تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ســــاكتون كالأمــــوات

آراء
الاثنين 5-1-2009م
جلال خير بيك

ودعنا عاماً واستقبلنا عاماً جديداً، على وقع القصف والقذائف الصهيونية التي أهدتها لنا إدارة بوش المجرمة وتحول أهلنا في قطاع غزة إلى أشلاء كان الأطفال عنوانها الأبرز.

ولا تزال آلة الحرب الصهيونية مستمرة في قصفها السكان العزل، فأعوام الحروب عندهم لا تنتهي وعطشهم المزمن للدماء لا يتوقف عند حدود..إنها حرب بوش وأولمرت وأزلامهما في كراسي الحكم العربية، إذ لا بد لهم من اجتثاث المقاومة الفلسطينية مثلما حاولوا ذلك في جنوب لبنان وفي العراق..لكن المقاومة بقيت وهم ذاهبون عن عروشهم إلى غير رجعة..فبوش انتهت ولايته لا أعادها الله على شعوب العالم..وأولمرت يلون أيامه الأخيرة بدماء الأبرياء..وأصحاب السيادة والجلالة في كراسي الحكم العربية تهتز عروشهم من تحتهم على وقع نبضات وهدير خناجر وأقدام الشارع العربي.‏

ماذا قدمت تلك العروض لغزة سوى الاستغراب أو الاستنكار في أحسن الأحوال؟ إنهم لا يتقنون إلا فن الكلام إن سمح لهم أسيادهم بالكلام..فلم يبق من «نخوتهم العربية» إلا بعض مساعدات تمنع من دخول المعابر إذ لا تسمح به عروش أصحاب السيادة لأن السلطة ليس لها ممثل هناك ولأنهم أيضاً لا يستطيعون خرق الاتفاقيات الدولية، فلكأن دماء الأطفال والنساء وهي تنزف في قطاع غزة، تستطيع أن تتحمل برهة أخرى لتنعقد القمة العربية ويتفق العربان على ما لم يتفقوا عليه أبداً.‏

أيتها الدماء العزلاء التي تجابه آلة الحرب الصهيونية وقذائفها وصواريخها، لم يبق لك سوى أن تواجهي بصدور أبنائك العارية كل ذلك الحقد الصهيوني المجرم، وذلك الصمت العربي الأكثر إجراماً..وإذا كان لا يزال لك من بقية تقول لا..وتقف معك تكالبوا عليها من كل حدب وصوب بأنياب من بترول وذهب وتيجان وعمالة..وينهالون عليها بوحشية تنسى التاريخ وتحترم جداً جداً الاتفاقيات الدولية..الاتفاقيات مع من، مع الدولة الصهيونية المجرمة.‏

لقد انشغلوا عنك أيتها الدماء العزلاء في قطاع غزة وتفرغوا للتنظير ومحاولة الوصول إلى اتفاق على عقد قمة بتراء لا يصدر عنها إلا الأصوات والأقوال بينما تموتون أنتم بالتقسيط حيناً وبالجماعة حيناً آخر.‏

يقال إن لكل أمة دوراً في حقب التاريخ تؤديه وتغيب ونخشى أننا وصلنا فعلاً مرحلة الغروب والغياب.‏

هكذا كانت جراح الأمة تنزف في بلاد الرافدين في بغداد الرشيد..فأين هو الرشيد الآن ليراها؟ لقد أدى دوره ومضى بينما تنزف جراح مواطنيه من أقاصي العراق إلى أقاصيه، وتمزق أرضه-أرضهم وهم ينتظرون وقفة العربان العربية!! وساعة انتهاء عصر أزلام بوش وزبانيته في بلاد الرافدين.‏

ما الذي تمخضت عنه تلك الخطب العصماء وذلك الشجب الغاضب وتلك المظاهرات التي عمت الدنيا وليس بلادنا العربية وحدها؟ هل استطاعت إيقاف صاروخ صهيوني أميركي الصنع؟! أو قدمت وقاية لجموع أطفال غزة وهم يتساقطون جماعات بريئة تموت بالمجان؟ أو وفرت للجراح النازفة آلة طبية لوقف نزيفها أو كادراً طبياً ينقذها من أشباح الموت؟! أو حبة دواء واسعافات تمنع الموت عمن لا يزال فيهم رمق؟‏

إن آلة الحرب الصهيونية ماضية في تنفيذ ما أراده جورج بوش وأزلامه في كل الأرض العربية من استئصال أي مقاومة عربية لإعادة خلق الهيكل الصهيوني في أرض ليست أرضه.‏

في أرض شرد أهلها في بلاد الدنيا وأعلى فيها ذلك الكاوبوي المتصهين راية سفك دماء العرب ودماء الشعوب وقتل مقاومتها وهو في النزع الأخير، إذ يغادر البيت الأبيض بعد قليل وفي يده أشلاء أهلنا في جنوب لبنان وفي يده الأخرى أشلاء أهلنا في العراق وفي قلبه حقد غير مسبوق لا يدري كنهه أحد، حقد لايؤمن إلا بقتل الشعوب ونهب خيراتها والتحكم بمصائرها..يمضي وفي يديه وقلبه ذلك الحقد الأعمى وعلى جبهته فردتا حذاء منتظر الزيدي العربي العراقي علامة فارقة تلازمه مدى الحياة وتلازم قبره وذكراه إلى الأبد.‏

أيتها الجراح العزلاء في غزة..أيتها الدماء النازفة ذوداً عن الأمة التي لم تقدم لك إلا البكاء والهتافات..أيتها الأشلاء الحبيبة لأطفال في عمر الورود..أيتها البيوت التي هدمها القصف الصهيوني على رؤوس من فيها من الأبرياء من شيوخ وأطفال ونساء وهي تحتضن ذكريات مديدة لمن عاشوا فيها.أيها الحكام العرب الصامتون أين نخوتكم؟ أيتها الأرض المستباحة وكأن لا حامي لها إلا هؤلاء المحاصرون العزل بصدورهم العارية..أيها..أيها..إننا لنخجل من أن تستباح أرضكم وأعراضكم على هذه الشاكلة وأنتم سكوت..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية