ولأنْ نَعِيْشَ مِنَ الرَّبِيعِ الأَنْعُمَا
قُلْ مَا يَصِحُّ لَرُبَّمَا نَجْنِيْ الندَى
وَلَرُبَّمَا نَجْنِيْ الشذَى وَلَرُبَّمَا
قُلْ مَا يَصِحُّ وَلا تزوِّرْ أَحْرُفَاً
لَيْسَ الْحَرَائقُ كَالْحَدَائقِ مَوسِمَا
قُلْ مَا يَصِحُّ هِيَ الْحَقِيْقةُ مُسْتَقِيـ
ـماً لا يَمِيلُ ولنْ يَكونَ مُثَلَّمَا
قُلْ مَا يَصِحُّ ولنْ يَصِحَّ سِوَى الَّذيْ
يُعْلِيْ الْبِلادَ إِلى الْبُحُورِ أوْ السَّما
قُلْ مَا يَصِحَّ وَلنْ تُخَالِفَ قَولَنا
إِنْ كُنْتَ شَامِيَّ الْمَحَبةِ مُغْرَما
•••
وَطَنِيْ وَقَفْتَ مَدَى الزَّمَانِ بِعِزَّةٍ
وَوَصَلْتَ بِالْمَجْدِ الْجَدِيْدِ الأقْدَمَا
رَفْرَفْتَ قَبْلَ الشَّمْسِ كُنْتَ دِمَاءَهَا
بَلْ كُنْتَ وَالْمَطَرُ الْوَرِيْفُ التَّؤْامَا
وَطَلَعْتَ مِنْ حَبَقٍ وَرُبةَ وَرْدة
جَمَعَتْ بِهَا أَرَجَ الْخَمَائلِ مَنْشَمَا
وَأَخَذْتَ مِنْ قَمَرِ السَّمَاءِ جَمَالَهُ
إلا الغُرُوبَ نَقِيْضَكَ الْمُتَجَهِّمَا
وَهَمِيْتَ بِالأزْهَارِ لا مُتَمَنِّنَاً
بِعَبيْرِهَا الصَّافِيْ ولا مُسْتَهْكِمَا
وَجَهَرْتَ بِالنُّعْمَى تُرِيْدُ بِهاَ السَّنَا
شَأنَ الرَّبيعِ إذَا يُرِيدُ تَبَسُّمَا
ومَدَدْتَ جِسْراً بَلْ جُسُوراً مِنْ هُنا
لِيَعِيْشَ مِنْ يَحْيَا هُناكَ تَنَعُّمَا
وَسَرَيْتَ مِثْلَ الرُّوحِ فيْ رَيْعَانِهَا
فِيْمَنْ تَؤضَّا فيْ ثرَاكَ وَتَيَمَّمَا
وَمَلَكْتَ ألَوَاناً تَفِيضُ جَدَاوِلاً
أوْ رَوْضَةً مِنْ نَرْجِسٍ أوْ أَنْجُمَا
وَرَويتَ أَحْلامَاً فَأَصْبَحَ بَعْضُهَا
يَهِبُ النَّخِيلَ وَبَعْضُهَا مُتَبَرْعمَا
وَبَقَيتَ تَرْفُلُ بِالأَغَانِيَ مِثْلَمَا
بَقَيَ الْهَزَارُ مُغَنِّياً مُتَرَنِّمَا
وَوَرَثْتَ مَا وَرَثَ الصَّبَاحُ وَحَاشَ منْ
أنْ يَسْتَحيْلَ سَنَاكَ يَومَاً حُصْرُمَا
وَرَمَيْتَ بِالثَّمَرِ الْبَعِيْدِ مُلَوَّنَاً
حَتَّى وَأنْ لَمْ يَرْمِ حَقْلٌ أوْ رَمَى
وَثَنَيْتَ بِالْحُبِّ الْوَفيِّ كَمَا ثَنَى
شَجَرُ السُّدُورِ علَى الْحَيَا فَتَبَرْعَمَا
ومَلكْتَ مَا مَلَكَ الرَّبيْعُ مِنَ الشَّذَى
فَنَشَرْتَهُ وَكَفَى بِنَشْرِكَ مَغْنَمَا
وَجَمَعْتَ مُخْتَلِفَ الْبُحُورِ بِمَنْهَلٍ
تَرْويْ الْعَطَاءَ فَنِعْمَ ذَلِكَ زَمْزَمَا
وَلَبِسْتَ ثَوبَاً لا يُبَدِّلُهُ الْمَدَى
حَتَّى عُرُفْتَ بِعِزَّةٍ لنْ تُهْدَمَا
وَغَلَبْتَ بالصَّبْرِ الْمُحَالَ وَغَيرَهَ
فغَدَا الْمحَالُ بِكَ الْحِصَانَ الأَيْهَمَا
وَسَبَقْتَ مَنْ وَلَجَ الطِّرَادَ وَرُبَّمَا
هَرَبُوا إِذَا مَا شَاهَدُوكَ، وَرُبَّمَا
وَطَحَنْتَ أَنْيَابَاً فَأَمْسَى الْمُعْتَدِيْ
يَخْفِيْ نِيُوبَهُ ذِلَّةً وَالأَعْظُمَا
وَحَرَصْتَ أنْ نَحْيا بِظِلِّ سَعَادةٍ
فَهَزَزْتهَا مَا أنَ نَشَاءَ، وَكُلَّمَا
وجَعَلْتَ مِمَّنْ لا يَصيرُ بِمُثْمِر
وَبِمَنْ يَشِينُ خَرائِباً أوْ مُعْدَمَا
ولَقَدْ صنَعْتَ بِمَا نَسَجْتَ مَكَارِمَاً
وَجَعَلْتَ للذَّهَبِ الْمُرَصَّعِ مَنْجَمَا
وإِذَا حَننْتَ تَكونُ أَرْحَمَ وَالِدٍ
وَإِذَا غَضَبْتَ تَكونُ أَشْجَعَ ضَيْغَمَا
•••••
وَطَنِيْ تُغَرِّدُ فيْ فُؤادِيْ بُلْبلاً
حِيْنَاً وَأحْيانَاً تُخَضِّرُ سِمْسِمَا
أَلْفَيْتَ حُبَّكَ فيْ شَهِيْقِيْ جَارِياً
لَمَّا أَتَيتُ علَى الْوجُودِ وَعِنْدَمَا
لا زَمْتَ أَنْفَاسِيْ بِأَصْغَرِ ذَرَّةٍ
مُتَوثِّباً، مُتَحَرِّرَاً، مُتَحَكِّمَا
عَرَّشْتَ فيْ الْغَاباتِ بَيْنَ أَحِبَّتِيْ
لكنَّهُمْ مَا قَلَّلُوكَ وَمَا وَمَا
أَنْتَ الْحَبِيْبُ، فَقَدْ وَجَدْتُكَ أَصْدَقَ الأحْـ
ـبَابِ إِخْلاصَاً، وَأَنْبَلَ مُلْهِمَا
عَظَّمْتُ مِمَّنْ لا أَخُونُ هَواهُمُ
وتَظلُّ أسْمَى مَنْ أَحُبُّ وأعْظَمَا
أَهْواكَ إنَّ هَواكَ عِزٌّ ليْ وَقَدْ
يَسْمو الْمُحُبُّ بِمَنْ يَحِبُّ مُكَرَّمَا
لاَ أسْتَطِيْعُ الْبُعْدَ عَنْكَ لأنَّنِيْ
سَأُهَانُ أوْ سَأَعِيْشُ عُمْراً مُظْلِمَا
وَإِذا قَسَوتَ عَلَيَّ في زَمَنٍ فَلَيْـ
ـسَ قَساوةُ الرَّيحان إلا مَرْهَمَا
إنَّ الَّذيْ بَيْنِيْ وَبَيْنَكَ لا يَمُوتُ
وإِنْ رَحَلْتُ إِلى فَنَائِيَ مُرَغَمَا
سَتَرِفُّ مَا عَزَفَ النَّسِيْمُ بِأَضْلِعِيْ
وَلَسَوفَ تَبْقَى بَعْدَ مَوتِيَ بُرْعُمَا
أَنَا لنْ أَحُبَّ سِواكَ مَا طَالَ الْمَدَى
أَسِواءَ كُنْتَ حَلاوةً أمْ عَلْقَمَا
لِمَ لا أُحَارِبُ فيْ هَوَاكَ فَإِنَّنيْ
مَا كُنْتُ يَومَاً فيْ سِوَاكَ مُتَيَّمَا
وَكَذَا الْحَبِيْبُ إِذَا يَعِزُّ حَبِيْبهُ
يَهِبُ الْحَيَاةَ فدَاءَهُ وَالدُّرْهُمَا