|
إلى متى هذا الصمت؟ شؤون سياسية وما سمعناه من وزيرة الخارجية الأميركية عن رفضها لأي وقف لإطلاق النار، لايحقق الشروط والأهداف الإسرائيلية من المحرقة الذي تنفذها في غزة، أعاد بلاشك نفس السيناريو التي قامت به هذه المجرمة لمنح المزيد من الوقت لكي يتمكن شذاذ الآفاق من إنجاز جريمتهم بحق الأطفال والنساء والشيوخ في القطاع المحاصر والمجموع منذ حوالي السنتين. ووسط انحياز جورج بوش السافر، ونفض باراك أوباما يده من المسؤولية من جرائم الحرب التي ترتكب في غزة تحت ذريعة أن هناك رئيساً واحداً للولايات المتحدة، وهو بوش حتى العشرين من كانون الثاني الحالي، وأنه وحده المخول بالتعليق على الأحداث متناسياً أنه أدلى بتعليقات عديدة حول تطورات الأحداث المختلفة في العالم وآخرها إدانته للهجمات الإرهابية التي حصلت في الهند فور وقوعها والأزمة الاقتصادية التي تجتاح العالم. صمت أوباما المريب إزاء المحارق الصهيونية المتنقلة في قطاع غزة ضد شعب أعزل محاصر في معتقل كبير يؤكد دون أدنى شك أن سياسة القادم الجديد إلى البيت الأبيض ليست مختلفة عن سياسة سلفه مجرم الحرب جورج بوش الموالية والداعمة لإسرائيل لمواصلة جرائمها في فلسطين المحتلة. لم يهتز أوباما لموت المئات وجرح الآلاف نصفهم من الأطفال فقط، بل تابع إجازته في هاواي غير عابىء بمجازر السفاحين الذين يستمدون الوحشية من الولايات المتحدة الأميركية. وسط هذا الصمت الدولي والتواطؤ الرسمي العربي، والانحياز الاوروبي وخصوصاً الألماني والبريطاني، إلى المجازر الاسرائيلية تحت حجة عدم اعتراف حماس بإسرائيل، وعدم اعترافها بالاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل، على عكس الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يحاول وقف العدوان وإيقاف القتل، وصولاً للتهدئة التي رفضتها حكومة الإرهاب في تل أبيب. تحت عنوان «كفى لمروق إسرائيل.. كفى» كتب باتريك سيل، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط يقول: وتتمتع اسرائيل بحصانة مطلقة في قصفها وقتلها للبشر كيفما تشاء، دون أن تخاف حساباً أو عقاباً. وبسبب هذه الحصانة من المساءلة، لم تتردد حكومة اسرائيل في اللجوء لاستراتيجية الإبادة الجماعية للفلسطينيين دون أن يهب أحد لإيقافها. وبكل المقاييس حسب سيل، يبدو النظام الاسرائيلي الحاكم، نظاماً مارقاً عدوانياً وخارجاً عن السيطرة. فبعد أن ضرب هذا النظام عرض الحائط بالأعراف والمعاهدات والقوانين الدولية، كافة ولم يضع اعتباراً لأبسط الاعتبارات الأخلاقية الأساسية المتعارف عليها بين البشر، هاهو يواصل قصفه الجوي والبري لمجتمع عربي أعزل، ومحاصر، ومغلوب على أمره ويعيش أوضاعاً معيشية أقرب إلى مجتمعات العصر الحجري لا رحمة أو هوادة. وأخيراً يتساءل سيل: كيف أمكن لإسرائيل أن تنجو بسلوكها العدواني الوحشي هذا من المساءلة؟ والجواب هو غياب أي ضغط دولي أو اقليمي على دولة الاحتلال الإسرائيلية الغاشمة. ولم يكن لإسرائيل أن تقترف كل هذه الجرائم في القطاع وبحق أهله لولا الاختلال التام لموازين القوى الدولية، الذي كان في وسعه لو عدَّل قليلاً أن يكبح جماح عدوانها الوحشي الرهيب. إنهاء حرب الإبادة التي يشنها مجرمو الحرب في الكيان الصهيوني يجب أن تكون لها الأولوية على ماعداها، فضحايا المحرقة من الأطفال والنساء تجاوزت كل معقول، والأشلاء التي تبث عبر الفضائيات وتنشر في وسائل الإعلام كافة، تستصرخ الجميع للاهتداء إلى كلمة سواء، وإلى موقف سوي يرتقي إلى مستوى المسؤولية. الإرهاب الصهيوني واضح وأغراضه معلنة والجثث والأشلاء يتعذر دفنها بفعل القصف الوحشي المتواصل، والمستشفيات غصت بمن فيها وهي نفسها لاتسلم من القصف. كل شيء معلن ومرئي، وشلال الدم في غزة لايهز أحداً ممن ينفذون المحرقة ويدعمونها ويحمونها.
|