و مثلت هذه الاتفاقية أول خرق عربي للموقف من دولة الاحتلال الإسرائيلي، وتعهدت بموجبه مصرعلى إنهاء حالة الحرب مع الكيان الصهيوني وإقامة علاقات ودية معه، وتضمنت هذه الاتفاقية 9 مواد رئيسية منها اتفاقات حول جيوش الدولتين والوضع العسكري وعلاقات البلدين وجدولة الانسحاب الإسرائيلي وتبادل السفراء.
يرى بعض المحللين السياسيين إن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لم تؤد على الإطلاق إلى تطبيع كامل في العلاقات بين مصر وإسرائيل حتى على المدى البعيد فكانت الاتفاقية تعبيرا غير مباشر عن استحالة فرض الإرادة على الطرف الآخر وكانت علاقات البلدين وحتى الآن تتسم بالبرودة والفتور .
ويقول البعض الآخر إنه وحتى هذا اليوم لم ينجح السفراء الإسرائيليون في القاهرة ومنذ عام 1979 في اختراق الحاجز النفسي والاجتماعي والسياسي والثقافي الهائل بين الشعب العربي المصري وإسرائيل ولا تزال العديد من القضايا عالقة بين الدولتين ومنها مسألة محاكمة مجرمي الحرب من الجيش الإسرائيلي المتهمين بقضية قتل أسرى من الجيش المصري في حرب تشرين الأول 1973 و جددت مصر مطالبتها بالنظر في القضية عام 2003، وكذلك امتناع إسرائيل التوقيع على معاهدة منع الانتشار النووي.
وجاءت اتفاقية أو معاهدة أوسلو 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل مكملة لما بدأه السادات عام 1979، ووقعت هذه المعاهدة في مدينة واشنطن بالولايات المتحدة الأميركية في 13 أيلول 1993، وسمي الاتفاق نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية التي تمت فيها المحادثات السرّية بين الوفدين الفلسطيني و الإسرائيلي بإشراف أميركي . وجاء الاتفاق نتيجة لمفاوضات بدأت في العام 1991 في ما عرف بمؤتمر مدريد.
وتعتبر هذه الاتفاقية أول اتفاقية رسمية مباشرة بين إسرائيل ممثلة بوزير خارجيتها آنذاك شمعون بيريز، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلة بأمين سر اللجنة التنفيذية محمود عباس، و أدت هذه الاتفاقية إلى إقامة سلطة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبعد مرور نحو 18 عاما على التوقيع يرى كثير من الفلسطينيين أن أضرار هذه الاتفاقية أكثر بكثير من فوائدها.
ورغم أن التفاوض بشأن الاتفاقية التي اعترض عليها كل من حركة المقاومة الوطنية الفلسطينية حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تم في أوسلو وبشكل سري إلا أن التوقيع تم في واشنطن بحضور الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون.
وجاء اتفاق أوسلو و ترجمته الاتفاق الاقتصادي في باريس و اتفاقات القاهرة المتعلّقة بالحكم الذاتي انعطافاً أساسياً في المسار الذي خطّته فتح و الثورة الفلسطينية بعد التخلي عن المنطلقات و الثوابت التي قامت على أساسها انطلاقة الثورة الفلسطينية ، وكذلك القبول بكلّ قرارات هيئة الأمم و مجلس الأمن بما يتضمّن من اعترافٍ ضمني بقرار التقسيم (و فيه حق إقامة الدولة (الإسرائيلية) و قرار 242 (و فيه مبادلة الأرض بـ السلام ) ما شكل بداية مسارٍ جديد اسقط اللاآت المتعلقة بـ «لا للاعتراف بالدولة (الإسرائيلية)» لا «للصلح» لا «للمفاوضات المباشرة» .
و كانت هذه الاتفاقية اتفاقاً فلسطيني- (إسرائيلي) صرفاً، أي بداية طريقٍ لحلّ منفرد يحمل في داخله فيما يحمل خطر انفصال فلسطيني لا عن التنسيق العربي فحسب ، و إنما أيضاً عن الأمن العربي و عن الولاء للأمة العريبة.
و يمكن القول أن اتفاق أوسلو أعفى الاحتلال (الإسرائيلي) من كلّ ماهو قذر بالنسبة إلى كلّ احتلال أي الصدام بالأهالي و إنزال الجيش للسيطرة المباشرة على السكان ، فضلاً عن التبعات المالية فيما يتعلّق بذلك أو بشؤون الخدمات الصحية و التعليمية و الإدارية ، و هذا أمرٌ لا مثيل له في كلّ ما عرفته الشعوب من حالات احتلال ، أي تبقى السيطرة العسكرية والإشراف العام للاحتلال (الإسرائيلي) على الوضع كلّه بينما يتولّى المقهورون شؤون المحافظة على الأمن ، و الإنفاق على الخدمات و استجلاب الأموال التي سيأخذ منها الاحتلال النصيب الأكبر .
وجاءت معاهدة السلام الأردنية - الإسرائيلية أو ما يشار إليه باسم معاهدة وادي عربة لتكمل مشوار السادات و عرفات الاستسلامي و وقعت بين إسرائيل والأردن على الحدود الفاصلة بين المملكة و فلسطين والمارة بوادي عربة في 26 تشرين الأول 1994م، و طبعت هذه المعاهدة العلاقات بين البلدين وتناولت النزاعات الحدودية بينهما. واشترطت المعاهدة كذلك على تعهد كل طرف بعدم الدخول في أي التزامات تتعارض مع هذه المعاهدة، كما نصت على تعهد الطرفين خلال ثلاثة شهور من تبادل وثائق التصديق على هذه المعاهدة بتبني التشريعات الضرورية لتنفيذ هذه المعاهدة ولإنهاء أي التزامات دولية وإلغاء أي تشريعات تتناقض معها. و أصبحت الأردن ثاني دولة عربية -بعد مصر- تطبع علاقاتها مع إسرائيل.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي الأردني عدنان العطيات ان الحكومات الأردنية مارست التضليل على الشعب الأردني من أجل تسويق المعاهدة مع إسرائيل ، هذه المعاهدة التي أعطت الشرعية للاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية من خلال الاعتراف الاردني بالملكية الفردية المستمرة للاسرائيليين وحرية تصرفهم بها من بيع او تأجير، وتنازل الاردن عن سيادتها على هذه الاراضي من خلال السماح للقوانين الاسرائيلية بالسريان فوق الاراضي « الاردنية».