ربما يساهم السياج المحكم حول هذا المعتقل أو ذاك بصمّ آذان الاحتلال الغاصب وحراسه عن تلك الصيحات المأسورة التي تتردد في كل مكان من بقاع هذه الأرض لكنه لايستطيع قتل الإرادة والصبر رغم المعاناة.
في هذا المعتقل أو ذاك يقبع الوقت كسولاً تتوقف ساعته عن الدوران ويفتح الأسرى عيونهم ويسمعون أن يومهم ابتدأ فقد تكسّرت أجسادهم على تلك القطع الحديدية التي تدعى أسرّة فهي لاتكسب هذه الأجساد إلا الألم والأمراض المستقبلية..ينظرون حولهم لايرون إلا العفن الأخضر الذي ينقل الرطوبة إلى مفاصلهم عدا انتشار الحشرات في كل مكان.
يخرج هؤلاء إلى ساحة ضيقة مفتوحة من الأعلى ويعلوها سقف معدني مشبك يحرم الأسير حتى من التمتع بمنظر السماء وزرقتها وإذا ماالتقى أحدهم بالآخر ودار بينهما حديث يعاقب الاثنان بحجة إملاء الحديث التحريضي على بعضهم البعض مايترك الفرصة سهلة لحراس السجن لمعاقبتهم بأشد وأسوأ الممارسات.
إضافة إلى أنه لايوجد فرق بينهم وبين من يمنعون من العلاج في المشافي خارج المعتقل لأنهم لايحملون هويات وجنسيات اسرائيلية..فهم أيضاً مهملون صحياً حتى أنه لايوجد أدنى اهتمام بمعاناتهم..كيف ولايوجد علاج لحالاتهم المرضية?, كما أنهم يماطلون بإرسالهم حتى لعيادة المعتقل الذي لاتتوافر فيه الأدوية المطلوبة وعلى الأسير أن يعيش رحلة عذاب قاسية مع هذا المرض مادام أسيراً للقهر والسجون الاسرائيلية.
ولزيارات الأهل وساعات اللقاء بهم حديث حيث تمارس إدارة السجن شكلاً آخر للعقاب والانتقام, لأن اللقاء سوف يفصله شبكان معدنيان أيضاً وزجاج عازل للصوت تتخلله فقط بضعة ثقوب لتبادل الكلام في حجرة زيارة يكدس فيها أكثر من ثماني عائلات لزيارات أبنائهم تختلط فيها الأسئلة والأجوبة وأخبار الحزن بالفرح ودموع اللقاء بالانتظار.
ينتهي النهار وتعقبه العتمة ويتطاول الليل إلى غير نهاية غير آبه بمن ينتظرون شروق اليوم التالي.