إضافة إلى تعديل مهامه وارتباطه، بحيث يكون تابعاً للسلطة التشريعية، وعيناً لها، وينوب عنها في مراقبة الموازنات والحسابات وقطعها، بالتنسيق مع لجنة الإصلاح الإداري.. في ضوء كل ذلك نجد مايدعو إلى التفاؤل، شرط أن تأتي المحاسبة على قدر الفساد، وبمعزل عن أي تغطية، ومنأى عن الوساطة والمحسوبيات.
ولابد من الإشارة هنا، بألا يسقط سهواً بند الثواب الذي لابد أن يأتي في متلازمة واحدة بالتوازي مع -العقاب- فالاثنان ( أي الثواب والعقاب) وجهان لعملة واحدة هي (المحاسبة) بمعنى أنه لابد من التفكير بمكافأة من أبلى في عمله بلاءً حسناً، فارتقى بموازنة مؤسسته نحو الأعلى.
وقلّص نسب الهدر، وحدّ من أرقام الاستهلاك.. مثل مانفكر بمعاقبة من أساء وفرّط وهدر، ولايجوز أبداً: إهمال الأول، وغض النظر عن الآخر.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، لازال حياً في الذاكرة، أحد المديرين العامين، الذي كنت أعرفه خلال- الثمانينات- ممن كانوا يحرصون على إعادة بعض الوقت الذي حققه من المبالغ الفائضة عن استهلاك بعض بنود الانفاق في مؤسساتهم إلى الخزينة العامة للدولة، في تصرف ينمّ عن شعور نبيل بالمسؤولية والالتزام، بعيداً عن صرف النقود والاختلاس الذي تراكمت ملفاته حينئذ في محكمة الأمن الاقتصادي (المعمول بها حينئذ) ممن لم يكتفوا من مزايا المنصب وتعويضات المسؤولية والسفر، وبنود النثريات.
وهنا لابد من طرح السؤال: كيف سيتم مستقبلاً توصيف الفاسد، وما الآليات والمعايير التي سيتم ضبطه بها وهو الذي أتقن كما- الزيبق- التهرب من المساءلة والعقاب، ببهلوانية القفز والترقي عبر المناصب، وتبديل الأحصنة كلما شعر بتضييق أو خناق- ربما كان هذا مهمة- الجميع- في الهرم الوظيفي بدءاً من أصغر حلقة في القطاع، وانتهاء بأوسع دائرة تطفو على السطح، ولاسيما إذا ماعلمنا أن لجنة مكافحة الفساد بصدد وضع تعديلات واقتراحات وفق المهمة الموكلة إليها، منها إحداث فقشيات لها منظومة خاصة، كمركز خدمة مدني لمراقبة الأداء والعمل في مؤسسات وإدارات وأجهزة الدولة المختلفة.