تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


غزة تنتصر بالدم والتحدي

آراء
الاثنين 5-1-2009م
أحمد صوان

هي غزة العصية على مر التاريخ فلا زمان على الغزاة والمحتلين أرض البطولات والصمود والتضحيات، هي اليوم في عين العاصفة، وتحت النار والقصف والتدمير، ولن تركع أو تخضع أو تستسلم، فهي لاتعرف الراية البيضاء، بل راية النضال والمقاومة والتحدي.

شكلت غزة هاجساً وعبئاً كبيرين على الاحتلال الإسرائيلي، منذ أن جثم على أهل غزة وأراضيها في العام 1967، فقاومت وتحدت، وكانت أرض الثورة والعنفوان والشموخ، أراد إسحق رابين أن يبتلعها البحر، ويخلص منها، كما أراد شارون ذات مرة أن يستيقظ ولايجدها شارون على خارطة الزمن والتاريخ والجغرافيا، لذلك هرب منها وتركها حتى لا يصاب بدوار بحرها، ولا برصاص مقاومتها، وحين كانت انتفاضة عام 1987، كانت غزة هي الراية، وهي الفعل، بل الشرارة التي التهبت واتسعت وامتدت إلى كافة المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية وأراضي عام 1948، إلى كل فلسطين المحتلة من النهر إلى البحر.‏

ولم يجد رابين حتى في ظل المفاوضات السيئة الصيت والسمعة (مفاوضات أوسلو) إلا أن يعلن شعار «غزة أولاً» ليخرج من جلدها الذي لف بناره ومقاومته وتحديه للاحتلال حول عنقه، فأراد من وراء ذلك أن يحرر احتلاله من عناء وبطولات وتضحيات أهل غزة، في مقاومتهم العنيدة والصلبة للاحتلال، وأراد أيضاً أن يقطع أوصال غزة عن محيطها الفلسطيني والعربي، عن باقي أراضينا المحتلة في فلسطين، وفي الضفة، فكانت غزة عنوان الرفض والتحدي لآلة الحرب الإسرائيلية، وخططها وتكتيكاتها، فلم تنجح أضاليل رابين وعمليات خداعه بمقايضة غزة بغيرها من الأراضي الفلسطينية.‏

وحين زرع مجدداً أساليب التهجير والتشريد لأهل غزة ومناضليها حين أبعد 415 مناضلاً ومقاوماً معظمهم من غزة إلى جنوب لبنان في مرج الزهور، اكتشف كم هو خائب في سياسته هذه، لأن كل واحد من هؤلاء المناضلين كان بحجم القضية الفلسطينية، وبحجم مقاومة الشعب لنيل حقوقه في استعادة أرضه.‏

وإن كان من ذكر في هذا المجال، فكل أولئك المبعدين، وفي مقدمتهم الشهيد المناضل عبد العزيز الرنتيسي كانوا عنواناً ساطعاً وكبيراً للصمود والمقاومة والتحدي، وعنواناً من أجل بذل المزيد من الجهد والامكانية والطاقة لتحرير الأرض واستعادة الحقوق إن الشواهد أكثر من أن تحصى بعجالة وكلها تصب في أن غزة أرض النار والبارود والمقاومة، شكلت في تصديها للاحتلال الأمل الكبير في الخلاص من الاحتلال الإسرائيلي.‏

وفي الخلاص من جبروته وعنفه وارهابه ومجازره وجرائمه، وكانت على الدوام بوصلة إلى الحرية والحياة والإبداع في الصمود والصبر.‏

غزة البطلة تقف اليوم شامخة تستمد سبل وأشكال تحديها للقوة الإسرائيلية، ولحرب الإبادة التي فتح أبوابها الاحتلال على مصراعيها في غزة من ذلك الإرث النضالي المقاوم الذي خط سطوره بكل عزم وإصرار وتصميم أبناء غزة في مواجهة ومقاومة اغتصاب فلسطين عام 1948، ومن ثم في مقاومتهم للعدوان الثلاثي على نحو رائع وخلاق ومبتكر.‏

بطريقة وأسلوب «حرب العصابات» في عام 1956، ومن ثم أيضاً الصمود البطولي والرائع في الدفاع عن غزة في حرب حزيران 1967، عبر كتائب معدودة من قوات جيش التحرير الفلسطيني والتي لم يمض على إنشائه سوى ثلاث سنوات بعد إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1964، وتواصلت مسيرة النضال لأهلنا في غزة فكانت رموزها المقاومة خير دليل على أن الشعب هو المنبع الذي لا ينضب من الرجال والأبطال والمقاومين، ومن هنا وحين نذكر غزة، نذكر وعلى الفور يحيى العياش «المهندس» وجيفارا غزة، ورشاد الشوا، وفهمي الحسيني والشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي والشاعر معين بسيسو وهارون هاشم رشيد، والمناضل الصلب حيدر عبد الشافي، وغيرهم من السياسيين والمقاومين والمبدعين و اسماعيل شموط الفنان الذي حمل فلسطين على كتفيه، وبريشته إلى العالم أجمع ,وها هي غزة اليوم تشعل في السهول والساحات والميادين انتفاضة بل انتفاضات في كل العواصم والمدن العربية والاسلامية وفي المدن الغربية تضامناً ونصرة للشعب الفلسطيني وحقوقه وقضيته العادلة في مواجهة آلة الحرب العدوانية والوحشية والنازية الإسرائيلية، فالدم ينتصر في غزة على الفتك والجرائم الإسرائيلية، كما ينتصر نور الضوء على الظلمة والعتمة وكما تنتصر الإرادة، إرادة المقاومة، على الاحتلال مهما كانت التضحيات ومهما غلا الثمن.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية