء
الأثنين 24 تشرين الثاني 2008 م
احمد صوان

تحتضن دمشق في هذه الأيام الملتقى العربي الدولي لحق العودة, وذلك تحت شعار (العودة حق ثابت). ونتساءل هنا: لماذا العودة, وفي دمشق بالذات?.. لماذا كل هذا الإصرار على عودة شعب فلسطين إلى دياره كجزء لا يتجزأ من السلام العادل والشامل في المنطقة?..

واضح أنه ومنذ ستين عاماً أن قضية فلسطين لم تتمثل أو تتجسد نكبتها فقط باغتصاب الحركة الصهيونية العالمية بالتواطؤ أولاً مع الانتداب البريطاني على فلسطين, وبالدعم الأميركي غير المحدود (لإسرائيل) ثانياً, لأرضنا العربية الفلسطينية, وهو ما كان في الرابع عشر من أيار من عام 1948, وذلك بإعلان (دولة إسرائيل), وهذا الإعلان ما كان ليكون أو ليتم ويتحقق إلا لأن الحركة الصهيونية مهدت له بإجراءات استيطانية, بإحلال اليهود محل العرب وأملاكهم وأراضيهم ومنازلهم, وهو ما تكثف بشكل خطير وكبير عقب صدور وعد بلفور في الثاني من تشرين الثاني عام 1917, ومنذ آنذاك إلى النكبة مارست الحركة الصهيونية عبر منظمات إرهابية إسرائيلية هي (شتيرن وارغون وليحي) وغيرها سياسة القتل وارتكاب المجازر والترويع والتهديد لإرغام الفلسطينيين على ترك أراضيهم ومنازلهم, وتشريدهم بالتالي.‏

هذه الحقائق التاريخية مثبتة بوقائع أدلة, إلى حد أن الأمم المتحدة وحين قبلت (إسرائيل) في عضويتها, وضعت شرطاً لهذا القبول وهو عودة الفلسطينيين المشردين والمهجرين إلى ديارهم, وهو ما عرف ويعرف الآن بالقرار 194, ومع مضي كل تلك السنين على النكبة والقرار 194 لم تلتزم (إسرائيل) بذلك, وضربت عرض الحائط بالقرار وبحقوق شعب فلسطين كلها وفي مقدمتها حقه في العودة وتقرير المصير, ووجدت (إسرائيل) في أميركا وبتعاقب كل إداراتها كل الدعم من أجل أن تبقى خارج المساءلة التاريخية والحقوقية والدستورية والإنسانية والسياسية فيما فعلته بشعب فلسطين, وفيما هددته في حياته وحقوقه وإنسانيته.‏

واليوم حين نقول وبالفم الملآن أن قضية فلسطين هي جوهر الصراع العربي- الإسرائيلي, فإنه وكتحصيل حاصل نجد أن حق عودة الفلسطينيين إلى ديارهم يشكل صلب الحل للصراع, إضافة بالطبع إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتصفية المستوطنات, واستعادة القدس, لذلك فإن السلام العام والشامل في المنطقة والذي وحده يضع حداً لصراع مرير وقاس في المنطقة, هو بالتحليل والتركيب السياسيين ينطلق من الحق الثابت والمقدس لشعب فلسطين إلى أراضيه وممتلكاته ودياره. وهذا الحق لا يجوز لأحد ومن كان المساومة عليه أو التفريط فيه لأنه حق فردي تكفله كل القوانين والشرائع وأن يكون للفلسطينيين وطنهم, وفي أن يسترد هؤلاء الفلسطينيون أملاكهم وأراضيهم وديارهم, وهو ما يجد ترجمته العملية والواقعية بلغة السياسة والقانون بمقولة هي أن العودة حق متوارث عبر الأجيال لا يجوز فيه التفاوض أو الاستفتاء أو التفويض, وهي حق غير قابل للتصرف ولا يسقط بالتقادم.‏

ونضيف هنا, ونحن نسمع أن هناك ما يمكن أن يحقق صفقة مع الإسرائيليين بذريعة أن العودة في ظروف ومناخات الواقع الراهن غير ممكنة وغير واقعية وغير قابلة للتطبيق!.. ويطرح دعاة هذه الأفكار والتصورات ما يطلق عليه بالتعويض! وإن كان من رد على هكذا ادعاءات, فبالدرجة الأولى يمكن القول: إن التعويض لا يلغي وطناً, لأن لا أحد يستطيع أن يبيع ويشتري وطناً, وإن كان ما يسمى التعويض لا يشكل بديلاً عن حق العودة, صحيح أن الفلسطينيين وعبر مأساتهم ومعاناتهم وتشردهم, والنفي القسري عن وطنهم يحتاجون إلى )تعويض( إلا أن هذا التعويض لا يمنح أحداً في أن يرتكب كفراً بالتخلي عن مواطنيته لصالح الاحتلال والسرطان الاستيطاني, وسياسة ارتكاب المجازر والقتل كما تمارسها آلة الحرب العدوانية الإسرائيلية.‏

إن دمشق العرب, دمشق الصمود والتحدي والعزة القومية, والكرامة الوطنية والقومية, باحتضانها للملتقى العربي الدولي لحق العودة, تجدد مصداقيتها السياسية وتظل على الدوام الحاضنة الحقيقية, والرئة الطبيعية التي يتنفس منها الشعب الفلسطيني, كما ستظل الداعم الحقيقي والكبير لقضية فلسطين ليس لكونها فقط قضية العرب الأولى والأساسية والمركزية, وجوهر الصراع العربي- الإسرائيلي, بل وأيضاً لأن هذه القضية باتت جزءاً لا يتجزأ من الهم الوطني السوري, وهو يحمل عدالة قضايانا القومية العربية, ولا تدخر سورية أي جهد أو إمكانية أو طاقة إلا وتضعها في مكانها من أجل نصرة العرب وفلسطين, ومن أجل تعزيز الانتماء والالتزام بوحدة الأمة العربية, وإعلاء شأن هويتنا القومية الموحدة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية