تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


في الثقافي الفرنسي.. حســكو حســكو ..اســتعادة تشـكيلية لأرض الذكريـات

ثقافة
الاثنين 5-1-2009م
أديب مخزوم

يمنحنا معرض الفنان حسكو حسكو في المركز الثقافي الفرنسي في دمشق، انطباعات استمرارية تجربته السابقة والتواصل والتنوع والاقتراب من التشكيل الحديث، الذي يعني الوصول إلى ضفاف تعبيرية خاصة ومميزة.

فهو يعمل وفي كل مرة لاستعادة مجد اللمسة التعبيرية والصياغة الاسطورية والبدائية ويدمج بينهما منطلقاً من اتجاهات فنية معاصرة اتخذها كإطار تشكيلي ثقافي، وأيضاً من خلال إظهار تلقائية اللمسة اللونية وايحاءاتها العاطفية ودفقها الصريح والمباشر.‏

وإلى جانب الجرأة في تشطيب طبقات اللون وادخال قصاصات ورقية أحياناً إلى فسحة اللوحة «كولاج» يجاهر أيضاً بتقنيات خلط المواد اللونية، ويجسد الاشكال المختلفة أحياناً بخطوط قلمية فوق طبقات اللون، ويمنح اللوحة أحياناً أخرى ايحاءات طفولية يبحث من خلالها عن مفاصل تعبيرية صعبة تصل إلى حدود تخيل الشكل خارج المعطى البصري الواقعي.‏

هكذا يظهر الهاجس التعبيري التحويري كعنصر رئيسي في مجمل لوحاته السابقة والجديدة، ولهذا فهو لا يعطي أهمية للون ذي المرجعية الواقعية، واشكاله المرسومة على هذا الأساس لا تأخذ لونها الطبيعي في لوحاته، ولا نجد اهتماماً عن قصد في إبراز الابعاد (تدرجات الظل والنور) داخل المدى التشكيلي، بقدر الاهتمام بالحساسية الخطية واللونية من منظور تطور الفنون التشكيلية الحديثة.‏

فاللمسات والحركات والمناخات اللونية تكشف في جوهرها عن هواجسه الأسلوبية الخاصة، وتعكس ايقاعات التفاعل والانفتاح على الطروحات الثقافية والفنية والتقنية المعاصرة، ولهذا تأتي التجربة التشكيلية في لوحاته مفتوحة على أسلوب التبسيط الشكلي العفوي، إلى جانب إعطاء أهمية أساسية لحضور الأجواء اللونية المقمشة التي تساهم في اظهار القيمة الفنية والتشكيلية للوحة بعيداً عن الابهار اللوني الصالوني.‏

والمعرض يسجل مرحلة انتقالية في تجربته، من معطيات المناخ الضوئي الخافت الذي كنا نجده في أكثرية أعماله السابقة، إلى مظاهر الانحياز نحو إشعاعات الضوء المقروء على الأقل في البياض اللوني، الذي يكسر عتمة العناصر والاشكال المتخيلة في إطار اللوحة، مع اتجاهه في بعض لوحاته الجديدة لتقديم العناصر والرموز والأشكال على هيئة شجرة، وهذا يعني أن المعالجة التحويرية تظهر في لوحاته بمزيد من التقابل اللوني بين المظلم والمضيء.‏

وفي لوحاته يتواصل حسكو حسكو مع هواجسه التشكيلية التعبيرية والفطرية أحياناً في تبسيط الاشكال الإنسانية والنباتية والحيوانية (زواحف صحراوية وحيوانات أليفة ومتوحشة) إضافة لاستيحاء العناصر المختلفة المستمدة من تأملاته لقرى وسهول الجزيرة السورية، كل ذلك بأسلوب تشكيلي حديث فيه كثافة لونية في أكثر الأحيان، تتأسس على أبعاد داخلية تتناسب مع الحالة النفسية، وتؤكد هذا الالغاء الكلي للمساحة اللونية الصافية في خطوات التعبير عن أحاسيسه وتطلعاته وانطباعاته التعبيرية والجمالية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية