ستروغوف هو كابتن بريد القيصر الذي يحمل رسالة مهمة إلى مدينة ايركوتسك في سيبيريا الشرقية لكن عربة القطارفي الطريق تتعرض لهجوم تتري بزعامة ايفان أوغاريف وهوضابط يقود جماعات التتر، فيتعرض ستروغوف خلال تلك الرحلة لمعاناة كبيرة غير أنه ينجح بفضل مثابرته وإخلاصه للقيصر وشجاعته في الوصول إلى الهدف المنشود حاملاً الرسالة المهمة.
علىخطا ستروغوف هذا وخلال ثلاثة أسابيع يسجل الأدباء الذي حملهم قطارسيبيريا انطباعاتهم ليخرج كل منهم بنتاج لتلك الرحلة فإما رواية كالتي كتبها فايليس دوكيرنفال «خط تماس باتجاه الشرق«صدرت عن دار فيرتيكال.
أو يوميات الرحلة على غرار ما كتب الروائي دومينيك فيرنانديز: «القطار العابر لسيبيريا« وصدر هذا العمل عن دار غراسيه، أوبحث تاريخي سياسي كالذي كتبته دانييل ساليينافي بعنوان: «سيبير«صادر عن دار غاليمار.
وقد صدرت هذه المنشورات جميعها مطلع هذا العام مع أن الرحلة قام بها الأدباء مابين 28 أيار -14 حزيران من العام 2010 قطعوا خلالها مسافة 9228 كم في مناطق سيبيريا الروسية التي طالما تغنى بها الأدباء الروس وغيرهم من أدباء أوروبا الغربية الذين أطلق عليهم عشاق الصحراء البيضاء.
ألم يكتب تشيخوف خلال رحلته إلى جزيرة سخالين: أتقدم.. أتقدم ولا أرى نهاية لهذا العالم. وتتوقف دانييل سالينافي مطولاً في بحثها عند الزمن الذي استغرقه تشييد هذا الخط الحديدي الهائل الذي تمكن الإنسان من إنجازه حيث تطلب العمل في أحد أجزائه جهد مئة ألف عامل ممن حكم عليهم بالأشغال الشاقة لتشهد سيبيريا أول مرة في التاريخ قطاراً يعبرها من الغرب من موسكو إلى بحر اليابان في العام 1891.
وكانت سيبيريا قد استرعت اهتمام كثير من الأدباء ليس فقط جيل فيرن إنما الكسندر دوماس في رائعته «سيد السلاح«عام 1840 ومما تناولته روائع هؤلاء أيضاً النهر الروسي المتجمد «الفولغا«.
كذلك كان الأمر بالنسبة لـ غوتييه وأندريه جيد«العودة من الاتحاد السوفييتي» وساندراس في قصيدته «إلى قطار سيبيريا«.
ويقترب القطار وفيه العشرات من الأدباء مع رواياتهم عن تلك الصحراء الناصعة البياض ومنهم تولستوي في أشهر أعماله «القيامة«ودوستويفسكي في «ذكريات منزل الأموات«وفاسيلي غروسمان «حياة وقدر«وفالمار شالاموف في روايته «كوليما«وغوركي الذي قضى شبابه في تلك البلاد حيث كتب أهم أعماله «طفولة وعالم الأنفاق«.
وفي كازان عاصمة تترستان يطل الشرق بجماله وسحره بقلم دانييل سالينافي من خلال روايتها «سيبر«حيث تتغنى بجمال الطبيعة ومآذن كازان إحدى أبرز المراكز الإسلامية في روسيا التي يسلط فيرنانديز في يومياته « قطار سيبيريا«الضوء على متاحف المدينة ذات الحضارة الإسلامية وينتقل بعدها إلى يكاتيرنبورغ المتكئة على جبال الأورال والفاصلة بين الأوروبيتين، وهنا تلتقط يوميات فيرنانديز عملية استخراج الملح من مقالعه واستخراج التوتياء.
وفي تلك البقاع تمت إبادة القيصر نيكولا الثاني مع أسرته عام 1918 حيث يتوقف الأديب عند ذلك وولادة روسيا من جديد.
وفي يومياته يطالع القارئ ثقافات نوفوسيبرسك مدينة سيبيريا الثقافية وجارتها كراسنو ريارس القوقازية واولان أودي البوذية الشامانية فهناك تصنع الطبيعة معجزات الإبداع الأدبي.
أما نهر اينيسي في سيبيريا الغربية فيعبر ميشيل ستروغوف مياهه فوق القرب العائمة كذلك الأمر بالنسبة لنهر بايكال حيث يعيش 2600 نوعً من الحيوانات النادرة وتظل غابات الصنوبر والسرو (التايغا) المتلصقة ببعضها السكة الحديدية التي تعبر سيبيريا الشرقية وقبل أن يصل القطار إلى بحر اليابان تلبس سيبيريا حلة جديدة كما يقول فرنانديز: إنها الساحرة التي تعلق الزمن إلى مالانهاية ليجتاز القطارنهر « الحب«المليء بالوحل وتختفي حقول النفط، وهو النهر الفاصل بين سيبيريا الصينية وسيبيريا الروسية.
وتنتهي الرحلة مع ذكريات تشيخوف وما كتبه حول تلك البقاع.
حين نرى بياض سيبيريا لا نهاب الموت.