ومع استمرارها مخالفة قرارات الامم المتحدة باستعادة الاراضي العربية المحتلة
وخلال العقد الماضي بدأت ملامح العلاقات العربية مع اسرائيل تأخذ طابع المجاهرة لتخرج من كواليسها السرية وتتوضح خنوعية بعض الانظمة للصهيونية لدرجة ان ملوك وامراء العرب لم يكلفوا انفسهم بالسؤال عما يفعله كيان الاحتلال الاسرائيلي بأولى قبلتيهم وثالث حرميهم ولم يلتفتوا الى اعداد الشهداء التي تسقط في الاراضي العربية المحتلة بل بقيت سفارات (اسرائيل) وعلاقاتها منتشرة في بعض الدول في الوقت الذي تسحب به هذه الدول سفراءها بلدان المقاومة لكيان اسرائيل واطماع الغرب
اما اليوم تغادر العباءة العربية طاولة العروبة وتتواجد في مؤتمرات الصهيونية لابصفة الضيف او صاحب المكان بل بصفة النادل الملبي لكل طلبات الصهيونية والامبريالية الغربية.
فتحت عنوان (ميزان المناعة والأمن القومي في اسرائيل)ينعقد مؤتمر «هرتسيليا» الصهيوني للعام 2012بمشاركة بعض العرب من قطر والأردن والسلطة الفلسطينية بالمؤتمرالى جانب عدد كبير من القادة الصهاينة وشخصيات دولية بينها رؤساء ووزراء أوروبيون وكبار المسؤولين في مؤسسات ومنظمات اقتصادية عالمية،
ويعتبر هذا المؤتمر أحد أهم المؤتمرات الأمنية الاستراتيجية لـلكيان الاسرائيلي، والذي يسعى لمساعدة الكيان في تحديد المخاطر الأمنية التي تحيط به وكيفية مواجهتها في فلسطين المحتلة في الفترة الممتدة بين 30 كانون الثاني و 2 شباط/
وتعتبر هذه المشاركة العربية مشهدا تطبيعيا يتقاطع مع ما يحدث في الدول العربية على خلفية المؤتمرات التي احاكتها اميركا وكيان الاحتلال وتنفذها دول العمالة كقطر وتركيا والسعودية اضافة الى ما جرى تناوله علناً مرة عبر إعلان مجلس تعاون دول الخليج عن خطر إيراني مزعوم، بالتطابق مع دعوات صهيونية للتحالف بين العرب و«إسرائيل» في مواجهة «خطر إيراني مشترك».
هذا ويعد هاجس مؤتمر «هرتسيليا» الأول هو مواجهة تحدي محور المقاومة العربية مع تزايد قوتها و صمودها.
وما يشكل امرا لافتا هو نوعية المشاركة العربية في المؤتمرهذه السنة، التي تكشف عن تمظهر محور جديد متحالف مع «إسرائيل» ينطلق من الدوحة ليصل إلى رام الله مروراً بعمان، ولا تعتبر هذه المشاركة الاولى للعرب في هذا المؤتمر الذي عقد لاول مرة عام2000 في هرتسيليا، ولم يشارك فيه أي عربي، وفي سنة 2001، و2002، أيضاً لم يشارك أي عربي في المؤتمرالصهيوني الخالص، وفي سنة 2003 شارك اثنان من عرب 48 المرتبطين مباشرة بمصالح مالية وحياتية مع الصهاينة، ولكن الصدمة كانت في سنة 2004، عندما شارك ياسر عبد ربه، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في أعمال مؤتمر «هرتسيليا»، الهادف إلى مواصلة التوسع الاستيطاني وطرد الفلسطينيين، واتت مشاركته في المؤتمر في عز انتفاضة الأقصى، وفي ذروة حصار رئيس منظمة التحرير ياسر عرفات، وقبل تصفيته بفترة وجيزة.
سنة 2005 لم يعقد المؤتمر، ولكن في سنة 2007 شارك في المؤتمر ولأول مرة سلام فياض، رئيس حكومة رام الله، وفي سنة 2010 عاود سلام فياض الكرة، وشارك مرة أخرى في مؤتمر هرتسيليا، وألقى فيه كلمة، لتبدأ بعد ذلك المشاركة العربية الواسعة، حتى صار عدد المشاركين العرب في مؤتمر هرتسيليا للعام الماضي، 16 مشاركاً.
