وأكدت ندوة لحماية المستهلك أقيمت مؤخرا في وزارة الكهرباء ، أن معظم الأجهزة الكهربائية سواء المصنعة محليا أو المستوردة هي أحد الأسباب الحقيقية للجرح النازف في استهلاكنا للطاقة غير المبرر عدا عن كونها غير اقتصادية وندفع ثمنها غاليا، وقد تشكل خطرا على حياتنا لو استمرت بهذه الفوضى بعيدا عن الرقابة الفنية الفعالة التي تثبت صلاحيتها وسلامتها على صحتنا وعدم هدرها الجنوني للطاقة ..
ويبدو أن قانون اللصاقة الطاقية رقم 18لعام 2008 الذي يعاير استهلاك الطاقة للأجهزة الكهربائية حان وقت تطبيق مرحلة مهمة منه بعد أن نضجت الظروف وصارت مواتية للإقلاع به انطلاقا من أجهزة البرادات المنزلية ثم ليعمم تدريجيا على باقي الأجهزة .
معايير..وغايات
والسؤال المطروح : ما هي معايير كفاءة الطاقة وهل تناسب صناعتنا أم تحرجها ..وقد تخرجها من السوق .. أم أنها ستحسن سمعتها وتزيد من تنافسها .. وماذا عن اللصاقات وهل ستشمل جميع الأجهزة دون استثناء وهل يصعب تقليدها؟
وبداية ..نشير إلى أن المعايير واضحة جدا في القانون ولا لبس فيها وهي الأسس التي تحدد حاجة التجهيزات (المصنعة محلياً أو المستوردة) من الطاقة بحيث تدفع السوق باستمرار نحو المنتجات الأكثر كفاءة.
وتعتبر المعايير أكثر السياسات فعالية لتحسين كفاءة الطاقة لأنها تحقق جملة أهداف تنموية فهي توجه المصنعين نحو إنتاج تجهيزات عالية الكفاءة طاقياً ، وتجعل الأسواق تستقطب المنتجات ذات التقنية التي تأخذ بعين الاعتبار الكفاءة الطاقية للتجهيزات.
وبذلك يهتم المصنع بمفهوم جديد وهو الربط بين كلفة المنتج و كفاءته ، وبذات الوقت تتحقق في أسواق هذه الأجهزة الأداة المثلى التي تتلاءم مع تطبيق نظام لصاقات كفاءة الطاقة.
أما لصاقات كفاءة الطاقة فهي عبارة عن بطاقات إعلامية تلصق على الأجهزة المصنعة تبين مؤشرات استهلاك الطاقة لهذا الجهاز وبالتالي تساعد المستهلك على الحصول على المعلومات المطلوبة لتحديد الجهاز الأفضل طاقياً.
ويحدد القانون ثلاثة أنواع من اللصاقات ..الأولى هي اللصاقة الداعمة ووجودها على المنتج يعني أنه كفوء طاقياً، والثانية لصاقة المعلومات وهي تعرض بإسهاب كمية كبيرة من المعلومات الطاقية للمنتج التي تلصق عليه ، بينما الثالثة فهي لصاقات المقارنة وتبين الفارق بين المستويات المختلفة للأجهزة من حيث كفاءتها طاقياً.
لصاقة ..لاغنى عنها
وحددت الأسباب الموجبة للقانون بستة محاور السبب الأول رفع كفاءة استهلاك الطاقة للأجهزة الكهربائية المستخدمة، وثانيا تخفيض استهلاك الطاقة الكهربائية في القطاعات كافةَ وثالثا الحد من انبعاثات غازات الدفيئة (CO2) المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.
أما المحاور الباقية فهي مهمة أيضا بشكل مباشر للصناعة المحلية والمستهلك إذ تهدف لرفع سوية المنتجات المحلية والمستوردة وبالتالي رفع القدرة التنافسية بين الأجهزة المصنعة محلياً والأجهزة المستوردة ، إضافة للتواصل الحضاري الدائم مع المستهلك من خلال اللصاقة الطاقية.
إذن ..وفي المحصلة تعتبر اللصاقات فعالة جداً وتساهم في إنجاح برنامج المعايير لأنها تبين المعلومات الخاصة بمؤشرات الاستهلاك الطاقي للجهاز وتزود المستهلك بالمعلومات اللازمة لانتقاء الجهاز الأفضل من الناحية الطاقية.
وعلى التوازي ، تدعم اللصاقة سياسات كفاءة استهلاك الطاقة وتعتبر عمليا مكملة لنظام المعايير وتساهم كذلك بنشر مفاهيم ترشيد استهلاك الطاقة ورفع كفاءة استخدامها على كافة الصعد.
