ولوحاته تزخر بإمكانيات التنويع التشكيلي والتقني. فهو على الرغم من أنه كان يعود أحياناً إلى تقديم لوحة مشغولة بدقة واقعية، فإنه في لوحات أخرى كان يبدي رغبة في تقديم اختصارات للعناصر الإنسانية والأجواء الزخرفية والفولكلورية.
ولقد دمج في أعماله ما بين عوالم الهندسيات واللمسة العفوية والتكاوين التكعيبية، التي اتبعت إيقاعات الأشكال الإنسانية والمعمارية وغيرها. وبالتالي جمع ما بين البنائية العقلانية والبحث عن عفوية لونية مفتوحة على حركة العواطف والانفعالات لما تحويه من تلقائية وارتجال يقطف المناخات اللونية والمفردات التشكيلية الحديثة والمعاصرة.
وهذا يعني أن لوحاته كشفت عن تنويعات تجاربه تجاوزت في أحيان كثيرة المؤشرات الواقعية في اتجاه العمق الآخر للعناصر عبر التأكيد على مظاهر الألوان القاتمة التي شكلت اللون العفوي الذي يعطي اللوحة وبشكل دائم الهاجس التعبيري العاطفي لمنطلقات الصياغة اللونية الزاهية والتأليف الحديث.
وفي بحثه عن معنى جديد للمساحة التشكيلية ارتبط بجذوره التراثية، حيث وجدنا في بعض لوحاته قناطر ورموز العمارة المحلية والأجواء الفولكلورية والشعبية، والتي طرحت من جديد إمكانيات التفاعل مع التراث برؤية حديثة زاوجت ما بين التقنيات الغربية المعاصرة والأحلام الشرق أوسطية.
هكذا انفلتت أعماله من برودة الصياغة الصالونية الجاهزة وأظهرت في بعض جوانبها تداخلات السطوح الهندسية ضمن صياغة فنية وخاصة بعيدة عن أي انفلاتات عبثية، حيث اعتمد في كل مراحله الفنية على نقاط ارتكاز في خطوات الكشف الصريح عن انفعاله الداخلي، من خلال المعالجة اللونية الزيتية. وفي معرضه الذي أقامه في صالة «فري هاند» في دمشق منذ عام ونيف، اختصر في لوحاته الأشكال الواقعية إلى درجة غياب جميع ملامحها أحياناً في النسيج اللوني التجريدي، ما عدا بعض الإشارات المبسطة التي تدل عليها.
وعلى هذا الأساس أخذتنا لوحاته الأحدث إلى استخدامات تشكيلية تتكثف مع تزايد اللمسات والحركات اللونية المشغولة أحياناً باستخدام سكين الرسم الحادة، بحيث تحولت اللوحة إلى علاقات بصرية عاطفية وإيقاعات تجريدية، أضفت جواً من البناء التكويني والتلويني الحر، الذي يأخذ العناصر الفنية الحديثة إلى الموسيقا البصرية، في خطوات الانتقال من إيقاع بصري إلى آخر.