جز فينسنت فان كوخ جزءا من أذنه. وأخذ الجزء المقطوع وأهداه لعاهرة في فندق «آرل» جنوب فرنسا، حيث كان يقيم آنذاك. بعد مرور سنة ونصف على الحادث، توفي فان كوخ نتيجة محاولة انتحار.
حادثة تشويه أذن الفنان فان كوخ، شكلت مادة متكررة للجدل والبحث. ومؤخرا عثر البريطاني مارتن بيلي على سبب جديد، لعله أسهم في إقدام فان كوخ على فعلته. ففي اليوم الذي قطع فيه فان كوخ قطعة من أذنه، تلقى رسالة من أخيه ثيو تتحدث عن عزمه الزواج من صديقته.
يقول مارتن بيلي: «أعتقد أنه كانت لديه مشاعر متناقضة حول زواج أخيه، فمن ناحية كان يعتمد اعتمادا كبيرا على شقيقه، سواء من الناحية العاطفية أو المالية, كما كانت تربطهما علاقة جيدة جدا مع بعضهما البعض. أعتقد أنه كان يخشى أن خطوة أخيه ستؤثر على ما يأتيه من دعم مالي. ومن ناحية أخرى كان يتمنى السعادة لأخيه».
في المقال كتب بيلي يقول: في رسالة نشرت مؤخرا، أطلع ثيو خطيبته عن زيارته الخاطفة للمستشفى: «عندما أخبرته بالموضوع، فهم ما قصدته، وعندما سألته عما إذا كان يوافق، قال نعم، ولكن هذا الزواج يجب ألا تعتبره الهدف الرئيسي في الحياة».
من الملفت للنظر أن فينسنت فان كوخ، رسم في الأسابيع التي تلت ذلك مباشرة، رسالة أخيه على لوحته «حياة ساكنة: صحن البصل». ويقول بيلي:
«في مقدمة اللوحة يوجد ظرف مكتوب عليه بخط يد شقيقه (ثيو) وموجه إلى فينسينت في آرل. وبعد البحث وفحص الطابع البريدي تبين أن الرسالة جاءت من مونمارتر، حيث عاش ثيو. كما يمكنك أيضا رؤية ختم البريد الذي يعود استخدامه إلى الفترة التي تسبق أعياد الميلاد. أعتقد أن هذا الظرف كان يحوي الرسالة التي كتبها ثيو لأخيه يخبره فيها أنه يحب «يو». قد يكون فينسنت تعود لاحقا على خبر ارتباط أخيه بصديقته، لكن أن يقوم برسم هذه الرسالة بالتحديد أمر مثير للاهتمام».
نشر مارتن بيلي الكثير حول تاريخ الفن وعلى وجه الخصوص حول فينسنت فان كوخ. ويؤكد أن خبر خطبة أخيه ثيو ليس هو السبب الوحيد لما قام به فينسنت: «القصة معقدة وفان كوخ كان معقدا. أعتقد أنه كان هناك أكثر من سبب لمشكلاته. وأرى أنه كانت هناك مجموعة من العوامل المتداخلة التي دفعته إلى بتر أذنه».
أخذت الباحثة نينكه باكر من متحف فان كوخ في أمستردام علما بنظرية مارتن بيلي. وترى أن الجزء المتعلق بطابع البريد مصدره البحث الخاص الذي قام به المتحف حول نشر الرسائل الحديثة لفان كوخ، ويبدو الأمر صحيحا. ولكن النتائج التي توصل إليها بيلي هي «مجرد تخمينات»، وتضيف: «على العكس تماما، شجع فان كوخ شقيقه للعثور على زوجة وتأسيس أسرة. ونحن نجهل لماذا جز أذنه».
في وقت سابق من هذا العام أثير جدل بين المختصين الألمان، وقيل إن الفنان فقد أذنه بضربة سيف إثر شجار مع الفنان غوغان. هذه النظرية لم تلق أنصارا. الشائع هو أن فان كوخ وقع في أزمة ضياع نفسية عقب مشاجرة مع غوغان، وأنه كان أيضا يعاني من مشكلات نفسية وعاطفية جعلت منه شخصية غير مستقرة.