مما يعيش في الحاضر.
لهذا كان يصر على أن يعيش في الحاضر حتى لا يكبر في السن! ولكن التلفت
إلى الماضي في هذا العمر (الزائد) كما يسميه عادة، صار سمة عنده وعند
أقرانه وقريناته من أهل السبعينيات، وقد لاحظ وهو في هذا العمر المديد أن التلفت
إلى الماضي أكثر ما يكون، إنما يكون باتجاه مواقف النجاح في حياته، وليس العكس،
ربما لأن الإنسان بطبيعته لا يعترف بأن له إصبعاً في الفشل، وإنما هناك أسباب
وعوامل وظروف،أما في النجاح فإن اصبعه كبير في ذلك! وخاصة أن ذكريات
ومواقف ولحظات النجاح لها طعم حلو مثل السكر..ويستطيع أن يستعيد هذه
الذكريات ويستزيد من هذا الطعم الحلو متى شاء، ومهما نفر منه مستمعوه، لهذا فإن
هذه الأحداث الحلوة كانت تطغى عليه، وعلى ذاكرته باستمرار.
الأمر الذي يجعله يعيش شباباً ناجحاً في السبعين، وهو لا ينكر أنه كان من محبي
النجاح ومشجعيه لكل من حوله من الأقربين إلى الأصدقاء والزملاء، ولعل هذا ما
كان يحرضه على الدعاية للنجاح بقوله الشهير: ما دمنا نحب النجاح فعلينا أن
نتعلم كيف نزرعه وكيف نعلم الآخرين زراعته! وهو الذي كان يكرر ويعيد أن
الفشل يربط بينما النجاح يفكك..والنجاح في نهاية المشوار ومهما كان صعباً
وشاقاً هذا المشوار فإنه كفيل أن ينسيك كل ما عانيته من أجله، وذلك كالسحر..
وكأنها (مسحة رسول)! والنجاح فوق ذلك يحرر ويقوي ويكبر ويطير صاحبه
بمرح وتألق في نظرنا وكأنه السوبرمان.
أما الثمن الصعب الذي يتحدث عنه بعضنا وهو أن الرجل الذي يحقق النجاح في
عمله أوحياته قد يصير له أعداء، وقد يحاربونه، أو قد يزداد الاعتماد عليه في عمله،
ويقصدونه باستمرار لحل مشكلاتهم، ويوكلون إليه أصعب الأمور،ويكلفونه بكل ما
يرونه معقداً ويحتاج إلى جهد ووقت زائدين، فإن كل ذلك إنما هو من أسباب النجاح
الذي يتعين أن يحافظ عليه! وقد يكون زيادة في الثقة بهذا الإنسان الناجح، أما
كثرة العمل أو صعوبته فهي من أهم عوامل هذا النجاح وإلا فكيف نصل إليه دون
ذلك؟ وكيف يسمو الإنسان الناجح صغيراً كان أم كبيراً، رجلاً أم امرأة دون هذه
العوامل؟ من هنا كانت النصيحة أن النجاح يرتفع بصاحبه عن كل الصغائر في
الأعمال والأقوال وهو عند الناجحين ونتمنى أن نكون منهم، مثل الحب..شفاء
لكل الأدواء.