تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ما المستطاع عربياً ؟.. سؤال الراهن والممكن..

آراء
الاثنين 5-1-2009م
يوسف مصطفى

في إطار مقاربتنا الفكرية للواقع العربي اليوم، وسياقه التاريخي، وهموم النهوض العربي والمتاح، والممكن اليوم، وقد ضعف وخبا الحراك الوحدوي، وحتى التضامن العربي لأسباب ذاتية وموضوعية ، يعرف العديد من أسبابها ،

وعناوينها أمام هذا الواقع العربي، وأمام الخيار الاستراتيجي الذي يحكم وجودنا القومي في هذا الزمن العالمي الصعب، وهو خيار/ العمل القومي/ وضرورته في تأمين/معادلٍ وزني/ للوجود العربي في معادلة القوى، والكتل العالمية الكبرى يمكن أن يطرح اليوم سؤال/الممكن/ الذي لا يحتاج الكثير.. فما بعض هذا الممكن ؟..‏

إن أي تغيير في العالم يبدأ فكرياً.. فإذا كنا نشكو في مشهدنا الثقافي العربي من البعثرة، وغياب التيارات الفكرية، والثقافية الفاعلة في محيطها الاجتماعي، والقادرة على نشر بذور التغيير، واستنهاض سؤال ما العمل؟ وكيف ، ومن أين نبدأ؟ إن تقديم خطابٍ مقاربٍ ومؤثر وعبر كل الوسائل الثقافية المتاحة، هو مسؤولية المثقف الذي وصفه /جورج لوكاش/ (بالمثقف العضوي )الذي يحمل فكره، ويتمثل هذا الفكر حراكاً اجتماعياً، وتواصلاً في محيطه، وتوصيلاً، وخطاباً يومياً له مستوياته في الوصول الاجتماعي، يحمل عقلانيته، وتواضعه ، ولغته، وهذا غير حاصل في الكثير من خطابنا الثقافي.. فالكثير مما يلقى، ويكتب يذهب أدراج الرياح، وأصحابه لا يغادرون بيوتهم، ولا يتواصلون مع مجتمعاتهم، وقد يمضون أوقاتهم في التسلية ومشاغل أخرى؟ وكأن على الأفكار التي قدمت أن تسري بذاتها، وتصل للآخرين.‏

وفي هذه الحالة يكون وصولها ضعيفاً ، وتأثيره أضعف.. أما الأقوى وصولاً وتوصيلاً فهو حوار المثقفين، واشتغالهم في محيطهم بمسؤولية الكلمة وبالواقعية المطلوبة، والإمكانية المتاحة، والصبر وتقديم/ الأنموذج والمثال/ هذا هو / المثقف العضوي/ .. غير البعيد عن محيطه وتأثيره، وهذه مسألة متاحة بنسبةٍ أو أخرى للمثقفين العرب ولدورهم الاجتماعي، وهي جزء هام من التبشير الثقافي المجتمعي العقلاني بالحياة العربية، وهمومها ، وضروراتها، وجزءٌ من الحراك الفكري في الساحات الاجتماعية العربية، التي يسيطر عليها الفكر السلفي، والمتخلف والخرافي ..قد يكون اختراق هذه الساحات ، ومجتمعاتها أمراً صعباً، لكن مقاربة أفراد التنوير فيها، والأخذ بيدها وولادة نماذج ثقافية تنويرية في هذه البيئات أمرٌ ضروري، وإلا سيبقى الآخر المتخلف يحفر فيها عميقاً، ويزيد عزلتها، وانكفاءها، وبعدها عن ساحات التنوير والتقدم، وضياعها في انشغالات الماضي، وتراكمها.. والتي قد لا تقدم المطلوب، والمعاصر والنهوض، والمواكبة العالمية.‏

إنها الصحوة المعرفية ومراجعة/ الذات الثقافية/ وموقعها ودورها على رصيف الحضارة ومتطلبات استنهاضها.. هذه الصحوة محركها الرئيسي /العقلانية/ ومنهجها/ النقدي/ المستمر المحاكم مع الذات أولاً ومراجعتها: فردية، وجماعية، إنها حقيقة( اعرف نفسك).‏

هذه الصحوة المعرفية يجب أن تبدأ ، وهي عنوانٌ كبير يلتقي عليه المثقفون العرب بكل اتجاهاتهم، وساحته/اجتماعية/ ، وعناوينه عقليةٌ وتنويريةٌ، ومحاكمةٌ ونافذةٌ.. والكتابة فيه عنوانها.. /البحث الصادق/ وما تعنيه الصدقية من شفافيةٍ، ووضوحٍ والتزام ومسؤولية بعيدةٍ عن الهوى، والتوظيفات، والشلل، والمجموعات، والأسراب الثقافية التي قد يجمعها الطعام والشراب أحياناً لتنتفض، وتعود إلى ذاتها الفردية، وأحلامها الشخصية، وهي مشكلة كبيرة في البناء الفردي/ السيوسيولوجي/ الداخلي لفردنا الثقافي العربي مع عدم التعميم ، فللكثرين دورهم بمستوى أو بآخر.. فإذا كانت هذه /الصحوة المعرفية/ كأحد مشاعل النهوض الحضاري، لن تبدأ اليوم، والواقع العربي يعاني ما يعانيه ، فمتى ستبدأ؟!‏

لابدّ للمثقفين والمفكرين العرب من الصحوة، واغتنام الفرص العربية المتاحة، لتحريك الصحوة العربية الاجتماعية.. لابدَّ من تعديل نمط الخطاب الثقافي وتجاوز خطاب/الشكوى والبكاء/ على الزمن العربي، وخطاب التطرف، والحدية غير العقلانية، والانحياز. الايديولوجي/ الذي لا يقبل ثقافة المختلف.. وكذلك التطير/ المثالي/ في الأوهام، وغير الممكن..‏

فالواقعية رؤية/عقلانية/ ونمطٌ ديناميٌ في التفكير، يبدأ بالسهل والممكن ويملك مساره، واختراقه الاجتماعي، وله طرقه ، وآلياته، وليست الواقعية/استسلاماً/ أو ارتداداً، أو يأساً، أو عجزاً، أو بكاءً وشكوى.‏

إن الوعي العربي السائد مخترقٌ ، وقابلٌ للتزييف بسهولة، وغير محصنٍ ضدّ منزلقات الاستهواء، والاستغلال ، وشعارات اليمين، واليسار وغيرها.‏

إن تحصين هذا الوعي، وإعادة بنائه، وتطوير القائم إيجابياً فيه هو تأسيس معرفي /للذات/، وللواقع.‏

ولم تعد /التمارين الذهبية/ وتنظيراته كافيةٌ، لا بد من إعادة تركيبها ، وترتيبها باتجاه إحداث واقعية وفعل تأثيرها و /عضوية ثقافتها / واستيلاد /خصوصية تأثيرها/ في الذات المجتمعة العربية، إنه سؤال الممكن والواقع وكيف السبيل والعمل.‏

كاتب وباحث‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية