بين القلب وبيني
وسأجمع أمتعتي سراً
وأغادر وطني
وطن الضاد
ويا خجلي من أهل الضاد
ولغة الضاد
ومن كل حروف اللغة الأولى
تلك الحروف السبيَّة
وكيف يحلُّ انتهاك العبارة
كيف فنون الدعارة
كيف الهموم الغبية.
سأجمع أمتعتي
ثم أترك شؤم البطاقة خلفي
وأضربُ بالشوق عرض الجدار
وأرحل دون هويهْ
وأضحكُ
شرَّ البلية ما أضحك الناس
شر البليهْ.
سأجمع أمتعتي
ثم أقطع كل الصحارى
وكل المسافات
سيراً على قدميَّ
لأني أحب التراب
ولون التراب
ورائحة الأرض
حين تغني السماء
نشيدَ المطرْ
لحوناً شجيهْ
فيبتلّ وجه التراب
وشعر البُنيَّهْ
ويصحو بها الياسمين
عبيرُ دمشق
ويصحو الحنين
وأرحلُ يا وطني مرغماً
وألقي عليك الدموع الأبيهْ
وألقي عليك العتاب
وشجو التحيهْ.
سأجمع أمتعتي
ثم أجمع تاريخ كل الحدائقِ
كل القطوف
وأرحلُ عن وطني شاكياً
ويسألني الياسمين لماذا
وأصغي ويصغي إليَّ
ويعرفني ياسمين دمشق
ويعرف كيف يحدِّث عني
وكيف يعانق جيد الصبيهْ.
سأجمع أمتعتي
وأغادر كل الشؤون
وكل الشجون
وكل الأمور العصيهْ
ويرتاح تاريخ ذاكرتيْ
وتاريخ شعريْ ونثريْ معاً
من عويل القضيهْ.
سأجمع أمتعتي
ثم أحمل كرهاً
على كتفيّ
رصيفي معيْ
وأحمل سبورتي
فوق همي
وكل حروف الهجاء
وكل حروف النداء
لأكتبُ ما شئتُ
حين أشاءُ
سأكتب لي
ثم أقرأ لي
وما همَّ أني أصفق وحدي
وأنكرُ بعض العبارات وحدي
وقد أهمَلَ الآخرون الحروف
وشجو الحروف
وكيف تصول العبارة
وتأبى اعتقال التمرد فيها
وتأبى حضارهْ.
ما بالنا تبدلت طبائع الرجال والنساء عندنا
ما بالنا تبدلت طبائع العرب
وضج في تاريخنا العجب
أم أننا الألعوبة الشقيهْ!
الكل متَّهمْ
إلى متى تعتادنا إحالة التُّهمْ
والمفردات المرَّة الشجيهْ؟
سأجمع أمتعتي
ثم أجمع تاريخ كل الصبايا
وأشياء كل الصبايا لديّ
وأهجر كل العناوين عنديْ
ويبقى الحنين
ورغم الحنين
سأبقى بعيداً غريباً
وتبقى قريباً
وأرحل عنكَ
وتبقى الشجون النديةُ
فوق التراب
كذلك تبقى الشجون الندية
تحت التراب
إذا ما رحلتُ غداً
حيث وعدُ المنيَّهْ
غداً.. حيث وعدُ المنيهْ.
سأجمع أمتعتي
ثم أبكي
وتبكي وأبكي لديكْ
ولكن تمهلْ
سأرحلُ عنك إليكْ
وأنت تغار عليّ
وكنت أغار عليكْ
وما زلت يا وطني
كل يوم
أغار عليك
وما زلتُ يا وطني
كل يوم
أغار عليك.