وتؤكد نصوص القانون أن تطبيقه سيشمل جميع الأجهزة في القطاعات المنزلية والتجارية والخدمية بحيث تلتزم جميعها بالمواصفات القياسية السورية الخاصة بها
وحددت الأجهزة التي يطبق عليها القانون بمايلي : البرادات والمجمدات المنزلية - البرادات والمجمدات التجارية - سخانات المياه الغسالات - أجهزة التكييف - أجهزة الإنارة - مجففات الغسيل - المكانس الكهربائية - الأفران - الشوايات - مراوح التهوية - المحركات الكهربائية من (1-150KW) - المضخات الكهربائية - محولات الاستطاعة والتوزيع - الحواسب الشخصية وشاشات الحواسب - معدات التصوير - معدات الصوت - التلفزيونات - الطابعات الماسحات الضوئية - معدات التصوير الطبي .
أما الجهة المسؤولة عن تنفيذ القانون فهي المركز الوطني لبحوث الطاقة بالتعاون مع هيئة المواصفات ومركز الاختبارات الصناعية و الجمارك وغرف الصناعة والتجارة ومديريات الاقتصاد والتجارة ومديريات الصناعة في المحافظات.
التدريج ..لا الصدمة
ويؤكد المسؤولون في مركز أبحاث الطاقة خلال الندوة ، أن بدء تطبيق اللصاقة على الأجهزة الكهربائية لن يكون بالصدمة دفعة واحدة ، إنما تدريجيا وبدءا من البرادات التي ستطبق عليها اعتبارا من العام القادم ، والتدريج تعمل به جميع دول العالم ليتاح الفرصة لتسوية وضع الصناعة المحلية أو المستوردات وبعد سنتين لا يقبل أي جهاز كهربائي لا يحقق الحد الأدنى المطلوب منه .
والمهم أن المعايير موجودة واللصاقات من نوعية ممتازة يصعب تزويرها أو إزالتها وسيعتمد تاريخ تصنيع البراد أو دخوله إلى سورية لأن التطبيق سيشمل جميع البرادات حتى ولو كانت غير مرخصة صناعيا حيث تبين أن مابين 50 و 70 % من صناعة البرادات غير مرخصة وتعمل في الظل واللصاقة ستشمل جميع البرادات لأنها صمام أمان لترشيد استهلاك الطاقة وسلامة وأمان السلعة وبذلك يسهل ضبطها ومراقبتها مهما كان مصدرها .
والمشكلة الأخرى هي غياب المخابر المعتمدة عالميا أو محليا رغم التسهيلات التي تمنحها الدولة للحصول على شهادة الاعتماد، وهذا يتطلب الإسراع في هذا الجانب حتى لا نجد أنفسنا أمام معوق لتطبيق اللصاقات في جميع أنحاء القطر وفي فترة زمنية محددة .
رفاهية ..غالية الثمن
وأما سبب اختيار البدء بالبرادات فله مبرراته و تبين أن الشعب السوري يحب هذه الأجهزة ولا يستغني عنها بحكم عاداته المعيشية والاستهلاكية والواقع يكشف أن الأسرة السورية تمتلك أكثر من براد وهذا ما تشير الأرقام إليه ففي عام 2007 بلغ عدد الأسر حوالي 3.8 مليون أسرة بينما عدد البرادات بلغ نحو 4.4 مليون براد وتطور الأمر عام 2008 حيث بلغ عدد الأسر حوالي 3.9 مليون أسرة يقابلها ما يعادل 4.5 مليون براد ، أي أن نسبة تواجد البرادات في المنازل السورية 116 % ويتوقع أن يكون العدد حاليا أكثر من 130 % وهذا يدل على تحسن المستوى المعاشي .
غير أن المشكلة في هذه الأجهزة الحضارية والأساسية لكل منزل ، أنها ليست اقتصادية وفق المعايير العالمية لأنها تستهلك ربع نفقات الأسرة على الطاقة حيث يبلغ الاستهلاك الوسطي للبراد الواحد بـ850 ك.و.س سنوياَ (مع الأخذ بعين الاعتبار الحجوم المختلفة).
ولهذا السبب ، أي لكون الاستهلاك الكهربائي للبرادات والمجمدات يعادل ربع الاستهلاك المنزلي ، إضافة لوجود صناعة محلية له ، تم اختيار هذه الفئة من الأجهزة في سلم الأولويات لينطلق عبر بوابتها مشروع اللصاقة الكهربائية الإلزامية .
التوعية ..
وأخيرا .. نشير إلى التوصيات التي خلصت إليها ندوة حماية المستهلك لضبط أسواق الكهرباء وأهمها تشديد الرقابة على نوعياتها وجودتها ونشر التوعية لدى المستهلكين وتفعيل دور جمعيات حماية المستهلك ورفع السوية المهنية والأخلاقية للكوادروالعاملين الذين لهم علاقة بالإجراءات المتعلقة بحماية المستهلك.
وأوصت الندوة على تفعيل الرقابة على المستوردات وإلزام المصنعين والمستوردين بكفالة منتجاتهم والإعلان عنها بشكل صريح ومراقبة الإعلانات التجارية وتشجيع المصنعين المحليين بالحصول على شهادة مطابقة مع المواصفات السورية وتشجيع متابعة إجراءات إنشاء وتطبيق الجائزة الوطنية للجودة .