هذه السنة يشارك في المؤتمر من العرب كل صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات وياسر عبد ربه ، و الأمير حسن بن طلال ولي العهد الاردني السابق، ورياض الخوري من عمان،وشخصيات فلسطينية واردنية , كما يشارك أيان حرسي علي من الصومال وسلمان الشيخ عن معهد «بروكنز» في الدوحة في ندوة بعنوان صعود الاسلام السياسي في الشرق الاوسط ربيع عربي ام شتاء اسلامي ويفتتح هذه الندوة رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية اللواء افيف كوخافي، .
ومن أهم المواضيع التي يتناولها المؤتمر هذه السنة هي:الأزمة الاقتصادية العالمية وأثرها على الكيان الصهيوني، وقيمة «إسرائيل» الحالية استراتيجياً بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وهل دور حماية المصالح الأميركية في المنطقة الذي كان يلعبه الكيان ما زال قائماً؟ وثالثاً ملف التجاذب السياسي والعسكري والأمني بين تل أبيب وواشنطن وطهران، ورابعاً حركات المقاومة العربية(حزب الله و حماس) وتأثرهما في التحولات القائمة في المنطقة.
كما يعتبر «المستجد الأبرز في مؤتمر للعام هو كيفية التعامل مع التحولات العربية والنظرة إلى الملف الإيراني، وتحدثت بعض الاوساط الفلسطينية عن «جدول أعمال إسرائيلي ـ أميركي ـ أوروبي تتآلف معه بعض الأنظمة العربية ضد طهران»، ونبَّه الحلبي إلى أن «ما يجري الإعداد له في المؤتمر كناية عن تحضير الوعي الشعبي العربي للقبول بهذا التآلف».
هذا وتقود المقترحات التي سيتم تقديمها خلال مناقشات المؤتمر، والمداولات التي يقوم بها المشاركون الى توصيات للعمل على الترويج لخطة إعلامية تنفذها وسائل الإعلام المتعددة الناطقة بالعربية ، حيث يرمي الهدف من هذه الخطة الى مخاطبة الوجدان الشعبي من أجل قبول إيران كعدو أول من جهة، والعمل على الترويج للفتنة الطائفية من جهة ثانية، وهما مطلبان إسرائيليان بامتياز.
من جانب اخر يشير المؤتمر إلى التحولات العربية، وكيفية استفادة «إسرائيل» منها وتقليص الأضرار الناجمة عنها على الكيان الصهيوني، خاصة إن «دور المشاركين العرب يخدم الترويج لمبدأ عدم التعارض بين ما يسمى الربيع العربي، والسلام مع كيان الاحتلال»
ويرى محللون ان «تمثيل قطر في المؤتمر بإحدى الشخصيات، في الوقت الذي لا يوجد اتفاقية تطبيع مباشرة مع كيان الاحتلال، وهو ما يدل على وجود علاقات خليجية إسرائيلية سرية»، ليقارن مع الجانب التركي الذي «ابتعد عن هذا المؤتمر حرصاً على مظهره، وكي لا تثبت عليه تهمة المشاركة في المؤامرة على سورية»، كما أن مشاركة الأردن والسلطة الفلسطينية «لا تعدو كونها أكثر من زينة ديكور للمؤتمر، بما يجعل «إسرائيل» تبدو حريصة على السلام ومستمرة بالتفاوض مع الفلسطينيين».
اما المشاركة الأوروبية في مؤتمر «هرتسيليا»، فتشير الى أن «الهدف منها التعاون مع حكومات أوروبا، للعمل على مكافحة نشاط بعض المنظمات غير الحكومية في القارة العجوز، التي تعمل على نزع الشرعية القانونية والأخلاقية للكيان الصهيوني».
إضافة الى «العلاقات الأوروبية ـ الإسرائيلية وكيفية تطويرها ستكون محور نقاش بعد التجاذب السياسي بين الجانبين في الآونة الأخيرة»،
ويشكل مؤتمر هرتسيليا الثاني عشر حلقة من سلسلة مؤتمرات عقدت خلال اثنتي عشرة سنة الماضية والتي تحمل في طياتها نتاج العقل الإسرائيلي الذي سخر لغرض استراتيجي يهدف لحماية الكيان. في حين أن القمم العربية التي تعقد سنوياً لا تكاد تحل قضايا الأمة العربية بشكل يضاهي المؤامرات الإسرائيلية التي تحاك وتجدد سنوياً.
وقد دأبت النخب الإسرائيلية في معهد السياسة والاستراتيجية الإسرائيلي على عقد مؤتمر هرتسيليا كل عام، وهو مؤتمر استراتيجي - أكاديمي يعقد سنوياً بتنظيم من مركز هرتسيليا متعدد المجالات، وبالتعاون مع العديد من مراكز البحث والدراسات الإسرائيلية والدولية، وينعقد مؤتمر هرتسيليا كل عام، في مدينة هرتسيليا الساحلية تحت شعار عام هو، ميزان المناعة والأمن القومي الإسرائيلي، وبقي هذا الشعار شعاراً دائماً لكل المؤتمرات التي عقدت بعد ذلك،الا ان المؤتمر الثامن الذي تميز بمكان انعقاده، عقد في مدينة القدس المحتلة، وفي مبنى الكنيست الإسرائيلي، حمل عنواناً جانبياً آخر، جاء على صيغة تساؤل، وهو إسرائيل في عامها الستين، هل المناعة أبدية ؟، وذلك تماشياً مع الذكرى السنوية الستين لاحتلال فلسطين ، وانسجاماً مع التحديات الكبرى التي تواجهها إسرائيل، ويتناول مؤتمر هرتسيليا عناوين بحثٍ كثيرة ومتنوعة، تصب جميعها في الرؤى الاستراتيجية لكيان الاحتلال ، وتتناول التحديات والصعاب التي تواجهها إسرائيل، وتقترح الحلول والمشاريع لمختلف أشكال التحديات، كما تتناول جوانب القوة والتميز لدى المجتمع الإسرائيلي، ولا يوجد في مؤتمر هرتسيليا مواضيع أو عناوين ممنوعة، فكل الأفكار تطرح وتناقش، ويتم تبادل الرأي حولها.
وقد عقد حتى الآن مع المؤتمر عشرة مؤتمرات، ويعد هذا المؤتمر من أخطر المؤتمرات التي تعقد في المنطقة، لاعتبارين أساسيين هما، الأول هو طبيعة المواضيع الذي يتم اختيارها، وكيفية معالجتها بصور وأشكال تأخذ منحى استراتيجياً وإجرائياً، في ضوء المعلومات الغزيرة التي يتم توفيرها، والأفكار التي يتم طرحها، والثاني هو نوعية الحاضرين والمشاركين، حيث يشارك فيه عددٌ كبير من النخب الإسرائيلية والدولية، منها رموز عسكرية، واستخباراتية، وأكاديمية، واقتصادية، وسياسية، وتكنوقراطية، من إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، ومن العرب المتعاطفين مع إسرائيل، ولذلك يتصف مؤتمر هرتسيليا بأنه مؤتمر التحديات الصهيونية المتجددة، وأنه مؤتمر يحدد مستقبل إسرائيل في المنطقة، وقد أصبح مؤتمر هرتسيليا السنوي، أهم وأشهر مؤتمر سياسي يعقد في الكيان الصهيوني, ويرأس المؤتمر عادة عوزي آراد مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو , وهو الذي يمثل الواجهة السياسية للمؤتمر، بينما يمثل اللواء الاحتياطي غيئورا آيلاند رئيس مجلس الأمن القومي الواجهة العسكرية والأمنية للمؤتمر، وهذا الثنائي الدائم الذي لا ينفصل، يظهر للمؤتمر وجهان متكاملان، الوجه السياسي والوجه العسكري والأمني، والمبادرون لعقد هذا المؤتمر هم مجموعة كبيرة من الشخصيات البارزة في النخبة الأمنية والأكاديمية في إسرائيل، ولكنها محسوبة في اغلبها على المعسكر اليميني المتطرف، وخصوصاً في المواضيع التي تتعلق بالخارجية والأمن في إسرائيل.